سلسلة الفوائد اليومية:
228- ذكر بعض أسماء المدينة, وسبب تسميتها
(*) عُرفتِ المدينة النبوية قبل الإسلام باسم “يثرب”.
(**) وقد ذكر الله سبحانه وتعالى هذا الاسم في القران الكريم إخبارا عن المنافقين فقَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} (سورة الأحزاب: الآية 13)
(**) وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ المُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وَقَدْ وَهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ» متفق عليه
() قال ابن القيم في كتابه (تحفة المودود بأحكام المولود), (133):
() وَيكرهُ تَسْمِيَتهَا يثرب كَرَاهَة شَدِيدَة وَإِنَّمَا حكى الله تَسْمِيَتهَا يثرب عَن الْمُنَافِقين. اهـ
(**) ولما كان هذا الاسم يتضمن معنى سيئًا؛ لأن (يثرب) مشتق من:
التثريب أو الثرب, ومعنى كل منهما: الإفساد، والتغيير، واللوم،
والتعنيف، والعقوبة، والجزاء فقد تغير اسمها في الإسلام إلى ما يدل
على الخير والبركة، والنور، والطهر، وصارت تسمى بأسماء كثيرة.
(*) منها: (المدينة),
() قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ}, وقَالَ تَعَالَى: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ}
() وعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى يَقُولُونَ: يَثْرِبَ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ، تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ ” متفق عليه
(*) ومنها: (طابة)
(**) عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى سَمَّى الْمَدِينَةَ طَابَةَ» رواه مسلم
(*) ومنها: (طبية)
(**) وعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ، رَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَهُ، وَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرْقَتَيْنِ: فِرْقَةً تَقُولُ: نُقَاتِلُهُمْ، وَفِرْقَةً تَقُولُ: لاَ نُقَاتِلُهُمْ، فَنَزَلَتْ {فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا}
وَقَالَ: «إِنَّهَا طَيْبَةُ، [يَعْنِي: الْمَدِينَةَ]، تَنْفِي الذُّنُوبَ، كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الفِضَّةِ» متفق عليه
(*) ومنها: (الدَّارُ)
(*) وللمدينة أسماء أخر مشتقة -في الإسلام- من صفاتها،
وخصائصها, أوصلها بعضهم إلى أكثر من تسعين اسمًا, منها:
الإيمان، والمنورة، والمحبوبة، والبارة، والحرم، والخيرة، ودار الأبرار،
ودار الأخيار، ودار الإيمان، ودار السنة، ودار السلامة، ودار الفتح،
ودار الهجرة, وأكالة القرى, المقدسة, والمحفوظة, والمباركة,
والمؤمنة, والشافية, وقبة الإسلام, والمختارة، والعذراءُ، وجابرةُ.
() قال النووي في (شرحه على مسلم), (9/ 154):
() قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أُمِرْتُ بَقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى) مَعْنَاهُ أُمِرْتُ بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا وَاسْتِيطَانِهَا.
() وَذَكَرُوا فِي مَعْنَى أَكْلُهَا الْقُرَى وَجْهَيْنِ:
() أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَرْكَزُ جُيُوشِ الْإِسْلَامِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَمِنْهَا فُتِحَتِ
الْقُرَى وَغُنِمَتْ أَمْوَالُهَا وَسَبَايَاهَا.
() وَالثَّانِي: مَعْنَاهُ أَنَّ أَكْلَهَا وَمِيرَتَهَا تَكُونُ مِنَ الْقُرَى الْمُفْتَتِحَةِ وَإِلَيْهَا
تُسَاقُ غَنَائِمُهَا.
() قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَقُولُونَ يَثْرِبَ وَهِيَ الْمَدِينَةُ)
() يَعْنِي أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَغَيْرَهُمْ يُسَمُّونَهَا: (يَثْرِبَ),
وَإِنَّمَا اسْمُهَا: المدينة ,وطابة, وطيبة.
() فَفِي هَذَا كَرَاهَةُ تَسْمِيَتُهَا (يَثْرِبُ),
() وَقَدْ جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا (يَثْرِبُ).
() وَحُكِيَ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ سَمَّاهَا يَثْرِبُ كُتِبَتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ.
() قَالُوا: وَسَبَبُ كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا (يَثْرِبُ), لَفْظُ التَّثْرِيبِ الَّذِي هُوَ التَّوْبِيخُ وَالْمَلَامَةُ.
() وَسُمِّيَتْ: (طَيْبَةُ, وَطَابَةُ) لِحُسْنِ لَفْظِهِمَا, وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنَ وَيَكْرَهُ الِاسْمَ الْقَبِيحَ.
(**) وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا فِي الْقُرْآنِ (يَثْرِبُ) فَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَةٌ عَنْ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ.
() قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَلِمَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءٌ:
() (الْمَدِينَةُ), قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ المدينة},
وقال تعالى: {ومن أهل المدينة}.
(**) وَ(طَابَةُ, وَطَيْبَةُ, وَالدَّارُ).
() فَأَمَّا (الدَّارُ)؛ فَلِأَمْنِهَا وَالِاسْتِقْرَارِ بِهَا.
() وَأَمَّا (طَابَةُ, وَطَيْبَةُ) فَمِنَ الطِّيبِ, وَهُوَ الرَّائِحَةُ الْحَسَنَةُ.
() وَ(الطَّابُ, وَالطِّيبُ) لُغَتَانِ,
() وَقِيلَ: مِنَ (الطَّيِّبِ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ الطَّاهِرُ؛
لِخُلُوصِهَا مِنَ الشِّرْكِ وَطَهَارَتِهَا.
(**) وَقِيلَ: مِنْ (طِيبِ الْعَيْشِ بِهَا).
() وَأَمَّا (الْمَدِينَةُ) فَفِيهَا قَوْلَانِ لِأَهْلِ العربية:
() أحدهما: وبه جزم قطرب وبن فَارِسٍ وَغَيْرُهُمَا, أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ: (دَانَ), إِذَا أَطَاعَ, وَالدِّينُ: الطَّاعَةُ.
() وَالثَّانِي: أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ: (مَدَنَ بِالْمَكَانِ) إِذَا أَقَامَ بِهِ.
() وَجَمْعُ الْمَدِينَةِ: (مُدُنٌ, وَمُدْنٌ) -بِإِسْكَانِ الدَّالِ وَضَمِّهَا- وَ(مَدَائِنُ) بِالْهَمْزِ وتركه, والهمز أفصح, وبه جَاءَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ
() قول النووي رحمه الله:
() وَقَدْ جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا (يَثْرِبُ). اهـ
() قلت: يريد حديث الْبَرَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَنْ سَمَّى الْمَدِينَةَ يَثْرِبَ، فَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، هِيَ طَابَةُ هِيَ طَابَةُ ”
() [حكم الألباني: ضعيف, كما في الجامع الصغير, برقم 12410]
والسلسلة الضعيفة (10/ 121) برقم: (4607)
(**) من المراجع:
(**) كتاب (شرح النووي على مسلم), (9/ 155)
(**) وكتاب (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم), للقرطبي
(3/ 498)
(**) وكتاب (فتح الباري), لابن حجر (4/ 89)
(**) وكتاب (التنوير شرح الجامع الصغير ), (3/ 278)
لابن الأمير الصنعاني (المتوفى: 1182هـ)
(**) وكتاب (شرح القسطلاني= إرشاد الساري لشرح صحيح
البخاري), (3/ 333)
لأبي العباس أحمد بن محمد القسطلاني، شهاب الدين (المتوفى: 923هـ)
(**) وكتاب (مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح), (9/ 499)
لأبي الحسن عبيد الله بن محمد المباركفوري (المتوفى: 1414هـ)
(**) وكتاب (العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار), (1/ 199)
(**) وكتاب (المعالم الأثيرة في السنة والسيرة), (ص: 169)
لمحمد بن محمد حسن شُرَّاب
(**) والله الموفق.
(**) كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
(**) الإثنين 12 / 6 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/11613
==============