سلسة الفوائد النحوية:
61- ذكر بعض الأبيات التي قيل فيها: إنها أحسن شيء في بابها
() الحكم على بيت من الأبيات أنه (أحسن بيت, أو أعدله, أو أغزله) أو نحو ذلك فيه صعوبة شديدة؛ إذ أن الحكم بهذا يحتاج إلى إحاطة بكلام العرب وتمكن في فن الشعر علما وذوقا.
() ولهذا لما سئل بشَّار بن برد: أي بيت قَالته العرب أشعر؟ قَال إن تفضيل بيتٍ واحدٍ على الشعر كله لشديد، ولكن أحسنَ كلَّ الإحسان لبيدٌ في قوله:
أكْذِبِ النَّفْسَ إذا حَدَّثَتَهَا ∴ إنَّ صِدْقَ النَّفْسِ يُزْرِى بِالأَمَلِ.
(**) أي: لا تُحَدِّثْ نفسَكَ بأنك لا تظفر، فإن ذلك يُثْبِّطُك.
(**) وأنا ذاكر لك بعضا مما قيل فيه ذلك.
(1) [أَصْدَقُ بيت قالته العرب] قول لَبِيدٍ،-رضي الله عنه-
(**) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ، كَلِمَةُ لَبِيدٍ: [البحر الطويل] أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلٌ … “.
متفق عليه, وهذا لفظ مسلم .
(2) [أرثى قالته العرب] قول عبدة بن الطيب
(**) رثى عبدة بن الطيب قيس بن عاصم التميمي بقصيدة يقول فيها:
وما كان قيس هلكه هلك واحد ∴ ولكنه بنيان قوم تهدما
(**) قال أبو عمرو بن العلاء: هذا أرثى بيت قالته العرب.
(3-4-5) [أهجى بيت, وأمدح بيت, وأرق بيت, قالته العرب]
() روى الكلبي أن رجلًا من بني عذرة دخل على عبد الملك بن مروان يمدحه، وعنده جرير والفرزدق والأخطل فلم يعرفهم الأعرابي،
() فقال له عبد الملك: هل تعرف أهجى بيت في الإسلام؟، قال: نعم، قول جرير:
فَغُضِّ الطَّرفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ ∴ فَلا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلا كِلابًا
فقال: أحسنت،
(**) فهل تعرف أمدح بيت قيل في الإسلام؟ قال: نعم قول جرير:
أَلَسْتُمْ خَيرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا ∴ وَأَنْدَى الْعَالمِينَ بُطُونَ رَاحِ
فقال: أصبت وأحسنت،
(**) فهل تعرف أرق بيت قالته العرب في الإسلام؟ قال: نعم قول جرير:
إِنَّ العُيُونَ التي في طَرْفِهَا حَوَرٌ ∴ قَتَلْنَنَا ثُمَّ لم يُحْيِينَ قَتْلانا
يصرعنَ ذا اللبِّ حتى لا حراكَ لهُ ∴ وهُنَّ أضعفُ خلقِ الله إنْسانَا
فقال: أحسنت،
(**) فهل تعرف جريرًا؟ قال: لا والله، وإني لرؤيته مشتاق،
فقال: هذا جرير، وهذا الفرزدق، وهذا الأخطل،
(**) فأنشأ الأعرابي يقول:
فحيَا الإله أبَا حَزْرَة ∴ و أرْغَمَ أنفك يا أخْطلُ.
و جد الفَرَزْدَقِ أتْعِسْ بِهِ ∴ و دق خياشيمَه الجَنْدَلُ.
(**) وأبو حزرة: كنية جرير.
(**) فأنشد الفرزدق:
يا أرغم الله أنفًا أنت حامله ∴ يا ذا الخنا ومقال الزور والخَطل
ما أنْتَ بِالحَكَم التُّرْضَى حُكُومَتُهُ ∴ ولا الأَصِيلِ ولا ذِي الرَّأيِ والجَدَلِ
(**) ثم أنشد الأخطل:
يا شَرَّ مَنْ حَمَلَتْ سَاقٌ عَلَى قَدَمٍ ∴ مَا مثلُ قَولكَ في الأقْوامِ يُحْتَمَلُ
إنَّ الحكُومَةَ لَيسَتْ فيِ أبِيكَ ولا ∴ فيِ مَعْشَرٍ أنتَ مِنهم إنَّهُمْ سُفُلُ
(**) فقام جرير مغضبًا وهو يقول:
شَتَمْتُمَا قَائِلًا بالحق مُهْتديًا ∴ عِنْدَ الخليفةِ والأقوالُ تَنْتضِلُ
أتشتمان شَفاهًا خَيْرَكُمْ حَسَبًا ∴ ففيكما الأوهيان الزورُ والخطل
شَتَمْتماهُ على رَفْعي وَوَضْعِكُما ∴ لا زِلْتُمَا في سِفَال أيُّها السُّفُلُ
(**) ثم وثب فقبَّل رأس الأعرابي وقال: يا أمير المؤمنين جائزتي له، وكانت خمسة عشر ألفًا،
(**) فقال عبد الملك: وله مثلها من مالي، فقبض ذلك كله.
() وفي كتاب (لسان العرب), لابن منظور (1/ 416)
() (ردب): الإِرْدَبُّ: مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهلِ مِصْر؛ قِيلَ: يَضُمُّ أَربعةً وَعِشْرِينَ صَاعًا؛ قَالَ الأَخطل:
قَوْمٌ، إِذا اسْتَنْبَحَ الأَضْيافُ كَلْبَهُمُ ∴ قَالُوا لأُمِّهِم: بُولي عَلَى النَّارِ
والخُبزُ كالعَنْبرِ الهِنْدِيِّ عِنْدَهُمُ ∴ والقَمْحُ سَبْعُونَ إِرْدَبّاً بِدِينارِ
(**) قَالَ الأَصمعي وَغَيْرُهُ: البَيْتُ الأَوَّل مِنْ هَذَيْنِ البَيْتَيْنِ أَهْجَى بَيْتٍ قَالَتْهُ العَرَبُ، لأَنه جَمَع ضُرُوباً مِنَ الهِجاءِ،
(**) لأَنه نَسَبَهم إِلى البُخْل، لِكَوْنِهِمْ يُطْفِئُون نارَهم مَخافةَ الضِّيفان،
(**) وكونِهم يَبْخَلُون بالماءِ فيُعَوِّضُونَ عَنْهُ البولَ،
(**) وكونِهم يَبْخَلُون بالحَطَبِ فنارُهُمْ ضَعِيفَةٌ يُطْفِئُها بَوْلَة،
(**) وكونِ تلكَ البَوْلَة بَوْلَة عَجُوزٍ، وَهِيَ أَقلُّ مِن بَوْلَةِ الشَّابَّةِ؛
(**) ووصَفَهم بامْتِهانِ أُمِّهم، وَذَلِكَ لِلُؤْمِهِم،
(**) وأَنهم لَا خَدَم لَهم. اهـ
(6) [أفخر بيت قالته العرب] قول كعب بن مالك الأنصاري،-رضي الله عنه-:
وببئرِ بدرٍ إذ يردُ وجوهَكم ∴ جبريلُ تحتَ لوَائِنَا ومُحَمَّدُ
(**) وفي بعض المصادر أن قائله: حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ ،-رضي الله عنه-
(7) [أبدع بيت قالته العرب] قول أبي ذؤيب الهذلي:
والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبْتَها ∴ وإِذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تَقْنَعُ
(**) وفي بعض المصادر: [أشعر بيت, أبرع بيتٍ]
(8) [أشْجَعُ بَيْتٍ قالته الْعَرَب] قول العباس بن مرداس، -رضي الله عنه-:
أشُدُّ على الكتيبةِ لا أبالي ∴ أحَتْفي كانَ فيها أمْ سِواها
(9) [أشوق بَيت قالته الْعَرَب] قَول يزِيد بن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان فِي زوجه
إِذا سرت ميلًا أَو تغنت حمامة ∴ دعتني دواعي الشوق من أم خَالِد
(10- 11- 12)
(**) وانظر من كتاب: طبقات النحويين واللغويين (ص: 58)
(**) [(أخلْبَ بيت قالته العرب),
بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي أسلبه وأجذبه للعقول.]
(**) [أنصف بيت قالت العرب]
(**) [أقنع بيت قالته العرب]
(**) من المراجع:
كتاب (معجم الشعراء), للمرزباني (ص: 342)
وكتاب (تاريخ بغداد) (19/ 138)
وكتاب (المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية) (1/ 176)
وكتاب (مغني اللبيب عن كتب الأعاريب), (ص: 25)
وكتاب (الأعلام للزركلي ), (4/ 172)
وكتاب (تصحيح لسان العرب ), (ص: 49)
وكتاب (العقد الفريد ), (6/ 122)
وكتاب (ديوان المعاني ), (1/ 81)
وكتاب (حلية المحاضرة ), (ص: 45)
وكتاب (عيون الأخبار ), (2/ 208)
وكتاب (الذخائر والعبقريات ), (2/ 215)
وكتاب (الحلة السيراء ), (1/ 94)
وكتاب (لباب الآداب للثعالبي ), (ص: 131)
وكتاب (تاج العروس ), (4/ 130)
وكتاب (أضواء البيان), للشنقيطي (3/ 332)
(**) والله الموفق.
(**) كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
(**) الخميس 16 / 5 / 1442 هـ
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :