سلسلة الفوائد اليومية:
الحقوق الزوجية / الحلقة الرابعة / وصايا للزوجين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصبحه أجمعين.
أما بعد: فهذه بعض الوصايا النافعة للزوجين الكريمين، التي إذا امتثلاها سعدا – بإذن الله – في الدنيا والآخرة.
** الوصية الأولى:
** الوصية بتقوى الله جل وعلا؛ فإنها خير وصية نتوصى بها،
** إذ هي وصية الله سبحانه وتعالى للأولين والآخرين،
** ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته من بعده،
** ووصية عباد الله الصالحين بعضهم بعضا.
** قال الله تعالى: {وَللَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا}
** وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» رواه أحمد وغيره، [وحسنه الألباني]
** وفي كتاب: (جامع العلوم والحكم) ت الأرنؤوط (1/ 406):
(… وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى رَجُلٍ: أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا، وَلَا يَرْحَمُ إِلَّا أَهْلَهَا، وَلَا يُثِيبُ إِلَّا عَلَيْهَا، فَإِنَّ الْوَاعِظِينَ بِهَا كَثِيرٌ، وَالْعَامِلِينَ بِهَا قَلِيلٌ، جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنَ الْمُتَّقِينَ…). اهـ
** فعلى الزوجين أن يتقيا الله في جميع أمورهما، وأن يعامل كل واحد منهما الآخر معاملة ترضي الله.
** فإن قصر أحد الزوجين في أداء الواجب الذي عليه فلا يقصر الطرف الآخر.
** قال الله تعالى: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}
** قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ»
رواه أبو داود (3/ 290)، وقال الألباني: [حسن صحيح]
** فمثلا: إذا علمت الزوجة أن زوجها زنى، فلا تقل: وأنا سأذهب وأزني مثله، أو قصر الزوج في حقها أو سبها أو منعها بعض حاجاتها، تقول: وأنا سأعاقبه، فتمنعه حقه أو تضيع ماله، أو نحو ذلك
** الوصية الثانية:
** الحرص الشديد على تحقيق التوحيد، وذلك بأن يعتمدا كل الاعتماد على الله وحده في جلب المنافع ودفع المضار،
** وأن يبتعدا كل البعد عن كل الشركيات والخرافات،
** فلا عزائم ولا تمائم، ولا حتليت، ولا ملح للجن، ولا جنبية أو عطيف (حجاب من الجن)، ولا ذبح للجن عند دخول الزوجة، ولا غير ذلك من الشركيات والخرافات التي يعملها كثير من الناس رجلا ونساء؛ فالنفع والضر، والسعادة والشقاوة، والصحة والمرض، والإنجاب والعقم، كله من عند الله سبحانه وتعالى.
كما قال الله – على لسان إبراهيم الخليل -: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}
** وقال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
** وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “…
** وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ “.
رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني.
** الوصية الثالثة:
** الوصية بطلب العلم النافع علم الكتاب والسنة الذي يعرف كلا من الزوجين بحقوق الآخر.
** قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)
** و(الْهُدَى): هو الْعِلْمِ النافع و(دِينُ الْحَقِّ): هو الْعَمَلِ الصالح.
** وعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) متفق عليه
** فبالعلم تبنى الأسر والمجتمعات والدول بناء قويا، وبه تعرف الأحكام من الحلال والحرام.
** فخير الدنيا والآخرة مع العلم، وشر الدنيا والآخرة مع الجهل.
** وفي كتاب: (شرح السنة) للبغوي (1/ 279):
** وَقَالَ قَتَادَةُ: بَابٌ مِنَ الْعِلْمِ يَحْفَظُهُ الرَّجُلُ لِصَلاحِ نَفْسِهِ، وَصَلاحِ مَنْ بَعْدَهُ، أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ حَوْلٍ.
** وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا عُبِدَ اللَّهُ بِمِثْلِ الْفِقْهِ. اهـ المراد
** قال الشاعر:
العلم يبني بيوتا لا أساس لها *** والجهل يهدم بيوت العز والشرف
** الوصية الرابعة:
** الحرص الشديد على المحافظة على الصلوات في أوقاتها، كما أراد الله سبحانه وتعالى، وكما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
** قال الله تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ}
** وعَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ” رواه البخاري
** فكثير من الزوجات لا يصلين في وقت العرس، بحجة أنها مشغولة بأمور العرس والزينة ونحو ذلك.
** وكثير من الأزواج لا يصلون في الشهر الأول من الزواج الذي يسمونه بشهر العسل، الذي حقه أن يسمى: (شهر الغفلة والبعد عن الله جل وعلا).
** فالبيت الذي لا يصلي أهله بيت خراب ودمار وشقاء ونكد؛ لأنه يكون – حينئذ – مأوى للشياطين.
** قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}
** وقال تعالى عن نبيه إسماعيل عليه السلام: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}
** بل إن النبي صلى الله عليه وسلم رغب الزوجين أن يتعاونا على قيام الليل، فكيف بالفرائض.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ، نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ» رواه أحمد وغيره، وقال الشيخ الألباني: (حسن صحيح)، وقال شيخنا الوادعي: (هذا حديث حسن).
** وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ»
رواه أبو داود وغيره [وصححه الألباني]
** وهكذا ينبغي لهما أن يتعاونا على المحافظة على النوافل القبلية والبعدية، وصلاة الضحى؛ فإن فيها الأجر العظيم والنفع العميم.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ اللَّهَ قَالَ: …
** وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ،
** وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ،
** فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا،
** وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، … ” رواه البخاري
** وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مُرْنِي بِعَمَلٍ، قَالَ: ” اعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَسْجُدَ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَ اللهُ لَكَ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً ” رواه أحمد وغيره، [وصححه الشيخان: الألباني والوادعي]
** وعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى» رواه مسلم.
** الوصية الخامسة:
** القناعة.
** وذلك أن يقنع كل منهما بالآخر: بصورته، وطوله أو قصره، ونحافته أو سمنه، وقليله أو كثيره، وغير ذلك.
** فإن في ذلك الراحة والطمأنينة والرضا بما كتبه الله للعبد.
** قال الله تعالى: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}.
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ»
متفق عليه.
** وفي كتاب: (المفهم)، (9/ 62):
** قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((ليس الغنى عن كثرة العرض))- بفتح العين والراء -، وهو: حُطام الدنيا ومتاعها…).
** ومعنى هذا الحديث: أن الغنى النافع أو العظيم أو الممدوح، هو غنى النفس، وبيانه: أنه إذا استغنت نفسه كفّت عن المطامع، فعزّت وعظمت، فجعل لها من الحظوة والنزاهة والتشريف والمدح أكثر ممن كان غنيًا بماله، فقيرًا بحرصه وشرهه، فإن ذلك يورطه في رذائل الأمور، وخسائس الأفعال، لبخله ودناءة همّته، فيكثر ذامُّه من الناس، ويصغر قدره فيهم؛ فيكون أحقر من كل حقير، وأذل من كل صغير. اهـ
** وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ» رواه مسلم.
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ،…) رواه أحمد وغيره، [وحسنه الألباني]
** وهذه قصة واقعية في القناعة وعدمها، وفيها لنا العظة والعبرة،
وهي قصة إسماعيل عليه السلام – في حديث طويل – عندما كبر وتزوج.
** عن ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قال:…
وَشَبَّ الغُلاَمُ وَتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ،
** فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ [يعني: من قبيلة جرهم]، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ،
** فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا،
** ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ،
** قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ،
** فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ: هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟
** قَالَتْ: نَعَمْ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ،
** قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ،
** قَالَ: ذَاكِ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الحَقِي بِأَهْلِكِ، فَطَلَّقَهَا،
** وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا،
** قَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟ قَالَتِ اللَّحْمُ، قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ؟ قَالَتِ المَاءُ. قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالمَاءِ،
** قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ».
** قَالَ: فَهُمَا لاَ يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ،
** قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ: هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ، قَالَ: فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ، قَالَتْ: نَعَمْ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ، قَالَ: ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ العَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ،…الخ
الحديث) أخرجه البخاري (4/ 142) برقم: (3364)
** أيها الزوجان الكريمان: ليعلم كل منكما أن الكمال لله وحده سبحانه وتعالى، وأن النقص فينا حاصل ولا بد، فهذا طويل، وهذا قصير، وهذا سمين، وهذا نحيف، وهذا حسن، وهذا قبيح، وهذا كريم، وهذا بخيل، وهذا طيب، وهذا خبيث،… الخ.
** فالتفاوت حاصل في الشكل والأخلاق، فليس في هذه الدنيا شيء حسن إلا ويوجد ما هو أحسن منه.
** قال الشاعر:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها *** كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
** وقال آخر:
مــن الــذي مـا سـاء قـــط *** ومــن لـه الـحسـنـى فــقــط
** فإذا كان الكمال معدوما فلا تبحث عن المعدوم وتترك الموجود، فتبقى في عيشة ضنكة؛ لأنك لم تتمتع بالموجود ولم تحصل على المفقود.
** فالذي ينبغي لكل عاقل لبيب يبحث عن السعادة أن ينظر في المحاسن الموجودة في صاحبه فيملأ بها عينيه ويديه، ويحمد الله عليها، ويغض الطرف عن النقائص، فإن الحياة لا تكون إلا هكذا،
** ولنكن جميعا مثل النحلة، لا تقع إلا على الشيء الطيب، ولنحذر أن نكون مثل الذباب، لا يقع إلا على الشيء الرديء.
** ومما يدل على هذا المعنى ما رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» أَوْ قَالَ: «غَيْرَهُ».
** وفي: (شرح النووي على مسلم) (10/ 58):
** (يَفْرَكُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ بَيْنَهُمَا.
** قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: فَرِكَهُ بِكَسْرِ الراء يفركه بفتحها إِذَا أَبْغَضَهُ،
وَالْفَرْكُ – بِفَتْحِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ -: الْبُغْضُ،
… بل الصَّوَابُ أَنَّهُ نَهْيٌ، أَيْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ أَوْ جَمِيلَةٌ أَوْ عَفِيفَةٌ أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ باختصار
** وفي كتاب: (المفهم) للقرطبي (13/ 66):
** وقوله: ((لا يَفْرك مؤمن مؤمنة))؛ أي: لا يبغضها بغضًا كليًّا يحمله على فراقها؛ أي: لا ينبغي له ذلك، بل يغفر سيئها لحسنها، ويتغاضى عما يكره لِمَا يحب. اهـ المراد
** الوصية السادسة:
** الصبر والحلم وكظم الغيظ، فإنه من صفات عباد الله المتقين.
** قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
** وقال تعالى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}
** وقال تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}
** وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال:… وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ» متفق عليه
** فالصبر من أعظم الأمور التي تجعل الحياة الزوجية مستمرة، وذلك حين أن يصبر الزوج على سوء أخلاق زوجته، وتصبر الزوجة على فقر زوجها أو مرضه أو سوء أخلاقه.
** فإذا أخطأ أحد الزوجين على الآخر بسب أو شتم أو سوء تصرف أو نحو ذلك فعلى الطرف الثاني أن يقابل ذلك بالصبر والتحمل، خاصة في حال الغضب حيث يخرج الشخص عن توازنه فتصدر منه الألفاظ الجارحة والكلمات غير الموزونة والتصرفات غير المعقولة، نسأل الله العافية.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» متفق عليه.
[[(الشديد) القوي الحقيقي.
(بالصرعة) الذي يغلب الرجال ويصرعهم.
(يملك نفسه) يكظم غيظه ويتحلم ولا يعمل بمقتضى غضبه]]
** والناظر في سيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم مع أزواجه يعلم مدى صبره وسعة صدره وحلمه عليهن، فإن الواحدة منهن كانت تراجعه وتهجره إلى الليل وغير ذلك من الأمور التي لا يتحملها كثير من الناس.
** ففي الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قال عُمَر بْن الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، (… دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: لَوْ رَأَيْتَنَا يَا رَسُولَ اللهِ وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ، فَتَغَضَّبْتُ عَلَى امْرَأَتِي يَوْمًا، فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعُنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالَتْ: مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ، فَوَاللهِ، إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُرَاجِعْنَهُ، وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكِ مِنْهُنَّ وَخَسِرَ، أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاهُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: لَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمُ مِنْكِ، وَأَحَبُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكِ، فَتَبَسَّمَ أُخْرَى…). اهـ باختصار
[[(نغلب النساء) يكون رأينا هو المقدم ولا تراجعنا أزواجنا في شيء. (فطفق) أي فشرع.
(تراجعني) أي ترد علي الجواب.
(تهجره) أي تترك مخاطبته والعشرة معه.
(أن يغضب) أي أن لا يغضب.
(لا تستكثري) أي لا تكثري عليه في الطلب.
(جَارَتُكِ) أي ضرتك.
(أوسم) أي أحسن وأجمل، والوسامة: الجمال]].
** عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ» ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ. رواه البخاري
(بصحفة) إناء كالقصعة المبسوطة.
(فانفلقت) تكسرت.
(فلق) قطع جمع فلقة.
** عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَزِيرَةٍ قَدْ طَبَخْتُهَا لَهُ، فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ ـ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا ـ: كُلِي، فَأَبَتْ، فَقُلْتُ: لَتَأْكُلِنَّ أَوْ لَأُلَطِّخَنَّ وَجْهَكِ، فَأَبَتْ، فَوَضَعْتُ يَدِي فِي الْخَزِيرَةِ، فَطَلَيْتُ وَجْهَهَا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعَ بِيَدِهِ لَهَا، وَقَالَ لَهَا: «الْطَخِي وَجْهَهَا»، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا، فَمَرَّ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، فَظَنَّ أَنَّهُ سَيَدْخُلُ، فَقَالَ: «قُومَا فَاغْسِلَا وُجُوهَكُمَا»، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَا زِلْتُ أَهَابُ عُمَرَ لِهَيْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رواه أبو يعلى برقم (4476), وحسنه الشيخان.
** وفي كتاب: (النهاية في غريب الحديث والأثر)،
لابن الأثير (2/28):
الْخَزِيرَةُ: لَحْمٌ يَقَطَّع صِغَارًا ويُصَبُّ عَلَيْهِ ماءٌ كَثِير، فَإِذَا نَضِج ذُرَّ عَلَيْهِ الدَّقيق، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَحْمٌ فَهِيَ عَصِيدَة.
وَقِيلَ: هِيَ حَساً مِنْ دَقِيقٍ ودَسَم.
وَقِيلَ: إِذَا كَانَ مِنْ دَقيق فَهِيَ حَرِيرَة، وَإِذَا كَانَ مِنْ نُخَالة فَهُوَ خَزِيرَةٌ. اهـ
** وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «مَا عَلِمْتُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيَّ زَيْنَبُ بِغَيْرِ إِذْنٍ وَهِيَ غَضْبَى» ثُمَّ قَالَتْ: حَسْبُكَ إِذَا قَلَبَتْ لَكَ ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ ذُرَيْعَتَيْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ فَأَعْرَضْتُ عَنْهَا، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دُونَكِ فَانْتَصِرِي، فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا حَتَّى رَأَيْتُهَا قَدْ يَبِسَتْ رِيقُهَا فِي فَمِهَا، فَمَا رَدَّتْ عَلَيَّ شَيْئًا، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ» رواه ابن ماجة وغيره، وصححه الشيخان.
** أيها الزوجان الكريمان: إن عدم الصبر سبب كبير في تفكك الأسرة، وهدم الحياة الزوجية، فكم من رجل أو امرأة أقام الدنيا ولم يقعدها بسبب كلمة تافهة، أو تصرف سيء، أو نحو ذلك من الأمور التي يمكن تحملها والتجاوز عنها.
** فالذي ينبغي أن يوطن كل واحد من الزوجين نفسه على الصبر والتحمل ومعالجة الأمور بالحكمة والموعظة الحسنة.
** ذكر بعض الأمثلة على الصبر على شظف العيش.
** عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ: ابْنَ أُخْتِي «إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الهِلاَلِ، ثُمَّ الهِلاَلِ، ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ»، فَقُلْتُ يَا خَالَةُ: مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتْ: ” الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ، كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهِمْ، فَيَسْقِينَا ” متفق عليه
** بل أحيانا لا يوجد إلا الماء فقط.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إِلَّا المَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَضُمُّ أَوْ يُضِيفُ هَذَا»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً، فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلاَ يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلاَنِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ، أَوْ عَجِبَ، مِنْ فَعَالِكُمَا» فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]. متفق عليه
** وذكر عن بعض نساء السلف أنها كانت إذا خرج زوجها من منزله للعمل وطلب الرزق تقول له: ” اتق الله، وإياك والكسبَ الحرام، فإنا نصبر على الجوع والضر، ولا نصبر على النار “.
** الوصية السابعة:
الإيثار:
** وهو من المعاني العظيمة، والأخلاق الكريمة، التي قام عليها المجتمع المؤمن على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم،
** قال الله تعالى في شأن الأنصار الكرام الكرماء: {وَالّذِينَ تَبَوّءُوا الدّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ في صُدُورِهِمْ حَاجَةً مّمّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
** فينبغي للزوجين أن يؤثر كل واحد منهما الآخر على نفسه، فيقدم حقه على حق نفسه، ويحب له من الخير ما يحبه لنفسه، ويكره له من الشر ما يكرهه لنفسه، فتبقى الحياة الزوجية حينئذ حياة طيبة مستمرة قوية ناجحة.
** الوصية الثامنة:
** المشاورة وتبادل الرأي.
** قال الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» رواه أبو داود وغيره، وصححه الشيخان.
** والمشاورة من أعظم آداب الصحبة والمعاشرة، فهي من صفات المؤمنين، كما قال الله عز وجل: {وَالّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبّهِمْ وَأَقَامُواْ الصّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىَ بَيْنَهُمْ وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}
** وبالشورى تبنى الأسر السعيدة، حيث يتشاور الزوجان في الأمور التي تعود عليهما بالنفع والسعادة كـ (ترتيب حياتهما الزوجية، وتدبير أمورهما المنزلية، و تربية أبنائهما تربية سوية، ونحو ذلك).
** وقد كان الصحابة الكرام يستشيرون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أمورهم الخاصة والعامة.
** فعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها، أنها قالت: ذَكَرْتُ لَهُ للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: «انْكِحِي أُسَامَةَ»، فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا، وَاغْتَبَطْتُ بِهِ. رواه مسلم.
** وفي (شرح النووي على مسلم)، (10/ 97):
(أَمَّا أَبُو الْجَهْمِ فَلَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ) فِيهِ تَأْوِيلَانِ مَشْهُورَانِ:
أَحَدُهمَا: أَنَّهُ كَثِيرُ الْأَسْفَارِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَثِيرُ الضَّرْبِ لِلنِّسَاءِ، وَهَذَا أَصَحُّ بِدَلِيلِ الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ بَعْدَ هَذِهِ (أَنَّهُ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ).
** وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ذِكْرِ الْإِنْسَانِ بِمَا فِيهِ عِنْدَ الْمُشَاوَرَةِ وَطَلَبِ النَّصِيحَةِ، وَلَا يَكُونُ هَذَا مِنَ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بَلْ مِنَ النَّصِيحَةِ الْوَاجِبَةِ.
** وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّ الْغِيبَةَ تُبَاحُ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ:
أَحَدُهَا الِاسْتِنْصَاحُ، وَذَكَرْتُهَا بِدَلَائِلِهَا فِي كِتَابِ الْأَذْكَارِ ثُمَّ فِي رِيَاضِ الصَّالِحِينَ….
(وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ) هُوَ بِضَمِّ الصَّادِ، وَفِي هَذَا جَوَازُ ذِكْرِهِ بِمَا فِيهِ لِلنَّصِيحَةِ كَمَا سَبَقَ فِي ذِكْرِ أَبِي جَهْمٍ. اهـ
** وقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشاور بعض نسائه في بعض أموره.
** ففي صحيح البخاري(18928) في قصة صلح الحدبية:
” فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الكِتَابِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا»،
قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ،
فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ، اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا،… الحديث ”
** وفي (فتح الباري لابن حجر)، (5/ 347):
** وَفِيهِ فَضْلُ الْمَشُورَةِ…
** وَجَوَازُ مُشَاوَرَةِ الْمَرْأَةِ الْفَاضِلَةِ
** وَفَضْلُ أُمِّ سَلَمَةَ وَوُفُورُ عَقْلِهَا حَتَّى قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: (لَا نَعْلَمُ امْرَأَةً أَشَارَتْ بِرَأْيٍ فَأَصَابَتْ إِلَّا أُمَّ سَلَمَةَ)، كَذَا قَالَ،
** وَقَدِ اسْتَدْرَكَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ بِنْتَ شُعَيْبٍ فِي أَمْرِ مُوسَى
** الوصية التاسعة:
التواضع.
** التواضع وصف نبيل وخُلُقٌ جميل، حث عليه ديننا الإسلامي ورغب
فيه،
** قال تعالى آمرا نبيه بالتواضع: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}
** وعَنْ عِيَاضِ المُجَاشِعي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» رواه مسلم
** فالتواضع من الأخلاق الكريمة التي ترفع قدر صاحبها وتحببه إلى الناس وتجعل له في قلوبهم المكانة الطيبة.
** ولقد كان التواضع سمة بارزة للنبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مع القريب والبعيد والصغير والكبير،
** فكان صلى الله عليه وسلم رقيقَ القلب رحيمًا خافضَ الجناحِ للمؤمنين ليّن الجانب لهم،
** يحمِل الكلَّ، ويكسِب المعدوم، ويعين على نوائبِ الدّهر،
** ويركب الحمارَ ويردفَ عليه،
** ويسلّم على الصبيان،
** ويبدأ من لقيَه بالسلام،
** يجيب دعوةَ من دعاه ولو إلى ذراعٍ أو كُراع،
** ولما سئِلت عَائِشَة رضي الله عنها: مَا كَانَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – يَصْنَعُ فِى بَيْتِهِ قَالَتْ كَانَ يَكُونُ فِى مِهْنَةِ أَهْلِهِ – تَعْنِى خِدْمَةَ أَهْلِهِ – فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ. رواه البخاري
** فينبغي لكل من الزوجين أن يتواضع كل منهما للآخر، وذلك بإلقاء السلام وحسن الكلام ولين الجانب ومشاركة الرجل – أحيانا – في الأمور المنزلية،
** وترك الكبر والفخر بالمال أو الجمال أو الحسب أو العلم أو الفهم أو غير ذلك من الأمور التي تسبب البغض والكراهية مما يؤدي إلى ضعف الحياة الزوجية أو زوالها عياذا بالله.
** قال الشاعر:
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر *** على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تك كالدخان يعلو بنفسه *** على طبقات الجو وهو وضيع
** وقال آخر:
إن كريم الأصل كالغصن كلما *** يزداد من خير تواضع وانحنى
** الوصية العاشرة:
** استعمال الألفاظ الحسنة والكلمات الطيبة.
** قال الله تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا}
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (… وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ…) متفق عليه
** فينبغي للزوجين أن يستعملا الألفاظ الطيبة واللطيفة والرقيقة التي تدل على المحبة والاحترام والتقدير مثل:
** النداء بالكنية نحو: يا أبا فلان و يا أم فلان،
** والترخيم نحو: يا فاطمُ يا عائشُ
** والأوصاف الجميلة، نحو: يا زوجي الحبيب أو العزيز أو الغالي، و يا زوجتي الحبيبة أو العزيزة أو الغالية، ونحو ذلك.
** وعَنِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا: يَا عَائِشَ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ.
** فَقُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لَا أَرَى، تُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. متفق عليه
** وعَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: دَخَلَ الْحَبَشَةُ الْمَسْجِدَ يَلْعَبُونَ فَقَالَ لِي: يَا حُمَيْرَاءُ أَتُحِبِّينَ أَنْ تَنْظُرِي إِلَيْهِمْ فَقُلْتُ: ” نَعَمْ، فَقَامَ بِالْبَابِ وَجِئْتُهُ فَوَضَعْتُ ذَقَنِي عَلَى عَاتِقَهُ فَأَسْنَدْتُ وَجْهِي إِلَى خَدِّهِ “… الحديث) رواه النسائي، وصححه الألباني.
** (والحميراء) تصغير (حمراء) يراد بها البيضاء، والعرب تطلق لفظ الأحمر على البياض.
** وفي كتاب: (حلية الأولياء) لأبي نعيم, (5/ 198):
عن امْرَأَة سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أنها قَالَتِ:
” مَا كُنَّا نُكَلِّمُ أَزْوَاجَنَا إِلَّا كَمَا تُكَلِّمُوا أُمَرَاءَكُمْ: أَصْلَحَكَ اللهُ، عَافَاكَ اللهُ ”
** الوصية الحادي عشرة:
** أن يتعرف كل من الزوجين على طباع الآخر، فيعرف ما يحبه فيعمله، وما يكرهه فيتركه.
** ومما يدل على هذا قِصَّةُ زَوَاجِ شُرَيْحٍ الْقَاضِي، وهي:
** قَالَ الشُّعَبيّ: قَالَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي: يَا شُعَبيّ؛ عَلَيْكُمْ بِنِسَاءِ بَني تَمِيم؛ فَإِنَّهُنِّ النِّسَاء، قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَاك 00؟
** قَال: انْصَرَفْتُ مِنْ جِنَازَةٍ ذَاتَ يَوْم، فَمَرَرْتُ بِدُورِ بَني تَمِيم، فَإِذَا امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ في سَقِيفَة ـ أَيْ في مِظَلَّةٍ كَالخَيْمَة ـ عَلَى وِسَادَة، وَبجُوَارِهَا جَارِيَةٌ رَؤُودَة ـ أَيْ شَابَّةٌ غَضَّةٌ نَاعِمَةٌ ـ غَيْدَاءُ فَاضَ بِوَجْهِهَا مَاءُ الشَّبَابِ الأَغْيَدِ
وَلهَا ذُؤَابَةٌ عَلَى ظَهْرِهَا، كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الجَوَارِي،
** فَاسْتَسْقَيْتُ ـ وَمَا بى مِن عَطَش ـ
** فَقَالَتْ: أَيُّ الشَّرَابِ أَعْجَبُ إِلَيْك: اللَّبَنُ أَمِ المَاء 00؟
** قُلْت: أَيُّ ذَلِكَ تَيَسَّرَ لَكُمْ؛
** قَالَتْ: اسْقُواْ الرَّجُلَ لَبَنَاً؛ فَإِنيِّ أَرَاهُ غَرِيبَاً، فَلَمَّا شَرِبْتُ نَظَرْتُ إِلى الجَارِيَةِ فَأَعْجَبَتْني، فَقُلْتُ مَن هَذِهِ 00؟
** قَالَتِ ابْنَتي، قُلْتُ أَفَارِغَةٌ أَمْ مَشْغُولَة 00؟
** قَالَتْ بَلْ فَارِغَة، قُلْتُ أَتُزَوِّجِينِيهَا 00؟
** قَالَتْ نَعَمْ إِنْ كُنْتُ لَهَا كُفْئَاً، عَمُّهَا فُلاَنٌ فَاقْصِدْهُ في بَني تَمِيم 0
فَانْصَرَفْتُ إِلى مَنْزِلي لأَقِيلَ فِيه، فَامْتَنَعَتْ مِنيِّ الْقَائِلَة،
** فَأَرْسَلْتُ إِلى إِخْوَاني مِنَ الْقُرَّاء، وَوَافَيْتُ مَعَهُمْ صَلاَةَ الْعَصْر، فَإِذَا عَمُّهَا جَالِس، فَقَالَ أَبَا أُمَيَّة 00؟ مَا حَاجَتُك 00؟
** قُلْتُ إِلَيْك، قَالَ وَمَا هِيَ 00؟
** قُلْتُ: ذُكِرَتْ لي بِنْتُ أَخِيكَ زَيْنَب، فَجِئْتُ لخِطْبَتِهَا؛ فَقَالَ مَا بِهَا عَنْكَ رَغْبَة، فَزَوَّجَيِنهَا،
** فَمَا بَلَغَتْ مَنزِلي حَتىَّ نَدِمْتُ وَقُلْت: تَزَوَّجْتُ إِلى أَغْلَظِ الْعَرَبِ قُلُوبَاً وَأَجْفَاهَا،
** ثُمَّ عُدْتُ إِلى رُشْدِي فَقُلْت: بَلْ أَجْمَعُهَا إِليّ؛ فَإِنْ رَأَيْتُ مَا أَحْبَبْتُ وَإِلاَ طَلَّقْتُهَا 00
** ثمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهَا فَقُلْتُ: يَا هَذِهِ؛ إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ إِذَا أُدْخِلَتِ المَرْأَةُ عَلَى الرَّجُل؛ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا رَكْعَتَينِ وَيَسْأَلَ اللهَ مِن خَيرِهَا وَخَيرِ مَا جُبِلَتْ عَلَيْه، وَيَتَعَوَّذَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جُبِلَتْ عَلَيْه؛
** فَتَوَضَّأْتُ فَتَوَضَّأَتْ بِوُضُوئِي، وَصَلَّيْتُ فَصَلَّتْ بِصَلاَتي،
** فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلاَةَ قَالَتْ لي: إِنيِّ امْرَأَةٌ غَرِيبَةٌ وَأَنْتَ رَجُلٌ غَرِيبٌ لاَ عِلْمَ لي بِأَخْلاَقِك، فَبَيِّنْ لي مَا تحِبُّ فَأَفْعَلَه، وَمَا تَكْرَهُ فَأَجْتَنِبَه،
** فَقُلْتُ: قَدِمْتِ عَلَى أَهْلِ دَارٍ؛ زَوْجُكِ سَيِّدُهُمْ، وَأَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَائِهِمْ، أُحِبُّ كَذَا وَأَكْرَهُ كَذَا، وَمَا رَأَيْتِ مِن حَسَنَةٍ فَبُثِّيهَا، وَمَا رَأَيْتِ مِنْ سَيِّئَةٍ فَاسْتُرِيهَا،
** قَالَتْ: أَخْبرْني عَن أَخْتَانِك، مَنْ مِنهُمْ تُحِبُّ أَنْ يَزُورَكَ وَمَنْ لاَ تُحِبّ 00؟
** فَقُلْتُ: إِنيِّ رَجُلٌ قَاضٍ؛ وَمَا أُحِبُّ أَنْ يَمَلُّوني،
** قَالَتْ: فَمَنْ تحِبُّ مِنْ جِيرَانِكَ أَنْ يَدْخُلَ دَارَكَ فَآذنَ لَه، وَمَنْ تَكْرَهُهُ مِنهُمْ فَلاَ آذَنَ لَه 00؟
** قُلْتُ: بَنُو فُلاَنٍ قَوْمٌ صَالحُون، وَبَنُو فُلاَنٍ قَوْمُ سَوْءٍ 0
** فَأَقَمْتُ عِنْدَهَا ثَلاَثَاً ثُمَّ خَرَجْتُ إِلى مجْلِسِ الْقَضَاءِ في الْيَوْمِ الثَّالِث،
فَكُنْتُ لاَ أَرَى يَوْمَاً إِلاَّ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي قَبْلَه،
** حَتىَّ إِذَا مَا كَانَ رَأْسُ الحَوْلِ دَخَلْتُ بَيْتي فَإِذَا فِيهِ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ تَأْمُرُ وَتَنهَى؛ قُلْتُ مَن هَذِهِ يَا زَيْنَب 00؟
** قَالَتْ هَذِهِ أُمِّي؛ قُلْتُ حَيَّاكِ اللهُ يَا أُمَّ زَيْنَب،
** قَالَتْ: كَيْفَ حَالُكَ مَعَ أَهْلِكَ يَا أَبَا أُمَيَّة 00؟
** قُلْتُ بخَيرٍ وَالحَمْدُ لله، قَالَتْ كَيْفَ وَجَدْتَ زَوْجَك 00؟
** قُلْتُ خَيرَ امْرَأَة، قَالَتْ: إِنَّ المَرْأَةَ لاَ تُرَى في حَالٍ أَسْوَأَ خُلُقَاً مِنهَا في حَالَين: إِذَا حَظِيَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا، وَإِذَا وَلَدَتْ لَهُ غُلاَمَاً، فَإِنْ رَابَكَ مِنهَا شَيْءٌ فَعَلَيْكَ بِالسَّوْط، فَإِنَّ الرِّجَالَ مَا حَازَتْ وَاللهِ بُيُوتُهُمْ شَرَّاً مِنَ المَرْأَةِ المُدَلَّلَة،
** قُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكِ قَدْ أَدَّبْتِ فَأَحْسَنْتِ الأَدَب،
** قَالَتْ: أَتُحِبُّ أَنْ يَزُورَكَ أَصْهَارُك 00؟
** قُلْتُ مَتى شَاءواْ؛ فَكَانَتْ كُلَّ حَوْلٍ تَأْتِينَا وَتُوصِي تِلْكَ الْوَصِيَّةَ ثمَّ تَنْصَرِف،
** وَمَكَثْتُ مَعَ زَيْنَبَ عِشْرِينَ سَنَة، فَمَا غَضِبْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ مَرَّةً وَاحِدَة، وَكُنْتُ لَهَا فِيهَا ظَالِمَاً،
** ثمَّ أَنْشَأَ يَقُول:
رَأَيْتُ رِجَالاً يَضْرِبُونَ نِسَاءهُمْ *** فَشُلَّتْ يَمِيني يَوْمَ أَضْرِبُ زَيْنَبَا
فَأَحْبَبْتُهَا حَتىَّ رَأَيْتُ عُيُوبَهَا *** محَاسِنَ زَادَتْهَا لِقَلْبي تحَبُّبَا
وَمَا عَذَّبَتْني بِالعُيُوبِ كَغَيْرِهَا *** وَلَكِنَّني اسْتَعْذَبْتُ فِيهَا التَّعَذُّبَا
** انظر كتاب: أخبار القضاة) 2/ 205، لمحمد بن خلف الملقب
ب(وكيع) و (تاريخ دمشق) لابن عساكر (23 / 53)
** الوصية الثانية عشرة:
** شكر كل منهما الآخر على ما يقدمه من الجهد والخدمة وأسباب الراحة.
** كأن يقول له: جزاك الله خيرا، أو بارك الله فيك، أو قواك الله، أو أسعدتنا أسعدك الله، أو الله يبقك لنا، أو نحو لك من الألفاظ الحسنة والدعوات الطيبة التي تدل على الشكر والتقدير والاعتراف بالفضل لصاحبه.
** وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
** وفي (تحفة الأحوذي)، (6/ 156):
(فَقَالَ لِفَاعِلِهِ) أَيْ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ إِثَابَتِهِ أَوْ مُطْلَقًا
(جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا) أَيْ خَيْرَ الْجَزَاءِ أَوْ أَعْطَاكَ خَيْرًا مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
(فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ) أَيْ بَالَغَ فِي أَدَاءِ شُكْرِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالتَّقْصِيرِ وَأَنَّهُ مِمَّنْ عَجَزَ عَنْ جَزَائِهِ وَثَنَائِهِ فَفَوَّضَ جَزَاءَهُ إِلَى اللَّهِ لِيَجْزِيَهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى.
** قَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا قَصُرَتْ يَدَاكَ بِالْمُكَافَأَةِ فَلْيَطُلْ لِسَانُكَ بِالشُّكْرِ وَالدُّعَاءِ. اهـ
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ»
رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
** وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى امْرَأَةٍ لَا تَشْكَرُ لِزَوْجِهَا وَهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ» رواه النسائي في السنن الكبرى (8/ 239)، [وصححه الألباني]
** الوصية الثالثة عشرة:
الحذر كل الحذر من كل ما ينغص ويكدر أو يزيل الحياة الزوجية، مثل:
** التهديد بالطلاق.
** التهديد بالزواج.
** نقل الخلافات الزوجية إلى الجيران أو إلى الأهل؛ فإنهم يوسعونها أكثر وأكثر، إلا عند العجز عن حلها.
** ترك الغيرة المذمومة التي تنتهي بالشك في عفاف صاحبه وتخوينه
(بدون أي برهان).
** فينبغي لكل من الزوجين أن يرعى صاحبه ويكرمه ويحافظ على أمانته فيه ويشعره بالأمان ولا يتخونه، أو يطلب عثراته بالتجسس عليه. وتخوينه.
** فقد جاء عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ»
متفق عليه، وهذا لفظ مسلم
** الابتعاد بالكلية عن الأجهزة الحديثة المدمرة كـ (الدشوشات والإنترنت والوتساب والفيس بك…) وغيرها من الأجهزة التي خربت ودمرت كثيرا من الأفراد والأسر والمجتمعات، فقربت الشر والفساد بكل صوره وأشكاله، وسهلت الوصول إليه تسهيلا كثيرا؛ بغية انتشار الفحش والرذيلة وهدم الأخلاق الكريمة.
** فإذا احتاج الشخص إلى استعمال هذه الأجهزة لمصلحة راجحة فليستعملها بحذر بالغ.
** الابتعاد عن كل أسباب الغفلة كـ(سماع الغناء وآلات اللهو والطرب واللعب المحرم، كلعب الورق، والنرد، والشطرنج، والكيرم، والضومنة، والبلياردو, ونحوها من ألعاب اللهو والغفلة المحرمة.
** الابتعاد عن التصوير المحرم، وإخراج صور ذوات الأروح من البيوت؛ فإنها تمنع الملائكة من دخول البيوت.
** وأخيرا أقول:
** أيها الزوج الكريم، وفقك الله وأسعدك:
عامل زوجتك معاملة ترضي الله سبحانه وتعالى، مقتديا في ذلك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم في معاملته لزوجاته، فهو القائل:
“خَيْرُكُمْ خيركم لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي”
رواه الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما،
وقال الألباني [صحيح لغيره].
** أيتها الزوجة الكريمة، وفقك الله وأسعدك:
عاملي زوجك معاملة ترضي الله سبحانه وتعالى، مقتدية في ذلك بزوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهن من النساء الصالحات.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأربعاء 29 / 12/ 1438 هـ