سلسلة الفوائد اليومية:
الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ
** إن من أعظم القواعد الشرعية والسنن الربانية التي لا تتخلف ولا تتغير قاعدة:(الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ)، وهي أن يجازي الله العبد من جنس عمله في الخير والشر؛ ليعرف العباد عدل الله وحكمته ورحمته، وليرغبوا في فعل الطاعات ويحذروا من ارتكاب المعاصي والمنكرات؛ فإن الْجَزَاءً مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ.
** قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ}
** وفي الحيث: [يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ»] رواه مسلم (4/ 1994) برقم:(2577) عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رضي الله عنه.
** وقد دلت الأدلة الكثيرة المتكاثرة من الكتاب والسنة على هذه القاعدة العظيمة.
** فمن ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}
** أي: إن تنصروا دين الله وشريعته بالعمل بها، فعلا للمأمورات وتركا للمنهيات، ينصركم الله على أنفسكم، وأعدائكم من شياطين الجنّ والإنس، فإن الجزاء من جنس العمل.
** وقوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}
** وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ}.
** وقوله تعالى: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}
** وقوله تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}
** وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ”
** وقوله تعالى:”وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ}
** وقَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}
** وقوله تعالى:{إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ . . . ) الحديث رواه مسلم (4/ 2074)برقم:(2699)
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً “
** وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ، وَمَنْ لَا يَغْفِرْ لَا يُغْفَرْ لَهُ ” رواه أحمد وصححه الألباني
** قال ابن القيم في كتابه:(إعلام الموقعين),(1/ 150):
** وَلِذَلِكَ كَانَ الْجَزَاءُ مُمَاثِلًا لِلْعَمَلِ مِنْ جِنْسِهِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ،
فَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ،
** وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ،
** وَمَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ،
** وَمَنْ أَقَالَ نَادِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
** وَمَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ،
** وَمَنْ ضَارَّ مُسْلِمًا ضَارَّ اللَّهُ بِهِ،
** وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ،
** وَمَنْ خَذَلَ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ نُصْرَتُهُ فِيهِ خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ نُصْرَتُهُ فِيهِ،
** وَمَنْ سَمَحَ سَمَحَ اللَّهُ لَهُ،
** وَالرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ،
** وَمَنْ أَنْفَقَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ،
** وَمَنْ أَوْعَى أَوْعَى عَلَيْهِ،
** وَمَنْ عَفَا عَنْ حَقِّهِ عَفَا اللَّهُ لَهُ عَنْ حَقِّهِ،
وَمَنْ تَجَاوَزَ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ،
** وَمَنْ اسْتَقْصَى اسْتَقْصَى اللَّهُ عَلَيْهِ؛
** فَهَذَا شَرْعُ اللَّهِ وَقَدَرُهُ وَوَحْيُهُ وَثَوَابُهُ وَعِقَابُهُ كُلُّهُ قَائِمٌ بِهَذَا الْأَصْلِ، وَهُوَ إلْحَاقُ النَّظِيرِ بِالنَّظِيرِ، وَاعْتِبَارُ الْمِثْلِ بِالْمِثْلِ. اهـ المراد
** وما أحسن هذه الأبيات- وتنسب للأمام الشافعي,رحمه الله تعالى:
عِفُّواْ تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ في المحْرَمِ *** وَتَجَنَّبُواْ مَا لاَ يَلِيقُ بِمُسْلِمِ
مَنْ يَزْنِ في بَيْتٍ بألفَي درهمٍ *** في بَيْتِهِ يُزْنَى بِدُونِ دَرَاهِمِ
مَنْ يَزْنِ يُزْنَ بِهِ وَلَوْ بجِدَارِهِ *** إِنْ كُنْتَ يَا هَذَا لَبِيبَاً فَافْهَمِ
إِنَّ الزِّنَا دَيْنٌ فإِنِ اقْرَضْتهُ *** كَانَ الوَفَا مِن أَهْلِ بَيْتِكَ فَاعْلَمِ
** وقال آخر:
وَمَا مِنْ يَدٍ إِلَّا يَدُ اللَّهِ فَوْقَهَا *** وَلَا ظَالِمٍ إِلَّا سَيُبلَى بِظَالِمٍ
** وقال آخر:
اصبر على الظلم و لا تنتصر*** فالظلم مردود على الظالم
** وقال آخر:
و كم من حافر حفرة لامرئ*** سيصرعه البغي فيما احتفر
** وقال آخر:
قضى الله أن البغي يصرع أهله *** و أن على الباغي تدور الدوائر
ومن يحتفر بئراً ليوقع غيره *** سيوقع في البئر الذي هو حافر
** وقال آخر:
ومن يبغ أو يسعى إلى الناس ظالما*** يقع غير شك لليدين وللفم
** وأنشد الأزدي:
وقِّر مشايخ أهل العلم قاطبة * * * حتى تُوقَّرَ إن أفضى بك الكبرُ
واخدم أكابرهم حتى تنال به * * * مثلاً بمثلٍ إذا ما شارف العُمُرُ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** السبت 29/ 2 / 1439 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط:
https://binthabt.al3ilm.net/11613
==========================