الحث على طلب العلم
محاضرة
الحث على طلب العلم
للشيخ الفاضل
أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
ألقاها في دار الحديث بمسجد النصيحة بالحديدة
10 صفر 1440
محاضرة
الحث على طلب العلم
للشيخ الفاضل
أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
ألقاها في دار الحديث بمسجد النصيحة بالحديدة
10 صفر 1440
سلسة الفوائد النحوية:
57- العلوم أربعة
(**) قال بعض السلف: العلوم أربعة:
(**) الفقه للأديان،
(**) والطب للأبدان،
(**) والنجوم للأزمان،
(**) والنحو للسان. اهـ
(**) قال أبو عبد الله الجعدي وفقه الله:
(**) ويدخل في علم الفقه دخولا أوليا: علم التوحيد, وعلم العقيدة, كما دل عليه الحديث المتفق عليه عن مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ.
وفي كتاب (فتح الباري) لابن حجر (1/ 165)
(… وَمَفْهُومُ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي الدِّينِ أَيْ يَتَعَلَّمْ قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنَ الْفُرُوعِ فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ. اهـ المراد
(**) وفي كتاب (سبل السلام), للصنعاني (4 / 205)
(**) (… والفقه في الدين تعلم قواعد الإسلام ومعرفة الحلال والحرام.
(**) … وفي الحديث دليل ظاهر على شرف الفقه في الدين والمتفقهين فيه على سائر العلوم والعلماء والمراد به معرفة الكتاب والسنة. اهـ
(**) من المرجع:
(**) (البصائر والذخائر) (1/ 101)
(**) (ربيع الأبرار ونصوص الأخيار), (4/ 17)
(**) (المستطرف في كل فن مستطرف), (ص: 27)
(**) والله الموفق.
(**) كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
(**) الخميس 9 / 5 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
https://binthabt.al3ilm.net/13436
سلسلة الفوائد اليومية:
213- المعلم الفطن قد يسأل الطالب عن علم لا يحسنه؛ لينبهه على أخذ نصيبه منه
(**) وأذكر في هذا المقام من حياة شيخنا الألمعي مقبل بن هادي الوادعي-رحمه الله تعالى- وسيرته العلمية وأسلوبه الحسن في التعليم والنصح والتوجيه: أنه كان في بعض الأحيان يقيم الطالب المستفيد في النحو -مثلا- فيسأله عن مسألة في علم الرجال أو علم المصطلح أو عن صحة حديث ما, ومن صحابيه ومن أخرجه؟
(**) فيقول الطالب النحوي: لا أدري.
(**) فيقول له الشيخ- رحمه الله-: اجلس يا أخانا,
(**) وأحيانا يقول: يا إخواننا أخوكم فلان قال: لا أدري, اجلس.
(**) فيجلس الطالب متحسرا على فوات الإجابة,
(**) وربما كان هذا الموقف باعثا له على الالتفات إلى بقية فنون العلم.
(**) وقل مثل هذا في الطالب المستفيد في المصطلح, وهكذا.
(**) فرحم الله شيخنا رحمة الأبرار وأسكنه الفردوس الأعلى.
(**) ومن باب الشيء بالشيء يذكر, أذكر حكاية مشابهة لهذه, ذكرها
أبو سعد منصور بن الحسين الرازي (المتوفى: 421هـ) في كتابه
(نثر الدر في المحاضرات)، (5/ 76) فقال:
(**) أخبرنَا الصاحبُ – رحمهُ الله – قَالَ: أخبرنَا عبدُ الله بنُ مُحَمَّد الأيجي قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحسن الْأَزْدِيّ. قَالَ: أخبرنَا أَبُو حَاتِم سهل بن مُحَمَّد السجسْتانِي قَالَ:
(**) ورد علينا عاملٌ من أهل الْكُوفَة، لم أر فِي عُمَّال السُّلْطَان بِالْبَصْرَةِ أبرَعَ مِنْهُ، فدخلتُ مُسلما عَلَيْهِ.
(**) فَقَالَ: يَا سجستاني مَن عُلَمَاؤُكُمْ بِالْبَصْرَةِ؟
(**) قلت: الزيَادي أعلمنَا بِعلم الْأَصْمَعِي،
(**) والمازني أعلمنَا بالنحو،
(**) وهلالُ الرَّأْي من أفقهنا،
(**) والشاذكُوني من أعلمنَا بالحديثِ،
(**) وَأَنا – رَحِمك اللهُ – أنسبُ إِلَى علم الْقُرْآن،
(**) وَابْن الْكَلْبِيّ من أكتبنا للشروط.
(**) قَالَ: فَقَالَ لكَاتبه: إِذا كَانَ غَدا فاجمعهُم لي، قَالَ: فجمعنا.
(**) فَقَالَ: أيكم الْمَازِني؟ قَالَ أَبُو عُثْمَان: هانذا يَرْحَمك الله،
(**) قَالَ هَل تُجزئ فِي كَفَّارَة الظِّهَار عتقُ عبدٍ أعورٍ؟
(**) فَقَالَ الْمَازِني: لستُ صاحبَ فقه. أَنا صاحبُ عَرَبِيَّة،
(**) فَقَالَ يَا زيادي: كَيفَ تكتبُ كتابا بَين رجل وَامْرَأَة خَالعهَا على الثلاثِ من صَدَاقهَا؟
(**) قَالَ: لَيْسَ هَذَا من علمي، هَذَا من علم هِلَال الرَّأْي.
(**) قَالَ يَا هلالُ: كم أسْند ابنُ عون عَن الْحسن؟
(**) قَالَ: لَيْسَ هَذَا مِن علمي، هَذَا من علم الشاذكُوني،
(**) قَالَ يا شاذكوني: من قَرَأَ: {فتثبتُوا أَن تصيبوا}
(**) قَالَ: لَيْسَ هَذَا من علمي: هَذَا من علم أبي حَاتِم.
(**) قَالَ يَا أَبَا حَاتِم: كَيفَ تكتبُ كتابا إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ تصف فِيهِ خصاصةَ أهل الْبَصْرَة وَمَا أصابُهم فِي الثَّمَرَة, وتسألُه لَهُم النظرَ والنظرة؟
(**) فَقلت: لستُ – رَحِمك اللهُ – صَاحب بلاغة وَكِتَابَة: أَنا صاحبُ قُرْآن.
(**) فَقَالَ: مَا أقبحَ بِالرجلِ أَن يتعاطى الْعلم خمسين سنة لَا يعْرف إِلَّا فنَّا وَاحِدًا، حَتَّى إِذا سُئِلَ عَن غَيره، لم يُحل فِيهِ وَلم يُمِرّ،
(**) لَكِن عالمنا بِالْكُوفَةِ الْكسَائي لَو سئُل عَن كل هَذَا لأجاب. اهـ
(**) وذكر هذه القصة أيضا أبو الحسن علي بن يوسف القفطي
(المتوفى: 646 هـ) في كتابه (إنباه الرواة على أنباه النحاة),
(2/ 260)
(**) والله الموفق.
(**) كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
(**) الثلاثاء 17 / 3 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/11613
==============
سلسلة الفوائد اليومية:
211- موت العلماء فجوة عظمى وفاجعة كبرى
(**) قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ
الْخَالِدُونَ (*) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}
(**) قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}
(**) قال الإمام البخاري – رحمه الله – في صحيحه (1/ 31):
(**) بَابٌ: (كَيْفَ يُقْبَضُ العِلْمُ)
(**) وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاكْتُبْهُ، فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ العِلْمِ وَذَهَابَ العُلَمَاءِ،
(**) وَلاَ تَقْبَلْ إِلَّا حَدِيثَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم: «وَلْتُفْشُوا العِلْمَ، وَلْتَجْلِسُوا حَتَّى يُعَلَّمَ مَنْ لاَ يَعْلَمُ، فَإِنَّ العِلْمَ لاَ يَهْلِكُ حَتَّى يَكُونَ سِرًّا»
(**) وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا». اهـ باختصار,
(**) ورواه مسلم
(**) وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ وَيَثْبُتَ الجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا ” متفق عليه
(**) وفي كتاب (شعب الإيمان), للبيهقي (3/ 235)
(**) عَنِ الْحَسَنِ البصري،-رحمه الله- قَالَ: «مَوْتُ الْعَالِمِ ثُلْمَةٌ لَا يَسُدُّهَا شَيْءٌ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ»
(**) ورواه أيضا ابن عبد البر في كتابه: (جامع بيان العلم وفضله), (1/ 595).
(**) قال العيني في كتابه (عمدة القاري شرح صحيح البخاري),
(2/ 83):
(**) وَبَين بِهَذَا الحَدِيث أَن المُرَاد بِرَفْع الْعلم هُنَا قبض أَهله وهم الْعلمَاء لَا محوه من الصُّدُور، لَكِن بِمَوْت أَهله واتخاذ النَّاس رُؤَسَاء جُهَّالًا فيحكمون فِي دين الله تَعَالَى برأيهم ويفتون بجهلهم،
(**) قَالَ القَاضِي عِيَاض: وَقد وجد ذَلِك فِي زَمَاننَا، كَمَا أخبر بِهِ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
(**) قَالَ الشَّيْخ قطب الدّين: قلت: هَذَا قَوْله مَعَ توفر الْعلمَاء فِي زَمَانه، فَكيف بزماننا؟
(**) قَالَ العَبْد الضَّعِيف: هَذَا قَوْله مَعَ كَثْرَة الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء من الْمذَاهب الْأَرْبَعَة والمحدثين الْكِبَار فِي زَمَانه، فَكيف بزماننا الَّذِي خلت الْبِلَاد عَنْهُم، وتصدرت الْجُهَّال بالإفتاء والتعين فِي الْمجَالِس والتدريس فِي الْمدَارِس؟
(**) فنسأل السَّلامَة والعافية. اهـ
(**) وفي (تفسير ابن كثير), (4/ 405):
(**) وَقَوْلُهُ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها}
(**) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْ لَمْ يروا أنا نفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم الْأَرْضَ بَعْدَ الْأَرْضِ.
. . . . . . . . . . . . . . .
(**) وَقَالَ ابن عباس في رواية: خرابها بموت علمائها وفقهائها وَأَهْلِ الْخَيْرِ مِنْهَا، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: هُوَ مَوْتُ الْعُلَمَاءِ،
(**) وَفِي هَذَا الْمَعْنَى رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمِصْرِيِّ الْوَاعِظِ سَكَنَ أَصْبَهَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ طَلْحَةُ بْنُ أَسَدٍ الْمَرْئِيُّ بِدِمَشْقَ، أَنْشَدَنَا أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّىُّ بِمَكَّةَ قال:
أنشدنا أحمد بن غزال لنفسه: [الطويل]
الْأَرْضُ تَحْيَا إِذَا مَا عَاشَ عَالِمُهَا
مَتَى يَمُتْ عَالِمٌ مِنْهَا يَمُتْ طَرَفُ
كَالْأَرْضِ تَحْيَا إِذَا مَا الْغَيْثُ حَلَّ بِهَا
وَإِنْ أَبَى عَادَ فِي أَكْنَافِهَا التَّلَفُ
(**) وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى، وَهُوَ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ عَلَى الشِّرْكِ قَرْيَةً بَعْدَ قرية، كقوله: وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى الآية، وهذا اختيار ابن جرير. اهـ
(**) وفي الأخير أقول: إن الموت لا بد منه على كل حي كتب عليه الفناء, فالسعيد من استعد للقاء الله بالأعمال الصالحة,
وترك خلفه ما يحيي ذكره من:
علم, وتعليم, وتأليف, ونصح, وتوجيه, وصدقة جارية, وأمر بمعروف, ونهي عن منكر, وغير ذلك؛ فإن هذا للإنسان عمر ثان.
(**) و(مفتاح دار السعادة ), (1/ 148)
(**) فَإِن الْعَالم إِذا زرع علمه عِنْد غَيره ثمَّ مَاتَ جرى عَلَيْهِ أجره وَبَقِي لَهُ ذكره وَهُوَ عمر ثَان وحياة أخرى,
(**) وَذَلِكَ أحق مَا تنافس فِيهِ الْمُتَنَافسُونَ وَرغب فِيهِ الراغبون. اهـ
(**) وقال الشَّاعر:
وإذا الكريم مَضى وولَّى عُمره
كَفل الثَّناءُ له بعُمرٍ ثانِ
(**) والله الموفق.
(**) كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
(**) الأربعاء 27 / 2 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/11613
==============
سلسلة الفوائد اليومية:
207- من أجل الأمور التي يتنافس فيها المتنافسون نشر العلم بتعليم أو كتابة؛ فإنه لصاحبه عمر ثان
(**) قال الله تعالى: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}
(**) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ -رضي الله عنه-، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ [فِي البَحْر] لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ»
[ رواه الترمذي وغيره, وصححه الألباني]
(**) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» رواه مسلم
(**) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ” رواه مسلم
(**) تفسير السعدي (ص: 693)
(**) {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا} من الخير والشر، وهو أعمالهم التي عملوها وباشروها في حال حياتهم،
(**) {وَآثَارَهُمْ} وهي آثار الخير وآثار الشر، التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم،
(**) فكل خير عمل به أحد من الناس، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه، أو أمره بالمعروف، أو نهيه عن المنكر،
(**) أو علم أودعه عند المتعلمين، أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته،
(**) أو عمل خيرا، من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان، فاقتدى به غيره،
(**) أو عمل مسجدا، أو محلا من المحال التي يرتفق بها الناس، وما أشبه ذلك، فإنها من آثاره التي تكتب له،
(**) وكذلك عمل الشر.
(**) ولهذا: {من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة}
(**) وهذا الموضع، يبين لك علو مرتبة الدعوة إلى الله والهداية إلى سبيله بكل وسيلة وطريق موصل إلى ذلك،
(**) ونزول درجة الداعي إلى الشر الإمام فيه، وأنه أسفل الخليقة، وأشدهم جرما، وأعظمهم إثما. اهـ
(**) (مفتاح دار السعادة ), (1/ 148)
(**) وَفِي الأثر الْمَشْهُور لَا يزَال الله يغْرس فِي هَذَا الدّين غرسا يستعملهم بِطَاعَتِهِ.
(**) وَكَانَ من دُعَاء بعض من تقدم اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من غرسك الَّذين تستعملهم بطاعتك.
(**) وَلِهَذَا مَا أقام الله لهَذَا الدّين من يحفظه ثمَّ قَبضه إليه إلا وَقد زرع مَا علمه من الْعلم وَالْحكمَة أما فِي قُلُوب أمثاله وأما فِي كتب ينْتَفع بهَا النَّاس بعده, وَبِهَذَا وَبِغَيْرِهِ فضل الْعلمَاء الْعباد,
(**) فَإِن الْعَالم إِذا زرع علمه عِنْد غَيره ثمَّ مَاتَ جرى عَلَيْهِ أجره وَبَقِي لَهُ ذكره وَهُوَ عمر ثَان وحياة أخرى,
(**) وَذَلِكَ أحق مَا تنافس فِيهِ الْمُتَنَافسُونَ وَرغب فِيهِ الراغبون. اهـ
(**) وفي (سير أعلام النبلاء) (7/ 370):
(**) قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ رحمه الله تعالى:
لاَ أَعْلَمُ بَعْدَ النُّبُوَّةِ أَفْضَلَ مِنْ بَثِّ العِلْمِ. اهـ
(**) وفي (سير أعلام النبلاء) (7/ 377):
(**) قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ رحمه الله تعالى:
مَنْ بَخِلَ بِالعِلْمِ، ابْتُلِي بِثَلاَثٍ: إِمَّا مَوْتٌ يُذْهِبُ عِلْمَهُ، وَإِمَّا يَنْسَى، وَإِمَّا يَلْزَمُ السُّلْطَانَ، فَيَذْهَبُ عِلْمُهُ.
(**) وَقَالَ أيضا: أَوَّلُ مَنْفَعَةِ العِلْمِ أَنْ يُفيد بعضُهم بَعْضاً. اهـ
(**) قال الشاعر:
ما في الحياةِ بغير العلمِ منفعةٌ
وهل بغيرِ ضياءٍ ينفعُ البصرُ؟
والعلمُ أولهُ إِنقاذُ ناشئةٍ
من شرِّ أميةٍ في تركها الخطرُ
(**) وقال آخر:
– أفدِ العلمَ ولا تبخلْ به
وإِلى علمِكَ علماً فاستزِدْ
استفدْ ما استطعتَ من علمٍ وكن
عاملاً بالعلمِ والناسَ أفدْ
من يفده يجزِه اللهُ به
وسيُغني الله عمن لم يُفدْ
(**) وقال آخر:
ما الفخرُ إلا لأهلِ العلمِ أنهمُ
على الهدى لمن استهدى أدلاّءُ
وقيمة المرء ما كان يُحسِنُهُ
والجاهِلُون لأهلِ العلم أعداءُ
فعشْ بعلمٍ تفز حيّاً به أبداً
الناس موتى وأهل العلمِ أحياء
(**) والله الموفق.
(**) كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
(**) الإثنين 11 / 2 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/11613
==============
سلسلة الفوائد اليومية:
186- الْعلم: سِتَّة أَقسَام
(**) قال المناوي في كتابه (التيسير بشرح الجامع الصغير)
(1/ 164):
(**) وَالْعلم: سِتَّة أَقسَام:
(**) فرض كِفَايَة: إِذا قَامَ بِهِ الْبَعْض سقط الْحَرج عَن الْكل وَإِلَّا أَثم
الْكل.
(**) وَفرض عين: وَهُوَ مَا يَحْتَاجهُ الْمُكَلف فِي الْفَرْض كوضوء
وَصَلَاة وَصَوْم.
(**) لَكِن إِنَّمَا يلْزم تعلم الظَّوَاهِر لَا الدقائق والنوادر.
(**) وَمن لَهُ مَال زكوي يلْزمه تعلم أَحْكَام الزَّكَاة الظَّاهِرَة.
(**) وَمن يَبِيع وَيَشْتَرِي يلْزمه تعلم أَحْكَام الْمُعَامَلَة.
(**) وَمن لَهُ زَوْجَة يلْزمه تعلم أَحْكَام عشرَة النِّسَاء.
(**) وَكَذَا من لَهُ قن, وَكَذَا معرفَة مَا يحل وَيحرم من مَأْكُول ومشروب وملبوس
(**) وَعلم الْكَلَام: فرض كِفَايَة لإِزَالَة الشُّبْهَة, فَإِن ارتاب فِي أصل مِنْهُ
لزمَه السَّعْي فِي إِزَالَته عينا.
(**) وَعلم القلب وَمَعْرِفَة أمراضه من نَحْو حسد وَعجب ورياء.
(**) قَالَ الْغَزالِيّ: فرض عين, وَقَالَ غَيره: من رزق قلبا سليما مِنْهَا كَفاهُ وإلا وجب تعلمه.
(**) وَالثَّالِث: مَنْدُوب, كالتبحر فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة.
(**) وَالرَّابِع: حرَام, كالشعبذة والفلسفة والتنجيم وَالسحر.
(**) وَالْخَامِس: مَكْرُوه, كأشعار الْغَزل والبطالة.
(**) وَالسَّادِس: مُبَاح, كشعر لَا سخف فِيهِ وَلَا تثبيط عَن خير. اهـ
(**) تنبيه:
(**) قوله: (وَكَذَا من لَهُ قن)
(القن): بكسر القاف وتشديد النون.
(**) قال الإمام النووي في كتابه (تحرير ألفاظ التنبيه), (ص: 204):
(**) (الْقِنّ) بِكَسْر الْقَاف, وَهُوَ فِي اصلاح الْفُقَهَاء الرَّقِيق الَّذِي لم
يحصل فِيهِ شَيْء من أَسبَاب الْعتْق ومقدماته, خلاف الْمكَاتب وَالْمُدبر والمستولدة وَمن علق عتقه بِصفة.
(**) وَأما أهل اللُّغَة فَقَالُوا: (الْقِنّ) عبد ملك هُوَ وَأَبَوَاهُ.
(**) قَالَ الْجَوْهَرِي: وَيَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِد والاثنان وَالْجمع والمؤنث.
(**) قَالَ: وَرُبمَا قَالُوا: عبيد أقنان ثمَّ يجمع على أقنة. اهـ
** والله الموفق.
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الثلاثاء 2 / 11 / 1441 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/11613
==============