** قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }
** وقال : { إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ }
** وقال : { أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا }
** وقال : { وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا }
** وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ: رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، « … وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ » متفق عليه .
** وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ » متفق عليه .
أي : لا وصول لأحد إلى الْجَنَّةَ إِلَّا بفعل الْمَكَارِهِ من الطاعات، وَلا نجاة لأحد من النَّار إلا بِترك الشَّهَوَاتِ من المحرمات .
** وفي ( تفسير ابن كثير )، ط العلمية (8/ 297) :
** وَقَوْلُهُ تعالى: { وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا } أَيْ بِسَبَبِ صَبْرِهِمْ أَعْطَاهُمْ وَنَوَّلَهُمْ وَبَوَّأَهُمْ جَنَّةً وَحَرِيراً أَيْ مَنْزِلًا رَحْبًا وعيشا غيدا وَلِبَاسًا حَسَنًا.
** وَرَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ هِشَامِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ سُورَةُ هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ فَلَمَّا بَلَغَ الْقَارِئُ إِلَى قَوْلِهِ تعالى: { وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً } قَالَ: بِمَا صَبَرُوا عَلَى تَرْكِ الشَّهَوَاتِ فِي الدُّنْيَا .
** ثُمَّ أنشد يقول: [الطويل]
كَمْ قَتِيلٌ بِشَهْوَةٍ وَأَسِيرٌ *** أُفٍّ مِنْ مُشْتَهِي خِلَافَ الْجَمِيلِ
شَهَوَاتُ الْإِنْسَانِ تُوْرِثُهُ الذُّلَّ *** وَتُلْقِيهِ في البلاء الطويل
.اهـ
** وفي كتاب : ( الفوائد )، (ص: 139):
** فصل الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة فإنها :
** إما أن توجب ألما وعقوبة .
** وإما أن تقطع لذة أكمل منها .
** وإما أن تضيع وقتا إضاعته حسرة وندامة .
** وأما أن تثلم عرضا توفيره أنفع للعبد من ثلمه .
** وأما أن تذهب مالا بقاؤه خير له من ذهابه .
** وإما أن تضع قدرا وجاها قيامه خير من وضعه .
** وأما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ وأطيب من قضاء الشهوة .
** وأما أن تطرق لوضيع إليك طريقا لم يكن يجدها قبل ذلك .
** وأما أن تجلب هما وغما وحزنا وخوفا لا يقارب لذة الشهوة .
** وإما أن تنسى علما ذكره ألذ من نيل الشهوة .
** وأما أن تشمت عدوا وتحزن وليا .
** وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة .
** وأما أن تحدث عيبا يبقى صفة لا تزول ؛ فان الأعمال تورث الصفات والأخلاق . اهـ
** والله الموفق .
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الإثنين 23 / 10/ 1438 هـ