سلسة الفوائد اليومية:
131 ذكر بعض أحكام المطر وآدابه
** إن نعم الله علينا كثيرة جدا , لا تعد ولا تحصى كما قال تعالى :
{وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}
** وقال سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}
** وإن من أعظم هذه النعم نعمة نزول المطر الذي به حياة العباد والبلاد , وهو رحمة من الله يرحمهم بها .
** قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}
* وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ () يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}
** وقال تعالى: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}
** فالمطر نعمة عظيمة ومنة جسيمة ورحمة عميمة لا يستغنى عنها أبدا .
** قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}
** وقال سبحانه : {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}
** ألا وإن لهذه النعمة أحكاما وآدابا يجهلها كثير من الناس ويغفل عنها آخرون .
** وسأذكر ما تيسر من هذه الأحكام والآداب في الفقرات التالية :
(1) تعريف المطر :
** المَطَرُ: الْمَاءُ الْمُنْسَكِبُ مِنَ السَّحابِ.
** وَالْجَمْعُ أَمْطارٌ.
** ويَوْمٌ مُمْطِرٌ وماطِرٌ ومطِرٌ ومَطِيرٌ: ذُو مطَر.
- قال تعالى: { أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ () أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ }
** وقال تعالى: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ}
** وانظر : (لسان العرب) (5/ 178)
** و(تهذيب اللغة) (13/ 231)
** و(العين) (7/ 425)
(2) جاء لفظ (المطر) في القرآن الكريم على معنيين:
- الأول : بمعنى العذاب, كقوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ() فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ }.
** وهذا المعنى هو الأكثر استعمالا في القران الكريم.
** الثاني : بمعني الغيث كقوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا}.
** (تنبيهان) :
** أحدهما: جاء في صحيح البخاري (6/ 62) معلقا عن سفيان بْن عُيَيْنَةَ رحمه الله أنه قَالَ: « مَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى مَطَرًا فِي القُرْآنِ إِلَّا عَذَابًا , وَتُسَمِّيهِ العَرَبُ الغَيْثَ »، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (يُنْزِلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا) . اهـ
** وهذا القول قد رده أهل العلم .
** قال الحافظ ابن حجر في كتابه (فتح الباري), (8/ 308) :
** وَقد تعقب كَلَام بن عُيَيْنَةَ بِوُرُودِ الْمَطَرِ بِمَعْنَى الْغَيْثِ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى من مطر} فَالْمُرَاد بِهِ هُنَا الْغَيْث قطعا.
** وَمعنى التَّأَذِّي بِهِ الْبَلَلُ الْحَاصِلُ مِنْهُ لِلثَّوْبِ وَالرِّجْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
اهـ المراد
** ثانيهما: إذا كان المطر بمعنى الرحمة فالأكثر في فعله أن يكون ثلاثيا , تقول: (مَطِرَتِ السماءُ),
** ويجوز على قلة أن يكون رباعيا تقول: (أُمْطِرَتِ السماءُ) ,
** وإذا كان بمعنى العذاب فبالعكس تماما , وهذا على الصحيح.
** قال الحافظ ابن حجر في كتابه : (فتح الباري) (8/ 308):
** وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنْ كَانَ مِنَ الْعَذَابِ فَهُوَ (أُمْطِرَتْ) وَإِنْ كَانَ مِنَ الرَّحْمَة فَهُوَ (مُطِرَتْ) , وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا. اهـ
** وفي شرح النووي على مسلم (6/ 192)
** قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَمْطَرَتْ) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَكَذَا جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ (أَمْطَرَتْ) بِالْأَلِفِ , وَهُوَ صَحِيحٌ , وَهُوَ دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ يُقَالُ: (مَطَرَتْ وَأَمْطَرَتْ) لُغَتَانِ فِي الْمَطَرِ .
** وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ : لَا يُقَالُ (أَمْطَرَتْ) بِالْأَلِفِ إِلَّا فِي الْعَذَابِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وأمطرنا عليهم حجارة}, وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ .
** وَلَفْظَةُ (أَمْطَرَتْ) تُطْلَقُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ , وَتُعْرَفُ بِالْقَرِينَةِ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} , وَهَذَا مِنْ أَمْطَرَ , وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَطَرُ فِي الْخَيْرِ لِأَنَّهُمْ ظَنُّوهُ خَيْرًا فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ به}.
** ومن أحكام المطر وآدابه :
(3) الفرح بنزوله ؛ لأنه نعمة عظيمة , ورحمة واسعة.
- قال تعالى: { اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ () وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (*) فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
** وقال تعالى:{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}
(4) شكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة.
(5) وجوب اعتقاد أن هذه النعمة من عند الله جل وعلا وحده لا شريك له.
** عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه ، أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ” أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ ” متفق عليه.
** وفي شرح النووي على مسلم (2/ 60)
** وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كُفْرِ مَنْ قَالَ: (مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا )عَلَى قَوْلَيْنِ :
** أَحَدُهُمَا : هُوَ كُفْرٌ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سَالِبٌ لِأَصْلِ الْإِيمَانِ مُخْرِجٌ مِنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ قَالُوا وَهَذَا فِيمَنْ قَالَ ذَلِكَ مُعْتَقِدًا أن الكوكب فاعل مدبر منشىء لِلْمَطَرِ كَمَا كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَزْعُمُ وَمَنِ اعْتَقَدَ هَذَا فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ .
** وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَالشَّافِعِيُّ مِنْهُمْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ قَالُوا: وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: (مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا) مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبِرَحْمَتِهِ وَأَنَّ النَّوْءَ مِيقَاتٌ لَهُ وَعَلَامَةٌ اعْتِبَارًا بِالْعَادَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مُطِرْنَا فِي وَقْتِ كَذَا , فَهَذَا لَا يَكْفُرُ .
** وَاخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَتِهِ , وَالْأَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ ؛ لَكِنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لَا إِثْمَ فِيهَا .
** وَسَبَبُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهَا كَلِمَةٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ فَيُسَاءُ الظَّنُّ بِصَاحِبِهَا وَلِأَنَّهَا شِعَارُ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ .
** وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي أَصْلِ تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ: أَنَّ الْمُرَادَ كُفْرُ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِاقْتِصَارِهِ عَلَى إِضَافَةِ الْغَيْثِ إِلَى الْكَوْكَبِ , وَهَذَا فِيمَنْ لَا يَعْتَقِدُ تَدْبِيرَ الْكَوْكَبِ .
** وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ الرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ فِي الْبَابِ: (أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ وَكَافِرٌ) ,
** وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ) ,
** وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ السَّمَاءِ مِنْ بَرَكَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنَ النَّاسِ بِهَا كَافِرِينَ)
** فَقَوْلُهُ: (بِهَا) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كُفْرٌ بِالنِّعْمَةِ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ
(6) هل ثبت ذكر معين عن النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع الرعد؟
** لم يثبت في هذا شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم , ولكن قد ثبت عن بعض الصحابة الكرام رضي الله عنهم.
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ , وَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي {يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ}، ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا لَوَعِيدٌ شَدِيدٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ .
** رواه البخاري في كتابه: (الأدب المفرد)
** [وقال الشيخ الألباني: صحيح]
** فمن عمل بهذا اقتداءً بهذا الصحابي الجليل فلا بأس بذلك.
(7) قول الدعاء المأثور عند نزول المطر :
** عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أُمْطِرَ، قَالَ: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» رواه البخاري.
** وفي شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (4/ 1320)
** قوله: ((صيباً نافعًا)) نصبه بفعل مضمر، أي اسقنا صيبًا نافعًا،
** و((نافعًا)) تتميم في غاية من الحسن؛ لأن لفظة صيبًا مظنة للضرر والفساد.
** ((الكشاف)): الصيب المطر الذي يصوب أي ينزل ويقع: وفيه مبالغات من جهة التركيب والبناء،
** دل على أنه نوع من المطر شديد هائل، فتممه بقوله ((نافعًا)) صيانة عن الإضرار والفساد. نحوه قول الشاعر:
فَسَقَى دِيَارَكَ غَيْرُ مُفْسِدِهَا * * * صَوْبُ الرَّبِيعِ وَدِيمَةٌ تَهْمَى
** لكن ((نافعًا)) في الحديث أوقع وأحسن وأنفع من قوله:
((غير مفسدها)).
(8) أن يكشف شيئاً من بدنه غير عورته تبركاً به.
** عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطَرٌ، قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَهُ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى» رواه مسلم.
** شرح النووي على مسلم (6/ 195)
** مَعْنَى: (حَسَرَ) كَشَفَ , أَيْ كَشَفَ بَعْضَ بَدَنِهِ ,
** وَمَعْنَى: (حَدِيثُ عهد بربه) أي بتكوين ربه اياه , ومعناه أَنَّ الْمَطَرَ رَحْمَةٌ وَهِيَ قَرِيبَةُ الْعَهْدِ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لَهَا فَيُتَبَرَّكُ بِهَا.
** وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِقَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ أَوَّلِ الْمَطَرِ أَنْ يَكْشِفَ غَيْرَ عَوْرَتِهِ لِيَنَالَهُ الْمَطَرُ وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا.
** وَفِيهِ أَنَّ الْمَفْضُولَ إِذَا رَأَى مِنَ الْفَاضِلِ شَيْئًا لَا يَعْرِفُهُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهُ لِيُعَلِّمَهُ فَيَعْمَلَ بِهِ وَيُعَلِّمَهُ غيره.
** المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (8/ 23)
** وقوله : (( لأنه حديث عهدٍ بربه )) ؛ أي : بإيجاد ربّه له ، وهذا منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ تبرُّك بالمطر ، واستشفاء به ؛ لأن الله تعالى قد سَمّاه رحمة ، ومباركًا وطهورًا، وجعله سبب الحياة، ومُبعدًا عن العقوبة.
** ويستفاد منه احترام المطر ، وترك الاستهانة به .
** وانظر : (مجموع فتاوى ابن باز), (13/ 63)
** و(مجموع فتاوى ورسائل العثيمين), (16/ 363)
** و(شرح سنن أبي داود للعباد) (578/ 34)
(9) استحباب قول المؤذن في المطر : (صلوا في رحالكم) , أو (ألا صلوا في الرحال) , أو (صلوا في بيوتكم) , أو (ومن قعد فلا حرج).
(**) وتقال إحدى هذه الألفاظ في ثلاثة مواضع:
(أ) إما بدلاً من قول: (حي على الصلاة) لحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: ” إِذَا قُلْتَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَلَا تَقُلْ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ “، قَالَ: فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَاكَ، فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا، قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُحْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ». متفق عليه
(ب) أو بعد (حي على الفلاح) لحديث رجل من ثقيف رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مُنَادِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَعْنِي فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ فِي السَّفَرِ – يَقُولُ: «حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» رواه النسائي وغيره وصححه الشيخان .
** والرجل الثقفي المبهم : صحابي ، فلا يضر إبهامه ؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم كلهم عدول .
(ج) أو بعد انتهاء الآذان لحديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه ، أَنَّهُ نَادَى بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ وَمَطَرٍ، فَقَالَ فِي آخِرِ نِدَائِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ، إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ، أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ فِي السَّفَرِ، أَنْ يَقُولَ: «أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» . متفق عليه
** وحديث نُعَيمِ بنِ النَّحّامِ مِن بنى عَدِىِّ بنِ كَعبٍ رضي الله عنه قال: نودِىَ بالصُّبحِ في يَومٍ بارِدٍ وهو في مِرطِ امرأَتِه فقالَ: لَيتَ المُنادِىَ يُنادِى: ومَن قَعَدَ فلا حَرَجَ. فنادَى مُنادِى النبيِّ – صلى الله عليه وسلم في آخِرِ أذانِه: ومَن قَعَدَ فلا حَرَجَ، وذَلِكَ في زَمَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
** رواه أحمد والبيهقي وصححه الألباني في الصحيحة برقم (2605).
(10) يستحب أن يصلي الناس في بيوتهم، أخذا بالرخصة المذكورة في هذه الأحاديث في قول المؤذن (صلوا في رحالكم) , ولحديث :
** عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَنَا مَطَرٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ شَاءَ فَلْيُصَلِّ فِي رَحْلِهِ »
** رواه الترمذي وقال: « حَدِيثُ جَابِرٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ » ,
** وَقَدْ رَخَّصَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقُعُودِ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ فِي الْمَطَرِ وَالطِّينِ، وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ . اهـ
** وقال الشيخ الألباني: صحيح.
** والله جل وعلا يحب أن تؤتى رخصه كما جاء في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ)
** رواه الطبراني وغيره [وصححه الألباني]
** قال ابن عبد البر في كتابه: (التمهيد), (13/ 274):
( . . . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّأَخُّرِ فِي حِينِ الْمَطَرِ الدَّائِمِ عَنْ شُهُودِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَذَى الْمَطَرِ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِهَذِهِ الْحَالِ . . . الخ). اهـ
(11) الجمع بين الصلوات – إن احتيج إلى ذلك – كأن يكون المطر شديدا أو متواصلا ؛ لما في ذلك من التيسير على الناس ورفع الحرج عنهم.
** وقد ثبت في صحيح مسلم من طريق أَبي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا سَفَرٍ»
** قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: فَسَأَلْتُ سَعِيدًا، لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ كَمَا سَأَلْتَنِي، فَقَالَ: «أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ»
** وفي رواية أخرى له: (فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ)
** فإذا كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جمع بين هذه الصلوات لِيَرْفَع عن أمته الحرج الحاصل بدون خوف ولا مطر ولا سفر، فالجمع لهذه الأعذار المحرجة لأمته أولى من الجمع لغيرها.
** قَالَ الإمام الترمذي رحمه الله في سننه (1/ 259) :
** وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ فِي الْمَطَرِ.
** وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. اهـ
** وقَالَ الخطابي رحمه الله في كتابه: (معالم السنن),(1/ 264) :
** قلت : وقد اختلف الناس في جواز الجمع بين الصلاتين للممطور في الحضر فأجازه جماعة من السلف،
** روي ذلك عن ابن عمر وفعله عروة وابن المسيب وعمر بن عبد العزيز وأبو بكر بن عبد الرحمن وأبو سلمة وعامة فقهاء المدينة , وهو قول مالك والشافعي وأحمد ,
** غير أن الشافعي اشترط في ذلك أن يكون المطر قائماً وقت افتتاح الصلاتين معاً , وكذلك قال أبو ثور , ولم يشترط ذلك غيرهما. اهـ
** وفي كتابه: (تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام), (ص: 124) للعلامة ابن باز رحمه الله تعالى.
[الجمع بين المغرب والعشاء للمطر في الوقت الحاضر]
65 – ما رأي سماحتكم في الجمع للمطر بين المغرب والعشاء في الوقت الحاضر في المدن , والشوارع معبدة ومرصوفة ومنارة إذا لا مشقة ولا وحل؟
الجواب: لا حرج , والجمع بين المغرب والعشاء ولا بين الظهر والعصر في أصح قولي العلماء للمطر الذي يشق معه الخروج إلى المساجد، وهكذا الدحض والسيول الجارية في الأسواق لما في ذلك من المشقة.
والأصل في ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – جمع في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء» . زاد مسلم في روايته من غير خوف ولا مطر ولا سفر.
فدل ذلك على أنه استقر عند الصحابة رضي الله عنهم أن الخوف والمطر عذر في الجمع كالسفر لكن لا يجوز القصر في هذه الحال وإنما يجوز الجمع فقط لكونهم مقيمين لا مسافرين والقصر من رخص السفر الخاصة.
والله ولي التوفيق. اهـ
** (مسألة) والجمع بين كل صلاتين يكون بأذان واحد وإقامتين تماما من غير قصر إلا إذا كانوا مسافرين .
** وفي فتاوى اللجنة الدائمة – 1 (8/ 134) برئاسة العلامة ابن باز رحمه الله تعالى :
(جمع الصلاة لأجل المطر)
السؤال الثالث من الفتوى رقم (9688)
س3: هل يجب أن نضيف الصلاة على صلاة؛ مثل أن نضيف صلاة المغرب على صلاة العشاء؟ وهل يحسن الأذان والإقامة عليهما؟
ج3: يجوز الجمع بين المغرب والعشاء في الحضر لمطر شديد أو مرض، ونحوهما، وذلك بأذان واحد للأولى منهما، وبإقامة لكل منهما، ويجوز ذلك في السفر أيضا بين المغرب والعشاء، وبين الظهر والعصر، في وقت إحداهما، بأذان واحد وإقامتين، لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اهـ
** (مسألة أخرى) وهل يجمع بين كل صلاتين جمع تقديم أو جمع تأخير؟
الجواب : يُفعلُ الأسهلُ على الناس والأرفقُ بهم .
** قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتابه : (الشرح الممتع على زاد المستقنع), (4/ 396):
** (مسألة): الجمع في المطر هل الأفضل التقديم أو التأخير؟
** الأفضل التقديم؛ لأنه أرفق بالناس، ولهذا تجد الناس كلهم في المطر لا يجمعون إلا جمع تقديم.
** هذا إذا قلنا: إن الجمع للمطر خاص في العشائين.
** أما إذا قلنا بأنه عام في العشائين والظهرين، فإن الأرفق قد يكون بالتأخير. اهـ
(12) الدعاء بـ(الاستصحاء) وهو رفع المطر , أو تحويله إلى بطون الأودية ونحوها, وذلك عند كثرة المطر وخشية الضرر أو حصوله.
** عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلَكَتِ الْمَوَاشِي وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ ، فَادْعُ اللَّهَ ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَمُطِرُوا مِنْ جُمُعَةٍ إِلَى جُمُعَةٍ ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِي . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « اللَّهُمَّ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ وَالآكَامِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ » . فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ.
متفق عليه , وهذا لفظ البخاري.
** و(الآكام): جمع الأكمة , وهى التل.
** و(انجاب) معناه : انكشف.
(13) لا يعلم بوقت نزول المطر أحد إلا الله سبحانه وتعالى :
** قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
** وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مِفْتَاحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ: لاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي غَدٍ، وَلاَ يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي الأَرْحَامِ، وَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَمَا يَدْرِي أَحَدٌ مَتَى يَجِيءُ المَطَرُ ” رواه البخاري
(14) الدعاء أثناء نزول المطر :
** وهذا – وإن لم يثبت فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم , فيما أعلم – إلا أن نزول المطر وقت لتنزل الرحمات فالدعاء في ذلك الوقت مناسب.
** قال الله تعالى: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد}
** وقد جاء أثر مرسل عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: « اُطْلُبُوا إجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْجُيُوشِ، وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَنُزُولِ الْغَيْثِ »[أخرجه الشافعي في كتابه: ” الأم ” (1/ 289) ] ** [قال الألباني: (صحيح)] ** انظر: (صحيح الجامع), رقم: (1906)
** قَالَ الشَّافِعِيُّ: – رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: بعد أن ذكر أثر مكحول المتقدم :
** وَقَدْ حَفِظْت عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ طَلَبَ الْإِجَابَةِ عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ، وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ. اهـ
** قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (3/ 453)
رقم الحديث : (1469) بعد أن ذكر أثر مكحول المتقدم :
** ” قلت: لكن الحديث له شواهد من حديث سهل بن سعد وابن عمر وأبي أمامة خرجتها في” التعليق الرغيب ” (1 / 116) , وهي وإن كانت مفرداتها ضعيفة إلا أنه إذا ضمت إلى هذا المرسل أخذ بها قوة وارتقى إلى مرتبة الحسن إن شاء الله تعالى. اهـ
(15) التأمل والتفكر في آيات الله الكونية التي تحصل قبل نزول المطر ومعه وبعده : من رعد , وبرق , وظلمة , وتحمل السحاب لتلك البحار العظيمة في جوفه , وما فيها من جبال من برد، وكيفية نزول المطر على شكل قطرات، ونحو ذلك , فإن ذلك يزيد في إيمان العبد.
- قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ() يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ}
-
وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ () وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ}
-
وقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ () وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (*) فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
( 16) (فائد): في ترتيب نزول المطر عند العرب من الضعف إلى القوة:
** قال أبو منصور الثعالِبي في كتابه: (فقه اللغة وسر العربية) (ص:190):
** الفصل الرابع “في تَرْتِيبِ المَطَرِ الضَّعِيفِ”.
** أَخَفُّ المَطَرِ وَأَضْعَفُهُ الطَّلُّ. ثُمَّ الرَّذَاذُ أقوَى مِنْهُ. ثُمَّ البَغْشُ والدَّثُّ. ومثله الرّكّ والرّهمة.
** الفصل الخامس “في تَرْتِيبِ الأمْطَارِ”.
** أوَّلُ المَطَرِ رَشٌّ وَطَشُّ. ثُمَّ طَلّ وَرَذَاذ. ثُمَّ نَضْح ونَضْخ “وهو قَطْر بَيْنَ قَطْرَيْنِ”. ثُمَّ هَطْل وَتَهْتَان. ثمّ وابل وجود. اهـ
** وقال ابن الجوزي رحمه الله في كتابه : (المدهش), (ص: 46):
** ويفرقون (يعني العرب) فِي الْمَطَر.
** فأوله : رش , ثمَّ طش , ثمَّ طل ورذاذ , ثمَّ نضخ , ثمَّ هطل وتهتان , ثمَّ وابل وجود.
** فَإِذا أحيى الأَرْض بعد مَوتهَا فَهِيَ الْحيَاء.
** فَإِذا جَاءَ عقيب الْمحل أَو عِنْد الْحَاجة فَهُوَ الْغَيْث.
** وَإِن كَانَ صغَار الْقطر فَهُوَ القطقط.
** فَإِذا دَامَ مَعَ سُكُون فَهُوَ الديمة.
** فَإِذا كَانَ عَاما فَهُوَ الجداء.
** وَإِذا روى كل شَيْء فَهُوَ الْجُود.
** فَإِذا كَانَ كثير الْقطر فَهُوَ الهطل والتهتان.
** فَإِذا كَانَ ضخم الْقطر شَدِيد الوقع فَهُوَ الوابل. اهـ
** والله الموفق .
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 13 / 1/ 1441 هـ
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
================