دروس شوال 1442
دروس شوال 1442
الشيخ أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
سنة 1442 هجري
بدار الحديث في مسجد النصيحة بالحديدة
بدأ يوم 1 شوال 1442
دروس شوال 1442
الشيخ أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
سنة 1442 هجري
بدار الحديث في مسجد النصيحة بالحديدة
بدأ يوم 1 شوال 1442
خطبة
عيد الفطر 1442
للشيخ الفاضل
أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
ألقاها في مسجد الحق بالحديدة
1 شوال 1442
خطبة
صدقة الفطر
للشيخ الفاضل
أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
ألقاها في مسجد النصيحة بالحديدة
25 رمضان 1442
محاضرة
اغتنام العشر الأواخر من رمضان
للشيخ الفاضل
أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
ألقاها في مسجد الحق بالحديدة
20 رمضان 1442
الدروس الرمضانية 1442
شرح الشيخ أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
شرح سنة 1442 هجري
بدار الحديث في مسجد النصيحة بالحديدة
بدأ يوم 26 شعبان 1442
شرح أحاديث الصيام 1442
شرح الشيخ أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
شرح سنة 1442 هجري
بدار الحديث في مسجد النصيحة بالحديدة
بدأ يوم 23 شعبان 1442
خطبة
الحث على اغتنام أوقات رمضان
للشيخ الفاضل
أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
ألقاها في مسجد ابن عباس بالحديدة
11 رمضان 1442
محاضرة
ذكر بعض ما يستقبل به شهر رمضان
للشيخ الفاضل
أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
ألقاها في دار الحديث بمسجد النصيحة بالحديدة
23 شعبان 1442
الفوائد الرمضانية في أحكام الصيام لعام
لأول مرة ينشر في الشابكة
شرح الشيخ أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
شرح سنة 1441 هجري
بدار الحديث في مسجد النصيحة بالحديدة
بدأ يوم 2 رمضان 1441
ذكر بعض الأحكام في شوال
لأول مرة ينشر في الشابكة
شرح الشيخ أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
شرح سنة 1441 هجري
بدار الحديث في مسجد النصيحة بالحديدة
بدأ يوم 3 شوال 1441
شرح أحاديث الصيام 1441
لأول مرة ينشر في الشابكة
شرح الشيخ أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
شرح سنة 1441 هجري
بدار الحديث في مسجد النصيحة بالحديدة
بدأ يوم 1 رمضان 1441
كتاب مذكرة في أحكام الصيامفي صيام الست من شوال
لأبي إبراهيم محمد بن عبد الوهاب الوصابي رحمه الله تعالى
لأول مرة ينشر في الشابكة
شرح الشيخ أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
شرح سنة 1441 هجري
بدار الحديث في مسجد النصيحة بالحديدة
بدأ يوم 9 رجب 1441
الترغيب في صيام الست من شوال
لأول مرة ينشر في الشابكة
شرح الشيخ أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
شرح سنة 1440 هجري
بدار الحديث في مسجد النصيحة بالحديدة
بدأ يوم 5 شوال 1440
الترغيب في صيام الست من شوال
لأول مرة ينشر في الشابكة
شرح الشيخ أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
شرح سنة 1440 هجري
بدار الحديث في مسجد النصيحة بالحديدة
بدأ يوم 5 شوال 1440
إتحاف الأنام بأبجديات الصيام
لأول مرة ينشر في الشابكة
شرح الشيخ أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
شرح سنة 1440 هجري
بدار الحديث في مسجد النصيحة بالحديدة
بدأ يوم 2 رمضان 1440
الدروس الرمضانية 1440
لأول مرة ينشر في الشابكة
شرح الشيخ أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
شرح سنة 1440 هجري
بدار الحديث في مسجد النصيحة بالحديدة
بدأ يوم السبت 29 شعبان 1440
شرح دروس الصيام من كتاب “الفقه الميسر”
لأول مرة ينشر في الشابكة
شرح الشيخ أحمد بن ثابت الوصابي
حفظه الله تعالى
شرح سنة 1440 هجري
بدار الحديث في مسجد النصيحة بالحديدة
بدأ به ليلة الأحد 16 شعبان 1440
سلسلة الفوائد اليومية:
200- ذكر سبب تفضيل يوم عرفة على يوم عاشوراء
(**) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ» قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ» رواه مسلم
(**) وفي صحيح الترغيب والترهيب (1/ 591)
1014 – (5) [حسن لغيره]
(**) وعن سعيد بن جبير قال: سأل رجل عبد الله بن عمر عن صوم يوم عرفة؟ فقال: “كنا ونحن مع رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نعدله بصوم سنتين”. [رواه الطبراني في “الأوسط” بإسناد حسن]. اهـ
(**) وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه , أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ؟
قَالَ: (ذَاكَ صَوْمُ سَنَةٍ)
قَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا يَصُومُ يَوْمَ عَرَفَةَ قَالَ:
(يُكَفِّرُ السَّنَةَ وَمَا قَبْلَهَا)
[راه ابن حبان, وصححه الشيخ الألباني]
(**) قال الحافظ ابن حجر في كتابه: ( فتح الباري)- (6 / 286):
(**) (. . . وَظَاهِره أَنَّ صِيَام يَوْم عَرَفَة أَفْضَل مِنْ صِيَام يَوْم عَاشُورَاء ،
(**) وَقَدْ قِيلَ فِي الْحِكْمَة فِي ذَلِكَ : إِنَّ يَوْمَ عَاشُورَاء مَنْسُوبٌ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام , وَيَوْمَ عَرَفَة مَنْسُوبٌ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِذَلِكَ كَانَ أَفْضَلَ). اهـ
(**) وفي كتاب: (حاشية الجمل (8 / 317) لسليمان بن عمر، المعروف بالجمل (المتوفى: 1204هـ):
** إنَّمَا كَانَ عَرَفَةُ بِسَنَتَيْنِ وَعَاشُورَاءُ بِسَنَةٍ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَوْمٌ مُحَمَّدِيٌّ ، وَالثَّانِيَ يَوْمٌ مُوسَوِيٌّ , وَنَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ فَكَانَ يَوْمُهُ بِسَنَتَيْنِ. اهـ
(**) وفي كتاب: (بدائع الفوائد), (4/ 211)
(**) (فائدة):
(**) إن قيل :لم كان عاشوراء يكفر سنة ويوم عرفة يكفر سنتين؟ قيل فيه وجهان:
(**) أحدهما: أن يوم عرفة في شهر حرام وقبله شهر حرام وبعده شهر حرام بخلاف عاشوراء.
(**) الثاني: أن صوم يوم عرفة من خصائص شرعنا بخلاف عاشوراء فضوعف ببركات المصطفى صلى الله عليه وسلم والله أعلم.
** والله الموفق.
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 8 / 1 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/11613
==============
سلسلة الفوائد اليومية:
199- ترغيب البادي والحاضر في صيام التاسع والعاشرذكر مراتب صيام يوم عاشواء
(**) الحمد لله الذي جعل لعباده المؤمنين مواسم إيمانية ورحمات ربانية يتفضل بها عليهم ليضاعف لهم الحسنات ويرفع لهم الدرجات ويكفر
عنهم السيئات.
(**) ومن هذه المواسم (عاشوراء), وهو اليوم العاشر من شهر الله المحرم؛ فإن في صيامه فضلا عظيما وأجرا كبيرا.
(**) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيامه غاية التحري, ويرغب أصحابه الكرام رضي اللَّهُ عَنْهُم في صيامه ترغيبا حثيثا.
(**) عن عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ , وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ. رواه البخاري
(**) فقوله: ( يتحرى) من التحري , وهو المبالغة في طلب الشيء,
(**) وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء , ويحثنا عليه , ويتعاهدنا عنده , فلما فرض رمضان لم يأمرنا , ولم ينهنا, ولم يتعاهدنا عنده) رواه مسلم
(**) قوله: ( يحثنا عليه ) أي يحضنا
(**) وقوله: ( ويتعاهدنا عنده ) أي يراعي حالنا عند عاشر المحرم هل صمنا فيه أو لم نصم ]
(**) وعن أبي قتادةَ رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبيَّ عن صيام يومِ عاشورا فقال: (أحتسبُ على اللهِ أن يكفرَ السنةَ التي قبله) رواه مسلم
(**) وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه , أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ؟
قَالَ: (ذَاكَ صَوْمُ سَنَةٍ)
قَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا يَصُومُ يَوْمَ عَرَفَةَ قَالَ:
(يُكَفِّرُ السَّنَةَ وَمَا قَبْلَهَا)
[راه ابن حبان, وصححه الشيخ الألباني]
(**) وعن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، قال : حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
« فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ »
قَالَ : فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
رَوَاهُ مُسلم
** والله الموفق.
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 8 / 1 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/11613
==============
سلسلة الفوائد اليومية:
198- ذكر مراتب صيام يوم عاشوراء
(**) عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ, وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ. رواه البخاري
(**) وعن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، قال : حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
« فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ »
(**) قَالَ : فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رَوَاهُ مُسلم
(**) قال ابن القيمِ في كتابه: ( زاد المعاد ) (2/ 72):
(**) فَمَرَاتِبُ صَوْمِهِ ثَلَاثَةٌ :
(**) أَكْمَلُهَا أَنْ يُصَامَ قَبْلَهُ يَوْمٌ وَبَعْدَهُ يَوْمٌ،
(**) وَيَلِي ذَلِكَ أَنْ يُصَامَ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ , وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ،
(**) وَيَلِي ذَلِكَ إِفْرَادُ الْعَاشِرِ وَحْدَهُ بِالصَّوْمِ.
(**) وَأَمَّا إِفْرَادُ التَّاسِعِ فَمِنْ نَقْصِ فَهْمِ الْآثَارِ، وَعَدَمِ تَتَبُّعِ أَلْفَاظِهَا وَطُرُقِهَا، وَهُوَ بَعِيدٌ مِنَ اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ . اهـ
(**) وفي : ( فتح الباري ) لابن حجر – (6 / 280):
(**) ( . . . وَقَالَ بَعْض أَهْل الْعِلْم : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَحِيح مُسْلِم ” لَئِنْ عِشْت إِلَى قَابِل لَأَصُومَن التَّاسِعَ ” يَحْتَمِل أَمْرَيْنِ:
(**) أَحَدهمَا: أَنَّهُ أَرَادَ نَقْلَ الْعَاشِرِ إِلَى التَّاسِعِ.
(**) وَالثَّانِي: أَرَادَ أَنْ يُضِيفَهُ إِلَيْهِ فِي الصَّوْم.
(**) فَلَمَّا تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ بَيَانِ ذَلِكَ كَانَ الِاحْتِيَاطُ صَوْمَ الْيَوْمَيْنِ.
(**) وَعَلَى هَذَا فَصِيَام عَاشُورَاء عَلَى ثَلَاث مَرَاتِب:
(**) أَدْنَاهَا أَنْ يُصَامَ وَحْدَهُ ، وَفَوْقَهُ أَنْ يُصَام التَّاسِعُ مَعَهُ ، وَفَوْقَهُ أَنْ يُصَامَ التَّاسِعُ وَالْحَادِي عَشَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ
** والله الموفق.
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأربعاء 7 / 1 / 1442 هـ.
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/11613
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
45- كن ربانيًّا, ولا تكن رمضانيًّا
** إن الله سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته وأوجدنا لطاعته ,
** قال تعالى :{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
** وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون}
** وأمرنا بهذه العبادة التي من أجلها خلقنا.
** فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
** وقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ
وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}
** وفرض الله علينا هذه العبادة والطاعة على سبيل المداومة
والاستمرار, وليست في رمضان أو في وقت من الأوقات, بل مادام
الإنسان حيا عاقلا فإنه مكلف بعبادة الله جل وعلا بقلبه وجوارحه على
حسب قدرته واستطاعته.
** قال تعالى آمرا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالعبادة المستمرة:
{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}
** وقال تعالى آمرا عباده المؤمنين بذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}
** وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ
مُسْلِمُونَ}
** وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا
أَعْمَالَكُمْ}
** وقد وصف الله نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام رضوان الله عليهم بالمحافظة على العبادات والطاعات في جميع الأوقات,
** فقال جل من قائل: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ
رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}
** وقال: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
** وقال: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}
** وقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ … وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}
** وقال: { … إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ}
** وقد جاءت الأحاديث التي وصفت نبينا محمدا عليه الصلاة والسلام بالمداومة على الطاعة والاستمرار على العبادة.
** عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ: « أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ » . متفق عليه .
** وعَنْ مَسْرُوق، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَيُّ العَمَلِ كَانَ
أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: «الدَّائِمُ» متفق عليه.
** وعَنْها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا نَامَ مِنَ اللَّيْلِ، أَوْ مَرِضَ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً» رواه مسلم.
** وفي رواية لمسلم, عَنْها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا, قالت: ( … وَكَانَ نَبِيُّ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا … ).
** إذا انتهى رمضان فإن الصيام لا ينتهي.
** فيستحب صيام الست من شوال , ويوم عرفة, والاثنين, والخميس,
وشهر الله المحرم, خاصة اليوم التاسع والعاشر منه, وأيام البيض, وغير ذلك.
** إذا انتهى رمضان فإن القيام لا ينتهي.
** فيستحب قيام أول الليل أو وسطه أو آخره -وهو الأفضل-, بإحدى عشرة ركعة أو أقل أو أكثر, على حسب ما يتيسر, وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تتفطر قدماه.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلَاةُ اللَّيْلِ » رواه مسلم
** وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا, فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ» متفق عليه, وهذا لفظ البخاري
** إذا انتهى رمضان فإن الصلوات المفروضات , والنوافل المستحبات لا تنتهي.
** فيجب المحافظة على الصلوات المكتوبات في أوقاتها وأماكنها,
ويستحب الإكثار من النوافل المستحبات.
** إذا انتهى رمضان فإن قراءة القرآن لا تنتهي.
** فتستحب قراءة القرآن آناء الليل وأطراف النهار.
** إذا انتهى رمضان فإن الجود لا ينتهي.
** فيستحب الإحسان إلى الناس بالقليل والكثير, ولو بالكلمة الطيبة.
** إذا انتهى رمضان فإن الأقوال والأفعال المحرمة لا تنتهي حرمتها.
** فلا تزال محرمة في غير رمضان , فيجب تركها.
** فاحرص على مواصلة الخير والعبادة لتكون من المقبولين؛ فإن من علامة قبول الحسنة أن تتبع بحسنة بعدها.
** وإياك إياك أن تتنكس على أم رأسك فترجع القهقرى وتترك الخير
الذي كنت قد تعودت عليه في رمضان فتكون كتلك المرأة الخرقاء التي كانت بمكة, تغزل الغزل حتى إذا أحكمته نقضته خيطا خيطا, فذهب وقتها ضياعا وتعبها سدى.
** وإن من علامة عدم قبول الحسنة أن تتبع بسيئة بعدها .
** قال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ ” [رواه الإمام أحمد, وصححه الألباني]
** وعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَلَمَّا رَقِيَ عَتَبَةً قَالَ: (آمِينَ) ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً أُخْرَى فقَالَ: (آمِينَ) ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً ثَالِثَةً فقَالَ: (آمِينَ) ثُمَّ قَالَ: (أَتَانِي جِبْرِيلُ فقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْتُ: آمِينَ … الخ ).
[رواه ابن حبان, وقال الألباني: صحيح لغيره].
** وفي كتاب (لطائف المعارف), لابن رجب (ص: 222):
** فإن كان قد عزم في صيامه على معاودة المعاصي بعد انقضاء الصيام فصيامه عليه مردود وباب الرحمة في وجهه مسدود, …
** وقيل لبشر: إن قوما يتعبدون ويجتهدون في رمضان فقال: بئس
القوم لا يعرفون لله حقا إلا في شهر رمضان إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها.
** سئل الشبلي: أيما أفضل رجب أم شعبان؟ فقال:
كن ربانيا ولا تكن شعبانيا , كان النبي صلى الله عليه وسلم عمله ديمة.
اهـ المراد
** (والخلاصة):
** أن العبادة والطاعة ليست مختصة بشهر رمضان , بل تلزم العبد
المكلف حتى الممات, فإن رب رمضان هو رب الشهور كلها, وهو لا يزال باقيا, (فكن ربانيا ولا تكن رمضانيا).
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** السبت 30 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
44- مسك الختام: الاستغفار في آخر شهر الصيام
(1) اعلم أيها الصائم الكريم أن الاستغفار من أعظم العبادات وأجل الطاعات؛ إذ به ترفع الدرجات وتغفر الزلات وتبدل السيئات حسنات.
** وهو سبب للمتاع الحسن، وزيادة القوة، ودفع البلايا، وتيسير الأمور، ونزول الأمطار، والإمداد بالأموال والبنين.
(2) وقد أمر الله به في كتابه العظيم وعلى لسان رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
** قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ}
* وقال على لسان نوح عليه السلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}.
** وقال على لسان هود عليه السلام: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِير}.
** وعَن الْأَغَرَّ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ، فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ، مَرَّةٍ»(م)
** قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كما في مجموع الفتاوى (11/ 696):
** الِاسْتِغْفَارُ يُخْرِجُ الْعَبْدَ مِنْ الْفِعْلِ الْمَكْرُوهِ، إلَى الْفِعْلِ الْمَحْبُوبِ
مِنْ الْعَمَلِ النَّاقِصِ إلَى الْعَمَلِ التَّامِّ.
** وَيَرْفَعُ الْعَبْدَ مِنْ الْمَقَامِ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى مِنْهُ وَالْأَكْمَلِ؛
** فَإِنَّ الْعَابِدَ لِلَّهِ وَالْعَارِفَ بِاَللَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ بَلْ فِي كُلِّ سَاعَةٍ بَلْ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ يَزْدَادُ عِلْمًا بِاَللَّهِ, وَبَصِيرَةً فِي دِينِهِ وَعُبُودِيَّتِهِ بِحَيْثُ يَجِدُ ذَلِكَ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَنَوْمِهِ وَيَقَظَتِهِ وَقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ.
** وَيَرَى تَقْصِيرَهُ فِي حُضُورِ قَلْبِهِ فِي الْمَقَامَاتِ الْعَالِيَةِ وَإِعْطَائِهَا حَقَّهَا فَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِغْفَارِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ؛
** بَلْ هُوَ مُضْطَرٌّ إلَيْهِ دَائِمًا فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَحْوَالِ فِي الغوائب وَالْمَشَاهِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصَالِحِ وَجَلْبِ الْخَيْرَاتِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّاتِ وَطَلَبِ الزِّيَادَةِ فِي الْقُوَّةِ فِي الْأَعْمَالِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ الْيَقِينِيَّةِ الْإِيمَانِيَّةِ. اهـ
** وَقَالَ أيضا في نفس المصدر (11/ 698):
** التَّوْبَةُ مِنْ أَعْظَمِ الْحَسَنَاتِ, وَالْحَسَنَاتُ كُلُّهَا مَشْرُوطٌ فِيهَا الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ وَمُوَافَقَةُ أَمْرِهِ بِاتِّبَاعِ رَسُولِهِ.
** وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْ أَكْبَرِ الْحَسَنَاتِ وَبَابُهُ وَاسِعٌ.
** فَمَنْ أَحَسَّ بِتَقْصِيرِ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَمَلِهِ أَوْ حَالِهِ أَوْ رِزْقِهِ أَوْ تَقَلُّبِ قَلْبٍ: فَعَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ وَالِاسْتِغْفَارِ فَفِيهِمَا الشِّفَاءُ إذَا كَانَا بِصِدْقِ وَإِخْلَاصٍ.
** وَكَذَلِكَ إذَا وَجَدَ الْعَبْدُ تَقْصِيرًا فِي حُقُوقِ الْقَرَابَةِ وَالْأَهْلِ وَالْأَوْلَادِ وَالْجِيرَانِ وَالْإِخْوَانِ. فَعَلَيْهِ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ وَالِاسْتِغْفَارِ.
** {قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ لِي لِسَانًا ذَرِبًا عَلَى أَهْلِي.
** فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ؟ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً} “. اهـ
(3) وهو ختام المسك لجميع الأعمال الصالحات؛ ليجبر ما حصل فيها من نقص أو خلل.
(أ) فيكون بعد الصلاة المكتوبة:
** عَنْ ثَوْبَانَ، رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقَالَ: «اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ»
** قَالَ الْوَلِيدُ: فَقُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: “كَيْفَ الْاسْتِغْفَارُ؟ قَالَ: تَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ” رواه مسلم
(ب) وبعد فريضة الحج:
** قال تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
(ج) وبعد قيام الليل:
* قال تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ () وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
** قال تعالى: { وَالْمُسْتَغْفِرِين بِالْأَسْحَارِ}
** قال الحسن: مدوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا يستغفرون ربهم.
(د) وبعد الوضوء:
** عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ – أَوْ فَيُسْبِغُ – الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ”. رواه مسلم
** وزاد الترمذي: “اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين”
[قال الشيخ الألباني: صحيح]
** وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ وُضُوئِهِ: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ كُتِبَ فِي رَقَ ثُمَّ جُعِلَ فِي طَابَعٍ فَلَمْ يُكْسَرْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
[رواه النسائي وغيره, وصححه الألباني]
(ر) وبعد تبليغ الرسالة:
** قَالَ تَعَالَى: {إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}.
** عَنْ عَائِشَةَ-رضي الله عنها- قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: «سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ» قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَاكَ تُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: «سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ؟»
فَقَالَ: “خَبَّرَنِي رَبِّي أَنِّي سَأَرَى عَلَامَةً فِي أُمَّتِي، فَإِذَا رَأَيْتُهَا أَكْثَرْتُ مِنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَقَدْ رَأَيْتُهَا {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}، فَتْحُ مَكَّةَ، {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}”متفق عليه, وهذا لفظ مسلم.
(س) وبعد انتهاء المجلس:
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،-رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ، فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ”
[رواه أحمد وغيره, وصححه الألباني]
** وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، -رضي الله عنهما- قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»[رواه أحمد وغيره, وصححه الألباني]
(ص) وبعد كل طاعة وقربة؛ فإن المؤمن كلما كثرت طاعاته كثر استغفاره.
** عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ ،-رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا»
[رواه أحمد وغيره, وصححه الألباني]
** قال ابن القيم في كتابه (مدارج السالكين) (1/ 192)
** وَأَرْبَابُ الْعَزَائِمِ وَالْبَصَائِرِ أَشَدُّ مَا يَكُونُونَ اسْتِغْفَارًا عُقَيْبَ الطَّاعَاتِ، لِشُهُودِهِمْ تَقْصِيرَهُمْ فِيهَا، وَتَرْكَ الْقِيَامِ لِلَّهِ بِهَا كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، وَأَنَّهُ لَوْلَا الْأَمْرُ لَمَا أَقْدَمَ أَحَدُهُمْ عَلَى مَثَلِ هَذِهِ الْعُبُودِيَّةِ، وَلَا رَضِيَهَا لِسَيِّدِهِ.
… الخ. اهـ
** وقال رحمه الله في كتابه(طريق الهجرتين) (ص: 214):
** ( . . . وبالجملة فهذا حال هذا العبد مع ربه فى جميع أعماله، فهو يعلم أنه لا يوفى هذا المقام حقه، فهو أبداً يستغفر الله عقيب كل عمل
** وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة استغفر الله ثلاثاً،
** وقال تعالى: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
** قال الحسن: مدوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا يستغفرون ربهم.
وقال تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}،
** فأمر سبحانه بالاستغفار بعد الوقوف بعرفة والمزدلفة، وشرع للمتوضيء أن يقول بعد وضوئه: “اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِى مِنَ المُتَطَهِّرِين”
** فهذه توبة بعد الوضوءِ، وتوبة بعد الحج، وتوبة بعد الصلاة وتوبة بعد قيام الليل.
** فصاحب هذا المقام مضطر إلى التوبة والاستغفار كما تبين، فهو لا يزال مستغفراً تائباً،
** وكلما كثرت طاعاته كثرت توبته واستغفاره. اهـ
** وقال ابن رجب في كتابه (لطائف المعارف), (ص: 214):
** وأما كلمة الاستغفار: فمن أعظم أسباب المغفرة ؛ فإن الاستغفار دعاء بالمغفرة, ودعاء الصائم مستجاب في حال صيامه وعند فطره.
** وقد سبق حديث أبي هريرة المرفوع: “يغفر فيه ـ يعني شهر رمضان ـ إلا لمن أبى قالوا: يا أبا هريرة ومن أبى؟ قال: من أبى أن يستغفر الله عز وجل”
** قال الحسن: أكثروا من الاستغفار؛ فإنكم لا تدرون متى تنزل الرحمة
** وقال لقمان لابنه: يا بني عود لسانك الاستغفار؛ فإن لله ساعات لا يرد فيهن سائلا.
** وقد جمع الله بين التوحيد والاستغفار في قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}
** وفي بعض الآثار: أن إبليس قال: أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار.
** والاستغفار ختام الأعمال الصالحة كلها.
** فيختم به الصلاة والحج وقيام الليل ويختم به المجالس فإن كانت ذكرا كان كالطابع عليها وإن كانت لغوا كان كفارة لها,
** فكذلك ينبغي أن تختم صيام رمضان بالاستغفار.
** وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار يأمرهم بختم رمضان بالاستغفار وصدقة الفطر؛ فإن الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث؛
والاستغفار يرقع ما تخرق من الصيام باللغو والرفث؛
** ولهذا قال بعض العلماء المتقدمين: إن صدقة الفطر للصائم كسجدتي السهو للصلاة.
** وقال عمر بن عبد العزيز في كتابه: قولوا كما قال أبوكم آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
** وقولوا كما قال نوح عليه السلام: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
** وقولوا كما قال موسى عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي}
** وقولوا كما قال ذو النون عليه السلام: {سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}.
** ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: الغيبة تخرق الصيام والاستغفار يرقعه, فمن استطاع منكم أن يجيء بصوم مرقع فليفعل.
** وعن ابن المنكدر معنى ذلك: الصيام جنة من النار ما لم يخرقها والكلام السيء يخرق هذه الجنة والاستغفار يرقع ما تخرق منها.
** فصيامنا هذا يحتاج إلى استغفار نافع وعمل صالح له شافع.
** كم نخرق صيامنا بسهام الكلام ثم نرقعه.
** وقد اتسع الخرق على الراقع.
** كم نرقع خروقه بمخيط الحسنات ثم نقطعه بحسام السيئات القاطع.
** كان بعض السلف إذا صلى صلاة استغفر من تقصيره فيها كما يستغفر المذنب من ذنبه إذا كان هذا حال المحسنين في عباداتهم فكيف حال المسيئين مثلنا في عباداتهم ارحموا من حسناته كلها سيئات وطاعاته كلها غفلات.
. . .
** أنفع الاستغفار ما قارنته التوبة, وهي حل عقدة الإصرار.
** فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر ويعود, فصومه عليه مردود وباب القبول عنه مسدود.
** قال كعب: من صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا أفطر بعد رمضان أنه لا يعصي الله دخل الجنة بغير مسألة ولا حساب,
** ومن صام رمضان وهو يحدث نفسه إذا أفطر بعد رمضان عصى ربه فصيامه عليه مردود. وخرجه مسلمة بن شبيب. اهـ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 28 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
43- ذكر بعض أحكام زكاة الفطر
** نتكلم عن بعض أحكام زكاة الفطر في الفقرات التالية:
(1) اسمها:
** تسمى زكاة الفطر, وصدقة الفطر, وقد جاءت الأحاديث بالتسميتين.
(2) سبب إضافتها إلى الفطر:
** وأضيفت إلى الفطر؛ لأنه سبب وجوبها.
(3) تعريفها لغة واصطلاحا:
** الزكاة لغة:
** من معاني الزكاة في اللغة: التطهير والنماء -وهو الزيادة-.
** واصطلاحا: هي صدقة تجب بالفطر من رمضان.
** (أ) فهي تنمي المال ولا تنقصه, كما قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ». رواه مسلم
** وفي (شرح النووي على مسلم), (16/ 141):
(مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ) ذَكَرُوا فِيهِ وَجْهَيْنِ:
** أَحَدُهُمَا: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُبَارَكُ فِيهِ وَيَدْفَعُ عَنْهُ الْمَضَرَّاتِ فَيَنْجَبِرُ نَقْصُ الصُّورَةِ بِالْبَرَكَةِ الْخَفِيَّةِ وَهَذَا مُدْرَكٌ بِالْحِسِّ وَالْعَادَةِ.
** وَالثَّانِي: أَنَّهُ وَإِنْ نَقَصَتْ صُورَتُهُ كَانَ فِي الثَّوَابِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ جَبْرٌ لِنَقْصِهِ وَزِيَادَةٌ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ. اهـ
** (ب) وتنمي الحسنات.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ» متفق عليه.
** (والفُلُوُّ): ولد الخيل الصغير.
** (ج) وتنمي الأخلاق, حيث تجعل صاحبها في عداد الكرماء والمنفقين
والمحسنين.
(4) مقدراها ونوعها.
** عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ ». متفق عليه
** والصاع: أربعة أمداد بكفي الرجل المتوسط.
** ويعادل بالوزن الحالي ثلاثة كيلو تقريبا.
** وفي (فتاوى اللجنة الدائمة)- 1 (9/ 371):
** القدر الواجب في زكاة الفطر عن كل فرد صاع واحد بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، ومقداره بالكيلو ثلاثة كيلو تقريبا. اهـ المراد
** والطعام: يشمل كل طعام يقتات عليه أهل البلد.
** والأقط: بفتح الهمزة مع كسر القاف أو ضمها أو فتحها أو إسكانها,
وبكسر الهمزة مع كسر القاف وإسكانها, وبضم الهمزة مع إسكان القاف
فقط، وهو الشيء يتخذ من اللبن المخيض كأنه نوع من اللبن الجاف.
** وقيل: هو لبن مجفف يابس جامد مستحجر غير منزوع الزبد يطبخ به. انتهي من كتاب: (مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6/ 199)
** وفي كتاب: (عمدة القاري شرح صحيح البخاري),لبدر الدين العيني (21/46):
** قلت: لَا يطْبخ بِهِ إلاَّ بعد أَن يعركوه بِالْمَاءِ السخن فِي الْأَوَانِي الخزف حَتَّى ينْحل وَيصير كاللبن ثمَّ يطبخون بِهِ مَا شاؤا من الْأَطْعِمَة الَّتِي يطبخونها بِاللَّبنِ. اهـ
(5) حكمها:
** هي فرض من فرائض الإسلام وركن من أركانه العظام.
** وهي قرينة الصلاة في كثير من الآيات والأحاديث.
** وفرضيتها من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة.
** ودل على فرضيتها عموم الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة.
** فمن عموم الكتاب قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}
وقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}
** ومن السنة حديث عبد الله بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ،
وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ». متفق عليه
** وأما الإجماع: فقد نقل غير واحد من أهل العلم اتفاق الأمة على أنها فرض من فرائض الإسلام.
** وفي كتاب: (الإجماع) لابن المنذر, (ص: 47):
106- وأجمعوا على أن صدقة الفطر فرض.
(6) زمن فرضيتها:
** فُرضت في السنة الثانية للهجرة, وهي السنة التي فرض فيها صيام رمضان.
(7) الحكمة من فريضتها:
** الحكمة من مشروعية زكاة الفطر أمور:
** منها: شكر الله جل وعلا على إتمام نعمة الصيام.
** ومنها: الرحمة بالفقراء والمساكين, وذلك بإغنائهم عن السؤال في يوم العيد، وإدخال السرور عليهم.
** ومنها: تطهير للصائم من النقص الذي قد يحصل منه أثناء الصيام,
** فالإنسان ضعيف معرض للخلل والزلل,
** والزكاة تجبر نقصان الصوم كما يجبر السجود نقصان الصلاة.
** عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ». [رواه أبو داود, وحسنه الألباني]
(8) على من تجب؟
** تجب على كل مسلم قادر من:
ذكر وأنثى, وحر وعبد, وصغير وكبير,
لحديث عبدالله بن عمر المتقدم.
(9) ما ضابط القادر؟
** القادر الذي تجب عليه الزكاة هو الذي يملك زيادة على قوته وقوت عياله ليلة العيد ويومه.
** فالرجل يخرجها عن نفسه, وعن زوجته وأولاده, وكل من تلزمه نفقتهم.
** والسيد يخرجها عن عبده.
** ويجوز للشخص أن يخرجها عمن لا تلزمه نفقته بإذنه.
** وفي كتاب: (الإجماع), لابن المنذر (ص: 47):
** وأجمعوا على أن صدقة الفطر تجب على المرء إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، وأولاده الأطفال الذين لا أموال لهم.
(10) لا يجب إخراج الزكاة عن الحمل؛ لأنه لا يقال له: (صغير)
لغة ولا عرفا.
** لكن من طابت نفسه أن يخرجها عنه فلا مانع من ذلك.
** وقد جاء عن عثمان رضي الله عنه أنه كان يخرجها عن الحمل ولم يثبت كما في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (3/ 330) حيث قال:
(841)- (حديث عثمان فى تصدقه عن الجنين (ص 201) ضعيف. … )
** وفي (مصنف عبد الرزاق الصنعاني), (3/ 319):
** عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: «كَانَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ يُعْطُوا زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ حَتَّى عَلَى الْحَبَلِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ». اهـ
** وفي كتاب : (الإجماع), لابن المنذر (ص: 47):
** وأجمعوا على أن لا زكاة على الجنين في بطن أمه،
وانفرد ابن حنبل , فكان يحبه ولا يوجبه. اهـ
** وانظر كتاب: (طرح التثريب في شرح التقريب), للعراقي (4/60).
(11) متى يبدأ زمن وجوبها , ومتى ينتهي؟
** يبدأ زمن الوجوب من غروب شمس آخر يوم من رمضان, وهو أول ليلة من شهر شوال.
** وينتهي بانتهاء الصلاة العيد.
** فمن ولد في آخر ساعة من آخر يوم من رمضان وجبت عليه الزكاة,
** ومن ولد بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان لم تجب عليه.
** وأفضل وقت لإخراجها يوم العيد قبل الصلاة.
** عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ» متفق عليه
** لا يجوز تأخيرها إلى بعد الصلاة.
** من أخرجها بعد الصلاة نسيانا أو كان مسافرا ولم يجد أحدا يعطيه, أو نحو ذلك من الأعذار الشرعية, فليس عليه إثم.
** ومن تعمد تأخيرها إلى بعد الصلاة أثم, ولم تجزئه عن زكاة الفطر, وإنما تكون صدقة من الصدقات.
** عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ»
[رواه أبو داود, وحسنه الألباني]
(12) هل يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين؟.
** في (فتاوى اللجنة الدائمة) برئاسة العلامة ابن باز- 1 (9/ 369):
** ووقتها ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد.
** ويجوز تقديمها يومين أو ثلاثة. اهـ
** (فائدة):
** مذاهب العلماء في تقديم زكاة الفطر.
** في كتاب:(تيسير العلام شرح عمدة الأحكام), للبسام (ص: 311):
7- وهل يجوز تقديمها قبل صلاة العيد؟.
** ذهب أبو حنيفة: إلى جواز تقديمها لِحَول أو حولين، قياسا على زكاة المال.
** وذهب الشافعي إلى جواز تقديمها من أول رمضان.
** وذهب مالك إلى أنه لا يجوز تعجيلها مطلقا، كالصلاة قبل وقتها.
** وذهب الحنابلة إلى جواز تعجيلها قبل العيد بيومين.
** لما روى البخاري: (كَانوا يُعطُونَ قبلَ الفِطر بيوم أو يومين) يريد
بذلك الصحابة.
** ولأنه لا يحصل الإغناء في ذلك اليوم إلا إذا قدمت للفقير بنحو يوم أو يومين، ليعدها ليوم العيد،
** ولأنه إذا أخرها إلى قبيل الصلاة يخشى أن لا يجد صاحبها الذي يستحقها فيفوت وقتها المطلوب.
** ولهذه الاعتبارات الصحيحة فإن شيخنا العلامة “عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي” رحمه الله تعالى، يرى استحباب تقديمها بيوم أو يومين. اهـ
(تنبيه):
** رجح بعضهم أن ابن عمر رضي الله عنهما إنما كان يعطيها العمال الذين يجمعونها لا الفقراء.
** وفي كتاب: (فتح الباري), لابن حجر (3/ 376):
** قَوْله: (وَكَانَ ابن عُمَرَ يُعْطِيهَا لِلَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا) أَيِ الَّذِي يُنَصِّبُهُ الإِمَام بقبضها, وَبِه جزم بن بطال.
** وَقَالَ ابن التَّيْمِيِّ: مَعْنَاهُ مَنْ قَالَ: أَنَا فَقِيرٌ,
** وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ, وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ عَقِبَ الْحَدِيثِ.
** قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ -هُوَ الْمُصَنِّفُ-: كَانُوا يُعْطُونَ لِلْجَمْعِ لَا لِلْفُقَرَاءِ.
** وَقَدْ وَقع فِي رِوَايَة ابن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ.
** قلت: مَتى كَانَ ابن عُمَرَ يُعْطِي؟
** قَالَ: إِذَا قَعَدَ الْعَامِلُ, قُلْتُ: مَتَى يَقْعُدُ الْعَامِلُ ؟ قَالَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ
** وَلِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ أَن ابن عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إِلَى الَّذِي يُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ,
** وَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ, وَقَالَ: هَذَا حَسَنٌ, وَأَنَا أَسْتَحِبُّهُ يَعْنِي تَعْجِيلَهَا قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ انْتَهَى.
** وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا: مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْوَكَالَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ الْحَدِيثَ.
** وَفِيهِ أَنَّهُ أَمْسَكَ الشَّيْطَانَ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَهُوَ يَأْخُذُ مِنَ التَّمْرِ, فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُعَجِّلُونَهَا.
** وَعَكَسَهُ الْجَوْزَقِيُّ فَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِهَا عَنْ يَوْمِ الْفِطْرِ, وَهُوَ مُحْتَمِلٌ للأمرين. اهـ
(13) لا يجوز إخراج زكاة الفطر من غير القوت كـ(الزيت والسكر
والملح والعسل ونحوها).
(14) لا يجوز ولا يجزئ إخراج زكاة الفطر نقودا على الصحيح, وهو مذهب الجمهور, وجوز ذلك أبو حنيفة رحمه الله.
** وفي (فتاوى اللجنة الدائمة) – 1 (9/ 379):
** ولا يجوز إخراج زكاة الفطر نقودا؛ لأن الأدلة الشرعية قد دلت على وجوب إخراجها طعاما، ولا يجوز العدول عن الأدلة الشرعية لقول أحد من الناس.
** تفريغ سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني -الإصدار 2(274/20):
** (… فحينما يأتي إنسان ويقول: لا، نخرج القيمة هذا أنفع للفقير، هذا يخطئ مرتين:
** المرة الأولى أنه خالف النص، والقضية تعبدية، هذا أقل ما يقال؛
** لكن الناحية الثانية خطيرة جدا؛ لأنها تعني أن الشارع الحكيم ألا وهو رب العالمين حينما أوحى إلى نبيه الكريم أن يفرض على الأمة إطعام صاع من هذه الأطعمة ليس داري هو ولا عارف مصلحة الفقراء والمساكين كما عرف هؤلاء الذين يزعمون بأن إخراج القيمة أفضل، لو كان إخراج القيمة أفضل لكان هو الأصل وكان الإطعام هو البدل … الخ).
** وسئل شيخنا المبارك علامة اليمن أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادي رحمه الله هذا السؤال:
** إذا كان الفقير محتاجا إلى النقود, ومستغني عن الحبوب وغيرها, فهل إخراج زكاة الفطر له نقدا في هذه الحالة تجزئ عن القوت أم لا تجزئ؟
** فأجاب رحمه الله بقوله:
** الله أرحم بعباده, {وما كان ربك نسيا} , فالنبي صلى الله عليه وسلم
فرض صدقة الفطر صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ
شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ)
** ما قال: أو ما يقاومه.
** وقد علم الله أن هناك من يحتاج إلى المال حتى في زمن الصحابة, ربما يحتاجون إلى النقود .
** ولكن يا إخواننا: الدين ليس بالرأي, وقد قال بعض أهل الرأي بهذا, وهذا مخالفة للنص كما سمعتموه,
** فلا يجوز, بل لا يجزئ أن يخرج نقودا, والله أرحم بعباده. اهـ المراد من شريط: (أسئلة العيزري).
(15) يجوز إخراج زكاة الفطر نقودا لوكيل يشتري بها طعاما.
(16) مصرف زكاة الفطر.
** تصرف زكاة الفطر للفقراء والمساكين فقط, كما في حديث ابن
عباس المتقدم في رقم (7).
** وفي: (كتاب الفتاوى الكبرى), (2/ 492):
** ثُمَّ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {طُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ}، نَصٌّ فِي أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِلْمَسَاكِينِ. اهـ
** وفي كتاب: (زاد المعاد) (2/ 21):
فَصْلٌ:
** وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْصِيصُ الْمَسَاكِينِ بِهَذِهِ
الصَّدَقَةِ،
** وَلَمْ يَكُنْ يَقْسِمُهَا عَلَى الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ قَبْضَةً قَبْضَةً،
** وَلَا أَمَرَ بِذَلِكَ، وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَا مَنْ بَعْدَهُمْ،
** بَلْ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا إِلَّا عَلَى الْمَسَاكِينِ
خَاصَّةً، وَهَذَا الْقَوْلُ أَرْجَحُ مِنَ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ قِسْمَتِهَا عَلَى الْأَصْنَافِ
الثَّمَانِيَةِ. اهـ
(17) الأصل في المزكي أن يخرج زكاته في البلد الذي هو مقيم فيه, وإن
كان من بلد آخر.
** لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لمعاذ لما بَعَثَه إِلَى الْيَمَنِ: ( … فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ …). متفق عليه
** ويجوز نقلها لبلد آخر إذا وجدت حاجة شديدة.
(18) يجوز أن تعطى زكاة الجماعة لمسكين واحد, ويجوز أن تصرف
زكاة الواحد لأكثر من مسكين.
(19) الفقير الذي ليس عنده شيء لا تجب عليه الزكاة, لكن إذا أعطي من الزكاة ما يزيد عن حاجته ليلة العيد ويومه وجبت عليه الزكاة.
(20) لا يجوز للرجل أن يعطي زكاته لأولاده الذين تلزمه نفقتهم, ولا العكس.
(21) لا يجوز للرجل أن يعطي زكاته لزوجته التي تلزمه نفقتها, ويجوز العكس؛ لأنها لا يلزمها النفقة عليه.
** عَنْ زَيْنَبَ، امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما قَالَتْ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا بِلَالٌ فَقُلْنَا لَهُ: ائْتِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبِرْهُ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ بِالْبَابِ تَسْأَلَانِكَ: أَتُجْزِئُ الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا، عَلَى أَزْوَاجِهِمَا، وَعَلَى أَيْتَامٍ فِي حُجُورِهِمَا؟ وَلَا تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْنُ، قَالَتْ: فَدَخَلَ بِلَالٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ هُمَا؟» فَقَالَ: امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَزَيْنَبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّ الزَّيَانِبِ؟» قَالَ: امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَهُمَا أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ” متفق عليه
(22) من السنة أن تجمع زكاة الفطر في مكان ثم توزع منه على
الفقراء.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فَذَكَرَ الحَدِيثَ-، فَقَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ» رواه البخاري
** وفي: (فتح الباري), لابن حجر (4/ 489):
** وَفِيهِ جَوَازُ جَمْعِ زَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ لَيْلَةِ الْفِطْرِ.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأجد 24 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
42- فضائل وخصائص ليلة القدر
** ليلة القدر ليلة عظيمة مباركة, اختصها الله جل وعلا من بين ليالي السنة كلها, فجعلها أفضلها, وذلك لما لها من الفضائل الكثيرة
والخصائص الكبيرة التي لا توجد في غيرها.
** وسميت هذه الليلة المباركة بهذا الاسم: (ليلة القدر) من القدر-بسكون الدال- وهو الشرف والرفعة, أي ليلة ذات قدر وشرف عظيم
؛ لِنُزُولِ الْقُرْآنِ فِيهَا، أَوْ لِمَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ تَنَزُّلِ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ لِمَا يَنْزِلُ فِيهَا
مِنَ الْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، أو لكونها خيراً من ألف شهر, أَوْ لأَنَّ الَّذِي يُحْيِيهَا يَصِيرُ ذَا قَدْرٍ، أو غير ذلك.
** وقيل: من القدر , بفتح الدال بمعني التقدير؛ لأن الله جل وعلا يقدر في هذه الليلة أمور العباد للسنة المقبلة, وهو ما يسميه أهل العلم
بـ (التقدير السنوي).
** وقيل: للأمرين معا , فهي ليلة ذات مقدار وشرف عظيم, وذات تقدير لأحكام تلك السنة من لدن حكيم عليم. وهذا هو الصحيح.
** وانظر:
** كتاب: (فتح الباري), لابن حجر (4/ 255)
** و(تفسير العثيمين: جزء عم), (ص: 270)
** وسأذكر ما تيسر من هذه الفضائل والخصائص في المسائل الآتية :
(1) تخصيصها بنزول القران الكريم الذي به الهداية والسعادة في الدنيا والآخرة.
** قال الله تعالى: {إنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}
** وقال: {إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ}
(2) تخصيصها بهذا النوع من الاستفهام الذي يدل علي التعظيم
والتفخيم.
** قال الله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}
** أَيْ لَمْ تَبْلُغْ دِرَايَتُكَ غَايَةَ فَضْلِهَا؛ فإنها ليلة لا يدرى أحد مدى عظمتها، ولا حدود قدرها, ثُمَّ بَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ.
** (فائدة):
** في (صحيح البخاري), (3/ 45):
** قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: «مَا كَانَ فِي القُرْآنِ» {مَا أَدْرَاكَ} فَقَدْ أَعْلَمَهُ،
** وَمَا قَالَ: {وَمَا يُدْرِيكَ} فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلِمْهُ. اهـ
(3) تخصيصها بأنها خير من ألف شهر.
** قال الله تعالى: {لَيْلَة الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر}
** أي أن العبادة فيها تعدل عبادة ألف شهر ليس فيه ليلة القدر .
** وفي تفسير البغوي (5/ 288) :
** قَالَ الْمُفَسِّرُونَ:{ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ }: مَعْنَاهُ عَمَلٌ صَالِحٌ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ خَيْرٌ مَنْ عَمِلِ أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. اهـ
** و(ألف شهر) يساوي : ثلاثا وثمانين سنة , وبضعة أشهر .
** وهذا عمر كبير قل من يصل إليه , كما قاله النبي صلى الله عليه
وسلم.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ»
[رواه الترمذي وغيره , وصححه الشيخان]
(4) تخصيصها بتنزل الملائكة الكرام, والروح – وهو جبريل عليه
السلام- وخصه بالذكر لشرفه.
** قال الله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيَها بِإِذْنِ رَبِّهم مِّن كُلِّ أَمْر}
** أي: تتنزل الملائكة بكثرة في هذه الليلة المباركة, وهم لا ينزلون إلا بالخير والبركة والرحمة والمغفرة .
(5) تخصيصها بأنها ليلة مباركة.
** قال تعالى : {إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ}
** فهي كثيرة الخيرات والبركات والرحمات .
(6) تخصيصها بأنها ليلة سلام وأمان, من أولها إلى آخرها.
** قال تعالى: {سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}
** وفي تفسير البغوي – إحياء التراث (5/ 289):
** {سَلامٌ هِيَ}، أَيْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ سَلَامٌ وَخَيْرٌ كُلُّهَا، لَيْسَ فِيهَا شَرٌّ.
** قَالَ الضَّحَّاكُ: لَا يُقَدِّرُ اللَّهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَلَا يَقْضِي إِلَّا السَّلَامَةَ.
** وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ سَالِمَةٌ لَا يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَعْمَلَ فيها سوء، وَلَا أَنْ يُحْدِثَ فِيهَا أَذًى.
** {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، أَيْ إِلَى مَطْلَعِ الْفَجْرَ. اهـ
(7) تخصيصها بتقدير أمور العباد من : سعادة وشقاوة, وإحياء وإماتة , وغنى وفقر, وصحة ومرض, وغير ذلك.
* قال تعالى: {فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍأَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}.
** وفي (تفسير الطبري),(21/ 6):
** وَقَوْلُهُ: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}
** اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، نَحْوَ اخْتِلَافِهِمْ فِي اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ،
** وَذَلِكَ أَنَّ الْهَاءَ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: {فِيهَا} عَائِدَةٌ عَلَى اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ،
** فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، يُقْضَى فِيهَا أَمْرُ السَّنَةِ كُلِّهَا: مَنْ يَمُوتُ، وَمَنْ يُولَدُ، وَمَنْ يُعَزُّ، وَمَنْ يُذَلُّ، وَسَائِرُ أُمُورِ السَّنَةِ …
** وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هِيَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ …
** وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: ذَلِكَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؛
لِمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ بَيَانِنَا عَنْ أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِقَوْلِهِ: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ لَيْلَةِ الْقَدْرِ،
** وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: {فِيهَا} مِنْ ذِكْرِ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ.
** وَعَنَى بِقَوْلِهِ: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ يُقْضَى وَيُفْصَلُ كُلُّ أَمْرٍ أَحْكَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ السَّنَةِ الْأُخْرَى. اهـ
** وفي (تفسير ابن كثير), (7/ 225):
** يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ إِنَّهُ أَنْزَلَهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ، وَهِيَ ليلة القدر كما قال عَزَّ وَجَلَّ:{إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}
** وَكَانَ ذلك في شهر رمضان كما قال تبارك وتعالى:{شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}
** وقد ذكرنا في الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ،
** وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ كَمَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ فَقَدْ أَبْعَدَ النُّجْعَةَ؛ فَإِنَّ نَصَّ الْقُرْآنِ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ،
** وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ عَبْدُ الله بن صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الأخنس قَالَ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُقْطَعُ الْآجَالُ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى شَعْبَانَ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْكِحُ وَيُولَدُ لَهُ وَقَدْ أُخْرِجَ اسْمُهُ فِي الْمَوْتَى»
** فَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ , وَمِثْلُهُ لَا يُعَارَضُ بِهِ النُّصُوصُ. اهـ
(8) تخصيصها بسورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة تسمى بـ(سورة
القدر).
(9) تخصيصها بجعل قيامها سببا لمغفرة الذنوب.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».متفق عليه
** وفي شرح النووي على مسلم (6/ 39):
** مَعْنَى (إِيمَانًا) تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حَقٌّ , مُعْتَقِداً فَضِيلَتَهُ .
** وَمَعْنَى (احْتِسَابًا) أَنْ يُرِيدَ اللَّهَ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا يَقْصِدُ رُؤْيَةَ النَّاسِ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ الْإِخْلَاصَ. اهـ
(10) اختلف العلماء في تعيين ليلة القدر على أكثر من أربعين قولا.
** والصحيح أنها في أوتار العشر الأواخر من رمضان.
** وأرجى ما تكون في ليلة سبع وعشرين.
** وأنها تتنقل, ولا تختص بليلة السابع والعشرين.
** وفي: (فتح الباري), لابن حجر (4/ 262):
** وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا,
** وَتَحَصَّلَ لَنَا مِنْ مَذَاهِبِهِمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِينَ قَوْلًا كَمَا وَقَعَ لَنَا نَظِيرُ ذَلِكَ فِي سَاعَةِ الْجُمْعَةِ.
** وَقَدِ اشْتَرَكَتَا فِي إِخْفَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِيَقَعَ الْجد فِي طَلَبِهِمَا.
** الْقَوْلُ الْأَوَّلُ : أَنَّهَا رُفِعَتْ أَصْلًا وَرَأْسًا … الخ). اهـ
(11) سبب إخفاء ليلة القدر والحكمة من ذلك.
** عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ القَدْرِ فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: «خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ، وَالسَّابِعَةِ، وَالخَامِسَةِ»
رواه البخاري
** ومعنى (تلاحى): تنازع وتخاصم.
** وفي شرح السيوطي على مسلم (3/ 255):
** وَلَعَلَّ عدم تَعْيِينهَا أبلغ فِي الْحِكْمَة وأكمل فِي تَحْصِيل الْمصلحَة. اهـ
** وفي (تفسير العثيمين: جزء عم), (ص: 273):
** وإنما أبهمها الله عز وجل لفائدتين عظيمتين:
** الفائدة الأولى: بيان الصادق في طلبها من المتكاسل؛
** لأن الصادق في طلبها لا يهمه أن يتعب عشر ليالٍ من أجل أن يدركها،
** والمتكاسل يكسل أن يقوم عشر ليالي من أجل ليلة واحدة.
** الفائدة الثانية: كثرة ثواب المسلمين بكثرة الأعمال، لأنه كلما كثر العمل كثر الثواب. اهـ
(12) علامات ليلة القدر:
** لليلة القدر علامات تُعرف بها، ومن هذه العلامات:
( أ ) أن تطلع الشمس في صبيحتها صافية لا شعاع لها.
** عَنْ زِرٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، يَقُولُ: وَقِيلَ لَهُ إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: «مَنْ قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ»، فَقَالَ أُبَيٌّ: «وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ، يَحْلِفُ مَا يَسْتَثْنِي، وَوَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ، هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِيَامِهَا، هِيَ لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا» رواه مسلم
( ب ) أن تكون السماء صافية والجو طيبا معتدلا.
** عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: “لَيْلَةٌ سَمْحَةٌ طَلْقَةٌ لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ يُصْبِحُ شَمْسُها صَبِيحَتَهَا ضَعِيفَةً حَمْرَاءَ” [رواه البيهقي, وصححه الألباني]
** وعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(إِنِّي كُنْتُ أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ نُسِّيتُها وَهِيَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَهِيَ طَلْقَةٌ بَلْجَةٌ لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا يَفْضَحُ كَوَاكِبَهَا لَا يَخْرُجُ شَيْطَانُهَا حَتَّى يَخْرُجَ فجرها)
[رواه ابن حبان وغيره, وقال الألباني: صحيح لغيره]
** (تنبيه):
** هناك علامات كثيرة منتشرة بين الناس وهي لا تصح , وبعضها يصحبها خرافات واعتقادات فاسدة, منها:
** أن الشجر يسجد.
** وأن المباني تنام.
** وأن المياه المالحة تعذب في تلك الليلة.
** وأن الكلاب تكف عن النباح , وغير ذلك.
** وفي (فتح الباري), لابن حجر (4/ 260):
** وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ عَنْ قَوْمٍ أَنَّ الْأَشْجَارَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ تَسْقُطُ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ تَعُودُ إِلَى مَنَابِتِهَا وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَسْجُدُ فِيهَا.
** وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي فَضَائِلِ الْأَوْقَاتِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَبَدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: إِنَّ الْمِيَاهَ الْمَالِحَةَ تَعْذُبُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ.
** وَرَوَى بن عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ زَهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ نَحْوَهُ. اهـ
** وفي كتاب: (الشرح الممتع على زاد المستقنع) للعثيمين
(6/496):
المبحث السابع: في علامات ليلة القدر.
** ليلة القدر لها علامات مقارنة وعلامات لاحقة.
** أما علاماتها المقارنة فهي:
1 ـ قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار.
2 ـ الطمأنينة، أي: طمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، فإنه يجد راحة وطمأنينة، وانشراح صدر في تلك الليلة، أكثر مما يجده في بقية الليالي.
3 ـ قال بعض أهل العلم: إن الرياح تكون فيها ساكنة، أي: لا يأتي فيها عواصف أو قواصف، بل يكون الجو مناسباً.
4 ـ أن الله يُري الإنسانَ الليلةَ في المنام، كما حصل ذلك لبعض الصحابة.
5 ـ أن الإنسان يجد في القيام لذة ونشاطاً، أكثر مما في غيرها من الليالي.
** أما العلامات اللاحقة:
** فمنها: أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع صافية، ليست كعادتها في بقية الأيام.
** وأما ما يذكر أنه يقل فيها نباح الكلاب، أو يعدم بالكلية، فهذا لا يستقيم، ففي بعض الأحيان ينتبه الإنسان لجميع الليالي العشر، فيجد أن الكلاب تنبح ولا تسكت،
** فإن قال قائل ما الفائدة من العلامات اللاحقة؟
** فالجواب: استبشار المجتهد في تلك الليلة وقوة إيمانه وتصديقه، وأنه يعظم رجاؤه فيما فعل في تلك الليلة. اهـ
(13) يستحب الإكثار من الدعاء في ليلة القدر, لا سيما بالدعاء الوارد.
** عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟ قَالَ: “تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي” [رواه أحمد وغيره, وصححه الألباني]
(14) أيهما أفضل ليلة الإسراء أم ليلة القدر؟
** قال ابن القيم في كتابه القيم: (بدائع الفوائد), (3/ 162):
** ومنها أنه سئل [يعني شيخ الإسلام] عن ليلة القدر وليلة الإسراء
بالنبي صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل؟
** فأجاب بأن ليلة الإسراء أفضل في حق النبي صلى الله عليه وسلم,
** وليلة القدر أفضل بالنسبة إلى الأمة.
** فحظ النبي صلى الله عليه وسلم الذي اختص به ليلة المعراج منها أكمل من حظه من ليلة القدر.
** وحظ الأمة من ليلة القدر أكمل من حظهم من ليلة المعراج, وإن كان لهم فيها أعظم حظ لكن الفضل والشرف والرتبة العليا إنما حصلت فيها لمن أسرى به. اهـ
(15) (( فائدة )):
** هل هناك ليلة أفضل من ليلة القدر؟
** الجواب: نعم, هي ليلة الحراسة في أرض الخوف.
** عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: “ألا أُنبئكم بليلة أفضلَ من ليلةِ القدرِ؟ حارسٌ حرس في أرضِ خوفٍ، لعله أن لا يرجع إلى أهله”.
[رواه الحاكم وقال: “صحيح على شرط البخاري”, وصححه الألباني]
** وعن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه كانَ في الرباطِ
ففزعوا إلى الساحلِ، ثم قيلَ: لا بأسَ، فانصرفَ الناسُ وأبو هريرة واقفٌ، فمرّ به إنسانٌ، فقالَ: ما يوقفُك يا أَبا هريرة! فقال: سمعتُ رسولَ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يقول: “موقفُ ساعةٍ في سبيلِ الله؛ خيرٌ من قيام ليلةِ القدرِ عند الحجرِ الأسودِ”.
[رواه ابن حبان في “صحيحه” والبيهقي وغيرهما, وصححه الألباني]
** قال الشيخ الألباني في تعليقه على صحيح الترغيب والترهيب
(2/ 67):
** قلت: إنما بدأ المصنف بمجاهد دون أبي هريرة، ليشير بذلك إلى ما قيل أن مجاهداً لم يسمع من أبي هريرة. لكن هذا لم يثبت، ولذلك حكاه الحافظ في “التهذيب” بصيغة التمريض: (قيل).
** ويؤيده أنه ثبت سماع مجاهد من أبي هريرة في “سنن البيهقي” (7/ 270)، رواه عنه بسند صحيح.
** ولذلك خرجت الحديث في “الصحيحة” (1068). اهـ
** وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسولَ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَقِيَامُ رَجُلٍ فِي الصَّفِّ فِي سَبِيلِ الله عز وجل سَاعَةً أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً.
[رواه البيهقي وغيره , وصححه الألباني].
(16) هل إذا وافقت ليلة وترية ليلة جمعة كانت أرجى من غيرها؟.
** ذكر الحافظ ابن رجب في (لطائف المعارف), (ص: 203):
عن الوزير أبي المظفر ابن هبيرة أنه قال: وإن وقع في ليلة من أوتار العشر ليلة جمعة فهي أرجى من غيرها. اهـ
** قال أبو عبد الله الجعدي- وفقه الله-:
** وهذا يحتاج إلى دليل صحيح , ولا دليل عليه – فيما أعلم-.
** (والخلاصة):
** أنه ينبغي لكل عاقل لبيب يرجو رحمة ربه ويخشى عذابه أن يجد ويجتهد ويبذل قصارى جهده في الاستكثار من الأعمال الصالحة قبل فوات الأوان وقبل انتهاء الزمان؛ فإن المحروم من حرم خير هذه الليلة
المباركة,
** فقد ثبت عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلَ رَمَضَانُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ”. [رواه ابن ماجه, وحسنه الألباني]
** وقد ضرب لنا نبينا عليه الصلاة والسلام المثل الأعلى في هذا الأمر .
** فكان يجتهد في العشر الأواخر اجتهادا عظيما ؛ طلبا لليلة القدر .
** وكان يعتكف في العشر الأواخر التماسا لليلة القدر .
** وهكذا كان أصحابه الكرام رضوان الله عليهم, والتابعون لهم بإحسان
, والأئمة الأخيار, إلى يومنا هذا.
** قال بعض السلف: لو كانت ليلة القدر ليلة واحدة في السنة لقمت السنة حتى أدركها , فما بالك بعشر ليال؟!
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 21 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
41- أحكام الاعتكاف
** الاعتكاف: عبادة عظيمة وطاعة جليلة, فيه تزكية للنفس وتطهير للقلب حيث ينقطع المسلم الأواب إلى ربه سبحانه وتعالى مستأنسا بقربه متلذذا بمناجاته منكسرا بين يديه متقربا إليه بجميع أنواع العبادة.
** فهو للنفس عزلة مؤقتة عن الخلق وشواغل الدنيا، وإقبال على
الخالق سبحانه وتعالى إقبالا كليا، خاصة في ختام شهر رمضان المبارك، حيث ترجى ليلة القدر.
** قال الحافظ ابن رجب في كتابه: ( لطائف المعارف), (ص:191):
** (معنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق، للاتصال بخدمة الخالق، وكلما قويت المعرفة بالله، والمحبة له، والأنس به، أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال).
** وقال أيضا في (ص: 190):
** فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه فما بقي له هم سوى الله وما يرضيه عنه.
** والكلام على الاعتكاف وأحكامه في هذه المسائل الآتية:
(1) تعريف الاعتكاف, لغة وشرعا:
** الِاعْتِكَافُ لُغَةً: لُزُومُ الشَّيْءِ وَحَبْسُ النَّفْسِ عَلَيْهِ, خيراً كان أو شراً.
** يُقال: عكَف بالمكان: إِذا أقام به، ومنه قوله تعالى: {يعكفون على أصنام لهم}
** وشرعا: له تعاريف كثيرة متقاربة, منها:
** (لزوم المسجد بنية التعبد لله, من شخص مخصوص على صفة مخصوصة).
** وعرفه ابن حزم في المحلى (3/ 394): فقال:
** الاعْتِكَافُ: هُوَ الإِقَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ بِنِيَّةِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَاعَةً فَمَا فَوْقَهَا، لَيْلا، أَوْ نَهَارًا. اهـ
(2) وهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع:
** فمن الكتاب: قوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في
المساجد}, ومثله: {أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين}
** ومن السنة: أحاديث كثيرة منها:
** عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – أَنَّ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. متفق عليه .
** وأما الإجماع: فقد نقله غير واحد من أهل العلم, منهم: ابن المنذر والنووي وابن قدامة.
** قال ابن المنذر في كتابه “الإجماع” (ص50):
130- “وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذرا فيجب عليه”. اهـ
** وفي (فتح الباري), لابن حجر (4/ 285):
** وَقد روى بن الْمُنْذر عَن ابن شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: عَجَبًا لِلْمُسْلِمِينَ تَرَكُوا الِاعْتِكَافَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكْهُ مُنْذُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. اهـ
(3) حكمه:
** الاعتكاف مستحب, ويتأكد استحبابه في العشر الأواخر من رمضان,
وليس بواجب إلا بالنذر اتفاقا, كما تقدم قريبا في كلام ابن المنذر.
** قال النووي في المجموع شرح المهذب (6/ 475)
** الاعتكاف سنة بالإجماع, ولا يجب إلا بالنذر بالإجماع.
** ويستحب الاكثار منه, ويستحب ويتأكد استحبابه في العشر الاواخر من شهر رمضان, للاحاديث السابقة هنا وفى الباب قبله في ليلة القدر لرجائها.
** وهذا الاستحباب هو في حق الرجال والنساء على حد سواء.
** إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (2/ 226)
** وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ مُطْلَقِ الِاعْتِكَافِ، وَاسْتِحْبَابُهُ فِي رَمَضَانَ بِخُصُوصِهِ، وَفِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ بِخُصُوصِهَا، وَفِيهِ تَأْكِيدُ هَذَا
الِاسْتِحْبَابِ بِمَا أَشْعَرَ بِهِ اللَّفْظُ مِنْ الْمُدَاوَمَةِ، وَبِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، مِنْ قَوْلِهَا: “فِي كُلِّ رَمَضَانَ” وَبِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلِ أَزْوَاجِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِوَاءِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ.
(4) الحكمة منه:
** من حِكَم الاعتكاف صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى بلمِّ شعثه بالإقبال على الله تعالى وترك فضول المباحات وتحقيق الأنس بالله تعالى والاشتغال به وحده والتفكر في تحصيل مراضيه.
** قال الصنعاني في كتابه: (سبل السلام), (3/ 383):
** ( … وَأَمَّا الْمَقْصُودُ مِنْهُ فَهُوَ جَمْعُ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْخَلْوَةِ مَعَ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ، وَالْإِقْبَالُ عَلَيْهِ تَعَالَى وَالتَّنَعُّمُ بِذِكْرِهِ وَالْإِعْرَاضُ عَمَّا عَدَاهُ).
** وانظر كتاب (زاد المعاد) (2 / 82):
** وكتاب: (موسوعة الفقه الإسلامي), (3/200)
(5) الاعتكاف ليس خاصا بهذه الأمة:
** الاعتكاف مشروع في الأديان السابقة:
** قال تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}.
** وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؟.
قَالَ: فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ. متفق عليه.
(6) فضل الاعتكاف:
** الاعتكاف -وإن كان قربة،- إلا أنه لم يرد في فضله حديث صحيح
صريح.
** وفي كتاب: (المغني), لابن قدامة (3/ 186):
** قَالَ أَبُو دَاوُد: قُلْت لِأَحْمَدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ -: تَعْرِفُ فِي فَضْلِ الِاعْتِكَافِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، إلَّا شَيْئًا ضَعِيفًا. اهـ
** ولكن مشروعيته في قوله تعالي: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد}
** ومواظبة الرسول له بعد قدومه إلى المدينة,
** وملازمة أصحابه وأزواجه له من بعده دليل علي فضله.
** وقد كان السلف يتعجبون لمن يترك الاعتكاف كما نقل الحافظ في الفتح عن ابن شهاب , كما تقدم.
** ومن الأحاديث الضعيفة والموضوعة في فضل الاعتكاف:
** صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته (ص: 1223)
12230 – من اعتكف إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه
أخرجه الديلمي في الفردوس عن عائشة.
قال الشيخ الألباني: (ضعيف).
** سلسلة الأحاديث الضعيفة (2/ 10)
518 – “من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين”.
موضوع .
رواه البيهقي في “الشعب” من حديث الحسين بن علي مرفوعا وقال:
“إسناده ضعيف ومحمد بن زاذان أي أحد رجاله متروك، وقال البخاري: لا يكتب حديثه . اهـ
(7) وقت الاعتكاف:
** الِاعْتِكَاف مستحب في جميع أيام السنة.
** فقد ثبت في الصحيحين أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتكف في شوال .
** قال البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه (3 / 66):
14- باب الاعتكاف في شوال.
2041- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَة بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ ، وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ قَالَ : فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ أَنْ تَعْتَكِفَ فَأَذِنَ لَهَا فَضَرَبَتْ فِيهِ قُبَّةً فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ فَضَرَبَتْ قُبَّةً وَسَمِعَتْ زَيْنَبُ بِهَا فَضَرَبَتْ قُبَّةً أُخْرَى فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْغَدِ أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبَابٍ فَقَالَ مَا هَذَا فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَّ فَقَالَ مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا آلْبِرُّ انْزِعُوهَا فَلاَ أَرَاهَا فَنُزِعَتْ فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي آخِرِ الْعَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ .
** وفي مسلم: ( … حَتَّى اعْتَكَفَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَّلِ مِنْ شَوَّالٍ)
** وفي الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ -يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْفِ نَذْرَكَ (بِنَذْرِكَ) فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً.
** وأفضله في رمضان لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا. رواه البخاري
** وأفضله في العشر الأواخر منه لحديث عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِه. متفق عليه
(8) متى يبتدئ وقت الاعتكاف, ومتى ينتهي؟.
** اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
** القول الأول: يدخل من بعد صلاة الصبح من يوم الحادي والعشرين.
وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْث فِي أَحَد قَوْلَيْهِ.
دليلهم حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ.
** القول الثاني : يدخل قبل غروب الشمس ليلة الحادي والعشرين.
** وهذا مذهب جمهور العلماء, واستدلوا بحديث أبي سعيد رضي الله عنه , وفيه: « … مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ».
** وجه الدلالة: أن لفظ (العشر) بغير هاء عدد لليالي، وأول هذه الليالي ليلة إحدى وعشرين.
** والعشر الأواخر من رمضان تدخل من ليلة إحدى وعشرين وليس من فجر إحدى وعشرين” .
** وهذا هو الراجح لأمرين:
** أولاً: أن من مقاصد الاعتكاف التماس ليلة القدر، وهي ترجى في أوتار العشر، وأولها ليلة إحدى وعشرين.
** ثانياً : أن من دخل قبل الغروب صدق عليه أنه اعتكف العشر الأواخر بكاملها، أما من دخل بعد صلاة الفجر لم يصدق عليه أنه اعتكف العشر الأواخر كلها.
** قال ابن بطال في شرح صحيح البخارى ـ (4 / 178) :
** ( … وذهب الأولون إلى أن النهار تبع لليل على كل حال، فلذلك بدءوا بالليل، وهذا هو الصحيح في هذه المسألة؛ لأن المعروف عند جميع الأمة تقدم الليل للنهار بكون الأهلة مواقيت للناس فى الشهور والعدد وغير ذلك
، فأول الشهر ليلة، فكذلك كل عدد من الأيام وإن قل فإن أوله ليلة، ولا حجة لمن خالف هذا والله أعلم). اهـ
** وأما حديث عائشة رضي الله عنها المذكور في الباب فمعناه: انقطع في معتكفه بعد صلاة الفجر للانفراد عن الناس بعد الاجتماع بهم في الصلاة، وكان قبل ذلك معتكفاً لابثاً في جملة المسجد، لا أن معناه أنه ابتدأ الاعتكاف بعد صلاة الفجر؛ إذ لو كان هذا هو المراد لما ذكرت معتكفه، وإنما تذكر المسجد؛ لأنه إذا دخل المسجد بدأ الاعتكاف بدخوله؛ لأن الاعتكاف يبدأ من دخول المسجد ونية الاعتكاف قبل صلاة الفجر. اهـ بتصرف من:
(منحة العلام شرح بلوغ المرام), لعبدالله الفوزان (ص: 99)
** وفي شرح النووي على مسلم (8/ 68):
** قَوْله: (إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِف صَلَّى الْفَجْر ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفه)
** اِحْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقُول: يَبْدَأ بِالِاعْتِكَافِ مِنْ أَوَّل النَّهَار، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْث فِي أَحَد قَوْلَيْهِ،
** وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد: يَدْخُل فِيهِ قَبْل غُرُوب
الشَّمْس إِذَا أَرَادَ اِعْتِكَاف شَهْر أَوْ اِعْتِكَاف عَشْر، وَأَوَّلُوا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ الْمُعْتَكَف، وَانْقَطَعَ فِيهِ، وَتَخَلَّى بِنَفْسِهِ بَعْد صَلَاته الصُّبْح، لَا أَنَّ ذَلِكَ وَقْت اِبْتِدَاء الِاعْتِكَاف، بَلْ كَانَ مِنْ قَبْل الْمَغْرِب مُعْتَكِفًا لَابِثًا فِي جُمْلَة الْمَسْجِد ، فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْح اِنْفَرَدَ. اهـ
** وأما مسألة متى ينتهي الاعتكاف ففيها خلاف على قولين أيضا:
** ففي كتاب: (منحة العلام شرح بلوغ المرام), لعبدالله الفوزان
(ص: 100):
** وأما وقت خروج المعتكف فاستحب كثير من أهل العلم أن يكون عند خروجه لصلاة العيد، لكي يصل عبادة بعبادة.
** والقول الثاني: أنه يخرج إذا غربت الشمس ليلة العيد؛ لأن العشر الأواخر تنتهي بانتهاء الشهر، والشهر ينتهي بغروب الشمس من ليلة العيد،
** وهذا هو الأظهر؛ لقوة مأخذه، والله أعلم. اهـ
** وفي صحيح البخاري- ت/ الناصر (3/ 50)
** بَابُ مَنْ خَرَجَ مِنْ اعْتِكَافِهِ عِنْدَ الصُّبْحِ:
2040 – حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ خَالِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: وَأَظُنُّ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَبِيدٍ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ, فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ نَقَلْنَا مَتَاعَنَا.
فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى مُعْتَكَفِهِ فَإِنِّي رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ, وَرَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ,
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُعْتَكَفِهِ وَهَاجَتْ السَّمَاءُ فَمُطِرْنَا , فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَقَدْ هَاجَتْ السَّمَاءُ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا , فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ.
** وفي الموطأ – مشكول (1/ 248):
** باب خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ لِلْعِيدِ.
881 – حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ
سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اعْتَكَفَ،
فَكَانَ يَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ تَحْتَ سَقِيفَةٍ، فِي حُجْرَةٍ مُغْلَقَةٍ، فِي دَارِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، ثُمَّ لاَ يَرْجِعُ حَتَّى يَشْهَدَ الْعِيدَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ.
882 – حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ رَأَى بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ، إِذَا اعْتَكَفُوا الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، لاَ يَرْجِعُونَ إِلَى أَهَالِيهِمْ، حَتَّى يَشْهَدُوا الْفِطْرَ مَعَ النَّاسِ.
** قَالَ زِيَادٌ قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ الْفَضْلِ الَّذِينَ مَضَوْا.
وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ. اهـ
** وفي كتاب: (بداية المجتهد), لابن رشد القرطبي (ص: 263)
** وَأَمَّا وَقْتُ خُرُوجِهِ: فَإِنَّ مَالِكًا رَأَى أَنْ يَخْرُجَ الْمُعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ، وَأَنَّهُ إِنْ خَرَجَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَجْزَأَهُ.
** وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: بَلْ يَخْرُجُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ.
** وَقَالَ سَحْنُونٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: إِنْ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ.
** وَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ: هَلِ اللَّيْلَةُ الْبَاقِيَةُ هِيَ مَنْ حُكْمِ الْعَشْرِ أَمْ لَا؟.
(9) أقل وقت يقع فيه الاعتكاف:
** وفي (فتح الباري), لابن حجر (6/ 311):
** وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ, وَاخْتَلَفُوا فِي أَقَلِّهِ:
** فَمَنْ شَرَطَ فِيهِ الصِّيَامَ, قَالَ: أَقَلُّهُ يَوْمٌ،
** وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَصِحُّ مَعَ شَرْطِ الصِّيَامِ فِي دُونِ الْيَوْمِ حَكَاهُ اِبْن قُدَامَةَ
** وَعَنْ مَالِك يُشْتَرَط عَشْرَة أَيَّام ، وَعَنْهُ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ،
** وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الصَّوْمَ قَالُوا: أَقَلُّهُ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اِسْم لُبْثٍ, وَلَا يُشْتَرَط الْقُعُود،
** وَقِيلَ: يَكْفِي الْمُرُورُ مَعَ النِّيَّة كَوُقُوفِ عَرَفَةَ،
** وَرَوَى عَبْد الرَّزَّاق عَنْ يَعْلَى أُمِّيَّة الصَّحَابِيّ “إِنِّي لَأَمْكُثُ فِي الْمَسْجِد السَّاعَةَ وَمَا أَمْكُثُ إِلَّا لِأَعْتَكِفَ”. اهـ
(10) شروط الاعتكاف:
** وفي كتاب: (الموسوعة الفقهية الكويتية), (2/ 1701):
** اتّفق الفقهاء على أنّه يصحّ الاعتكاف من الرّجل والمرأة والصّبيّ المميّز.
** واشترطوا لصحّة الاعتكاف الواجب والمندوب ما يلي:
1 – الإسلام: فلا يصحّ الاعتكاف من الكافر، لأنّه ليس من أهل العبادة.
2 – العقل: فلا يصحّ الاعتكاف من المجنون والسّكران والمغمى عليه.
3 – التّمييز: فلا يصحّ الاعتكاف من غير المميّز، إذ لا نيّة لهم ، والنّيّة في الاعتكاف واجبةٌ.
** أمّا الصّبيّ العاقل المميّز فيصحّ منه الاعتكاف، لأنّه من أهل العبادة،
كما يصحّ منه صوم التّطوّع.
4 – النّقاء من الحيض والنّفاس: فلا يصحّ الاعتكاف من الحائض
والنّفساء، لأنّهما ممنوعتان عن المسجد، ولا يصحّ الاعتكاف إلاّ في
مسجدٍ.
5 – الطّهارة من الجنب: فلا يصحّ الاعتكاف من الجنب، لأنّه ممنوعٌ من اللّبث في المسجد. اهـ بتصرف يسير
** وفي كتاب: (شرح السنة), للبغوي (2/ 45):
** قَالَ الإِمَامُ: وَلا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ، وَلا لِلْحَائِضِ الْمَكْثُ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ، فَإِنِّي لَا أَحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلا جُنُبٍ »
** وَهَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
** وَجَوَّزَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ الْمُرُورَ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَنَسٍ، وَجَابِرٍ.
** وَجَوَّزَ أَحْمَدُ، وَالْمُزَنِيُّ الْمَكْثَ فِيهِ، وَضَعَّفَ أَحْمَدُ الْحَدِيثَ، لأَنَّ رَاوِيَهُ أَفْلَتُ بْنُ خَلِيفَةَ مَجْهُولٌ، وَتَأَوَّلَ الآيَةَ عَلَى أَنَّ {عَابِرِي سَبِيلٍ}هُمُ
الْمُسَافِرُونَ تُصِيبُهُمُ الْجَنَابَةَ، فَيَتَيَمَّمُونَ وَيُصَلُّونَ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. اهـ
6 – الصوم – على خلاف فيه -: والصحيح عدم اشتراطه.
** وفي سنن أبى داود (2/ 310):
** عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتِ: السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لاَ يَعُودَ مَرِيضًا وَلاَ يَشْهَدَ جَنَازَةً وَلاَ يَمَسَّ امْرَأَةً وَلاَ يُبَاشِرَهَا وَلاَ يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلاَّ لِمَا لاَ بُدَّ مِنْهُ وَلاَ اعْتِكَافَ إِلاَّ بِصَوْمٍ وَلاَ اعْتِكَافَ إِلاَّ فِى مَسْجِدٍ جَامِعٍ.
** قَالَ أَبُو دَاوُدَ: غَيْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ لاَ يَقُولُ فِيهِ: قَالَتِ السُّنَّةُ.
** قَالَ أَبُو دَاوُدَ: جَعَلَهُ قَوْلَ عَائِشَةَ. قال الألباني :حسن صحيح.
** وفي سنن الترمذى (6/ 201) :
** وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – وَغَيْرِهِمْ : لاَ اعْتِكَافَ إِلاَّ بِصَوْمٍ.
** وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صَوْمٌ إِلاَّ أَنْ يُوجِبَ عَلَى نَفْسِهِ صَوْمًا.
** وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِى الْجَاهِلِيَّةِ فَأَمَرَهُ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – بِالْوَفَاءِ. وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ.
** وفي كتاب: (اختلاف الأئمة العلماء), لابن هبيرة (1/ 260):
** واتفقوا على أنه لا يصح إلا بالنية.
** وأجمعوا على أنه يصح الاعتكاف في كل مسجد.
** إلا أحمد فإنه قال : لا يصح إلا في مسجد تقام فيه الجماعات.
** وأجمعوا على أنه لا يصح اعتكاف المرأة في بيتها.
إلا أبا حنيفة فإنه قال : يجوز لها الاعتكاف في مسجد بيتها.
** وأجمعوا على أنه يجب على المعتكف الخروج إلى الجمعة.
** وأجمعوا على أنه إذا وجب عليه بالنذر اعتكاف أيام يتخللها يوم
الجمعة أن المستحب له أن يعتكف في المسجد الذي تقام فيه الجمعة لئلا يخرج من معتكفة لها.
** ثم اختلفوا فيه إن لم يعتكف لهذا النذر في الجامع بل في مسجد تقام فيه الجماعات ثم خرج منه يوم الجمعة لصلاته هل يبطل اعتكافه بذلك؟
** فقال أبو حنيفة وأحمد : لا يبطل اعتكافه بذلك.
** وقال مالك : يبطل اعتكافه على الإطلاق.
** وقال الشافعي في عامة كتبه: يبطل اعتكافه بذلك لأنه كان يمكنه الاحتراز من ذلك بالاعتكاف في الجامع.
** وقال الشافعي في البويطي خاصة: لا يبطل بالخروج إلى حاجة
الإنسان.
(11) ما يستحب للمعتكف, وما يكره له:
** وفي كتاب: (فقه السنة), -للسيد سابق (1/ 480):
** (ما يستحب للمعتكف, وما يكره له):
** يستحب للمعتكف أن يكثر من نوافل العبادات، ويشغل نفسه بالصلاة, وتلاوة القرآن, والتسبيح, والتحميد , والتهليل , والتكبير, والاستغفار, والصلاة والسلام على النبي صلوات الله وسلامه عليه, والدعاء، ونحو ذلك من الطاعات التي تقرب إلى الله تعالى, وتصل المرء بخالقه جل ذكره.
** ومما يدخل في هذا الباب دراسة العلم, واستذكار كتب التفسير والحديث, وقراءة سير الأنبياء والصالحين وغيرها من كتب الفقه
والدين.
** ويستحب له أن يتخذ خباء في صحن المسجد ائتساء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
** ويكره له: أن يشغل نفسه بما لا يعنيه من قول أو عمل، … )
ويكره له الامساك عن الكلام ظنا منه أن ذلك مما يقرب إلى الله عز وجل. … ).
(12) ما يباح للمعتكف:
** وفي كتاب: (فقه السنة), للسيد سابق (1/ 481):
** (ما يباح للمعتكف):
** يباح للمعتكف ما يأتي:
1 – خروجه من معتكفه لتوديع أهله،
** قالت صفية،كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا،. ..).
2 – ترجيل شعره , وحلق رأسه، وتقليم أظفاره , وتنظيف البدن من الشعث والدرن , ولبس أحسن الثياب , والتطيب بالطيب.
** قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون معتكفا في المسجد فيناولني رأسه من خلل الحجرة، فأغسل رأسه – ”
** وقال مسدد فأرجله ” وأنا حائض. رواه البخاري ومسلم وأبو داود.
3 – الخروج للحاجة التي لا بد منها،
** قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
** وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن للمعتكف أن يخرج من معتكفه للغائط والبول، لان هذا مما لا بد منه , ولا يمكن فعله في المسجد،
** وفي معناه : الحاجة إلى المأكول والمشروب إذا لم يكن له من يأتيه به فله الخروج إليه،
** وإن بغته القيء فله أن يخرج ليقيء خارج المسجد،
** وكل ما لا بد منه ولا يمكن فعله في المسجد فله خروجه إليه، ولا يفسد اعتكافه ما لم يطل. انتهى.
** ومثل هذا الخروج للغسل من الجنابة وتطهير البدن والثوب من
النجاسة.
** روى سعيد بن منصور قال: قال علي بن أبي طالب: إذا اعتكف الرجل فليشهد الجمعة، وليحضر الجنازة، وليعد المريض وليأت أهله يأمرهم بحاجته وهو قائم.
** وأعان رضي الله عنه ابن أخته بسبعمائة درهم من عطائه أن يشتري بها خادما، فقال: إني كنت معتكفا، فقال له علي: وما عليك لو خرجت إلى السوق فابتعت؟
** وعن قتادة: أنه كان يرخص للمعتكف أن يتبع الجنازة ويعود المريض ولا يجلس .
** وقال إبراهيم النخعي: كانوا يستحبون للمعتكف أين يشترط هذه الخصال – وهن له وإن لم يشترط – عيادة المريض، ولا يدخل سقفا، ويأتي الجمعة: ويشهد الجنازة، ويخرج إلى الحاجة.
** قال: ولا يدخل المعتكف سقيفة إلا لحاجة.
** قال الخطابي: وقالت طائفة للمعتكف أن يشهد الجمعة ويعود
المريض، ويشهد الجنازة.
** روي ذلك عن علي رضي الله عنه، وهو قول سعيد بن جبير والحسن البصري والنخعي.
** وروى أبو داود عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر بالمريض وهو معتكف، فيمر كما هو ولا يعرج يسأل عنه.
** وما روي عنها من أن السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا فمعناه : أن لا يخرج من معتكفه، قاصدا عيادته، وأنه، لا يضيق عليه أن يمر به فيسأل غير معرج عليه.
4 – وله أن يأكل ويشرب في المسجد وينام فيه، مع المحافظة على نظافته وصيانته، وله أن يعقد العقود فيه كعقد النكاح وعقد البيع والشراء، ونحو ذلك.
(13) ما يبطل الاعتكاف:
** وفي كتاب: (فقه السنة), للسيد سابق (1/ 482) :
** (ما يبطل الاعتكاف):
** يبطل الاعتكاف بفعل شئ مما يأتي:
1 – الخروج من المسجد لغير حاجة عمدا وإن قل، فإنه يفوت المكث فيه، وهو ركن من أركانه.
2 – الرده. لمنافاتها للعبادة، ولقول الله تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك).
3، 4، 5 – ذهاب العقل بجنون أو سكر.
** والحيض والنفاس، لفوات شرط التمييز والطهارة من الحيض والنفاس.
6 – الوطء لقول الله تعالى: (ولا تقربوهن وأنتم عاكفون في المساجد، تلك حدود الله فلا تقربوها) ولا بأس باللمس بدون شهوة، فقد كانت إحدى نسائه صلى الله عليه وسلم ترجله وهو معتكف،
** أما القبلة واللمس بشهوة فقد قال أبو حنيفة وأحمد : إنه قد أساء،
لأنه قد أتى بما يحرم عليه، ولا يفسد اعتكافه إلا أن ينزل،
وقال مالك: يفسد اعتكافه لأنها مباشرة محرمة فتفسد كما لو أنزل،
** وعن الشافعي روايتان كالمذهبين.
** قال ابن رشد: وسبب اختلافهم، هل الاسم المشترك، بين الحقيقة والمجاز له عموم أم لا , وهو أحد أنواع الاسم المشترك ؟ .
** فمن ذهب إلى أن له عموما قال: إن المباشرة في قوله تعالى: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) يطلق على الجماع وعلى ما دونه،
** ومن لم ير له عموما – وهو الأشهر الأكثر – قال: يدل إما على الجماع، وإما على ما دون الجماع، فإذا قلنا: إنه يدل على الجماع بإجماع، بطل أن يدل على غير الجماع، لأن الاسم الواحد لا يدل على الحقيقة والمجاز معا.
** ومن أجرى الإنزال بمنزلة الوقاع، فلأنه في معناه،
** ومن خالف فلأنه يطلق عليه الاسم حقيقة. اهـ
(14) قضاء الاعتكاف:
** من شرع في الاعتكاف متطوعا ثم قطعه استحب له قضاءه,
وقيل: يجب.
** فالمعتكف تطوعاً إذا أبطل اعتكافه بعد الشروع فيه، فإنه يستحب له القضاء ولا يلزمه، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة، وقولٌ للحنفية.
الدليل:
** عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة، فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت، فلما رأت ذلك زينب ابنة جحش أمرت ببناء، فبني لها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى انصرف إلى بنائه، فبصر بالأبنية فقال: ما هذا؟ قالوا: بناء عائشة وحفصة وزينب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آلبر أردن بهذا؟! ما أنا بمعتكف. فرجع، فلما أفطر اعتكف عشراً من شوال).
أخرجه البخاري ومسلم.
** وجه الدلالة:
** أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهن بالقضاء، وقضاء النبي صلى الله عليه وسلم له لم يكن واجباً عليه, وإنما فعله تطوعاً; لأنه كان إذا عمل عملا أثبته.
** والمعتكف واجبا , وهو من نذر اعتكاف يومٍ أو عدة أيامٍ معينةٍ ففاتته أو بطل اعتكافه فيها بأحد مفسداته، فعليه قضاء اليوم أو الأيام التي فاتته، أو بطل اعتكافه فيها، وهذا قول الجمهور من الحنفية، والمالكية،
والشافعية، والحنابلة.
** وذلك لأن الوفاء بالنذر واجب، فإذا فسد اعتكافه المنذور فإن النذر لا يزال باقياً ، فهو دينٌ في ذمته، وعليه قضاؤه.
** سنن الترمذى (3/ 363)
** وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- يَعْتَكِفُ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَلَمْ يَعْتَكِفْ عَامًا فَلَمَّا كَانَ فِى الْعَامِ الْمُقْبِلِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ. ( وصححه الألباني )
** قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
** وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُعْتَكِفِ إِذَا قَطَعَ اعْتِكَافَهُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهُ عَلَى مَا نَوَى
** فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا نَقَضَ اعْتِكَافَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
** وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ مِنِ اعْتِكَافِهِ فَاعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
** وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نَذْرُ اعْتِكَافٍ أَوْ شَيءٌ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا فَخَرَجَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِىَ إِلاَّ أَنْ يُحِبَّ ذَلِكَ اخْتِيَارًا مِنْهُ وَلاَ يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِىِّ.
** قَالَ الشَّافِعِىُّ: فَكُلُّ عَمَلٍ لَكَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ فِيهِ فَإِذَا دَخَلْتَ فِيهِ فَخَرَجْتَ مِنْهُ فَلَيْسَ عَلَيْكَ أَنْ تَقْضِىَ إِلاَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ. وَفِى الْبَابِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الثلاثاء 19 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
40- التجارة الرابحة في رمضان مع الكريم المنان
** التجارة مع الله سبحانه وتعالى تجارة عظيمة وثمينة ومريحة جدا, يطمع بها كل عاقل لبيب؛ لأنها تجارة رابحة, فلا خسارة فيها, ولا كساد, ولا بوار.
* كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ
مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}
** وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
** فالتجارة مع الله أرباحها كثيرة وأجورها كبيرة.
** وكيف لا تكون كذلك, وهي تجارة مع أرحم الراحمين, وأكرم الأكرمين, والغني الشكور, الذي يعطي على العمل اليسر الأجر الكبير والربح الوفير.
** قال تعالى: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها}.
** وقال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
** وقال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}.
** والتجارة مع الله سعادة وهداية, وراحة وطمأنينة.
** قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
** وقال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى}.
** وسأذكر بعض الأحاديث التي العمل فيها يسير والربح فيها كثير وكبير.
** عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ، كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟» فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ: « يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ». رواه مسلم
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
“مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ
مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ” متفق عليه.
** وعَنْ عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ قَالَ حِينَ يَدْخُلُ السُّوقَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَبَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ”
[رواه ابن ماجة وغيره, وحسنه الألباني]
** وعَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: أَتَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ، فَإِنِّي قَدْ كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ وَبَدُنْتُ! فَقَالَ: “كَبِّرِي اللَّهَ مِئَةَ مَرَّةٍ، وَاحْمَدِي اللَّهَ مِئَةَ مَرَّةٍ، وَسَبِّحِي اللَّهَ مِئَةَ مَرَّةٍ، خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ فَرَسٍ مُلْجَمٍ مُسْرَجٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَخَيْرٌ مِنْ مِئَةِ بَدَنَةٍ، وَخَيْرٌ مِنْ مِائَةِ رَقَبَةٍ”. [رواه ابن ماجة, وصححه الألباني]
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ» متفق عليه.
** وفي (فتح الباري), لابن حجر (3/ 279):
** قَوْلُهُ: (فَلُوَّهُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهُوَ الْمُهْرُ؛ لِأَنَّهُ يُفْلَى أَيْ يُفْطَمُ
** وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ فَطِيمٍ مِنْ ذَاتِ حَافِرٍ وَالْجَمْعُ أَفْلَاءٌ كَعَدُوٍّ وَأَعْدَاءٍ.
** وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: إِذَا فَتَحْتَ الْفَاءَ شَدَّدْتَ الْوَاوَ وَإِذَا كَسَرْتَهَا سَكَّنْتَ اللَّامَ كَجِرْوٍ.
** وَضَرَبَ بِهِ الْمَثَلَ لِأَنَّهُ يَزِيدُ زِيَادَةً بَيِّنَةً.
** وَلِأَنَّ الصَّدَقَةَ نِتَاجُ الْعَمَلِ وَأَحْوَجُ مَا يَكُونُ النِّتَاجُ إِلَى التَّرْبِيَةِ إِذَا كَانَ فَطِيمًا.
** فَإِذَا أَحْسَنَ الْعِنَايَةَ بِهِ انْتَهَى إِلَى حَدِّ الْكَمَالِ.
** وَكَذَلِكَ عمل بن آدَمَ لَا سِيَّمَا الصَّدَقَةُ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَصَدَّقَ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ لَا يَزَالُ نَظَرُ اللَّهِ إِلَيْهَا يُكْسِبُهَا نَعْتَ الْكَمَالِ حَتَّى تَنْتَهِيَ بِالتَّضْعِيفِ إِلَى نِصَابٍ تَقَعُ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَدَّمَ نِسْبَةَ مَا بَيْنَ التَّمْرَةِ إِلَى الْجَبَلِ. اهـ
** عَنْ أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ»
[رواه النسائي, وصححه الألباني, وحسنه شيخنا الوادعي]
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
«إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ، فَاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ وَأَعْلَى الجَنَّةِ – أُرَاهُ – فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ» رواه البخاري
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ». رواه مسلم
** فهذه الأدلة وأمثالها تبين لنا أن التجارة مع الله ربحها عظيم ونفعها عميم .
** أيها الإخوة الكرام:
** إن الله سبحانه وتعالى خلقنا من أجل العمل والكسب الذي يقربنا من ربنا, ويزيد في أرباحنا ويرفع درجاتنا.
** قال تعالى: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
** وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
** وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
** عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» رواه مسلم.
** وهذا العمل مطلوب منا دائما وأبدا في كل زمان ومكان من ليل ونهار
, وحضر وسفر, إلا أنه يتأكد الطلب في المواسم العظيمة كـ (رمضان, والعشر الأول من ذي الحجة), ونحو ذلك.
** ونحن في هذه الأيام نعيش في موسم عظيم من مواسم الخيرات,
وهو شهر رمضان المبارك, الذي تكثر فيه الحسنات, وتقل فيه السيئات,
وترفع فيه الدرجات, وتقال فيه العثرات, وتغفر فيه الزلات,
** وهو شهر التنافس والتسابق بالأعمال الصالحات على اختلاف أنواعها.
** وإني ذاكر لكم بعض الأعمال التي فيها الأرباح الكثيرة والأجور الكبيرة.
(1) الصيام:
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» متفق عليه
** وعَنْه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
“كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي” متفق عليه, وهذا لفظ مسلم.
(2) القيام:
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
متفق عليه.
** وعَنْه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»
متفق عليه.
** وعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ”
[رواه الإمام أحمد وغيره, وصححه الشيخان: الألباني والوادعي]
(3) قراءة القران بتدبر:
** قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}
** وعَنْ عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ»
[رواه الترمذي, وصححه الألباني]
** وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟» قَالُوا: وَكَيْفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ». رواه مسلم
(4) الجود والإحسان بالمال وغيره, ولو بالبشاشة والكلمة الطيبة:
** للآية المتقدمة.
** وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَلْقَاهُ، فِي كُلِّ سَنَةٍ، فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ »
متفق عليه .
** وعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شيئا).
[رواه الترمذي وغيره, وصححه الألباني]
** وعَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ» رواه مسلم
(5) الإكثار من الدعاء أثناء الصيام, ولا سيما في أوتار العشر الأواخر.
** قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ”
[رواه البيهقي, وصححه الألباني]
** وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟ قَالَ: “تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”
[رواه أحمد وغيره, وصححه الألباني في صحيح الجامع]
(6) المحافظة على الصلوات المفروضة, والإكثار من النوافل.
** للآية المتقدمة.
** وعَنْ عُثْمَانَ بن عثمان رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ». رواه مسلم
** وعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إِلَّا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً». رواه مسلم
(7) العمرة في رمضان.
** عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قال النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: «إِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي ». متفق عليه
(8) الاعتكاف طلبا لليلة القدر, تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه الكرام رضي الله عنهم.
** عَنْ عَائِشَةَ -رضى الله عنها-, أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. متفق عليه .
(9) الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر التماسا لليلة القدر.
** عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا, قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ». رواه مسلم
** وعَنْها رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،:
«إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ» متفق عليه
(10) كثرة ذكر الله من : تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير.
(11) كثرة الصلاة على الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
** وقد تقدمت الأدلة التي تبين عظم ثواب الذكر والصلاة على الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(12) كثرة الاستغفار, ولا سيما في الأسحار.
** قال الله تعالى: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
{والمستغفرين بالأسحار}
** وعَنْ عَبْد اللَّهِ بْن بُسْرٍ رضي الله عنه قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا»
[رواه ابن ماجه, وصححه الألباني].
** والخلاصة:
** أنه ينبغي لنا أن نسعي جاهدين في تحقيق التقوى التي لأجلها فرض الله الصيام, وذلك بأن نكون حريصين على الإكثار من الأعمال الصالحة التي أجرها عظيم ونفعها عميم في الدنيا والآخر.
** قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ (53) كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54) يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ (55) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (56) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57)}
** وألا نرضى بالخسارة والنقص, فإن في ذلك الندامة العظيمة
والحسرة الأليمة في الدنيا والآخرة.
** قال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا}
** وقال تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ
وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}
** وقال تعالى: {يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}
** وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)}
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ.
رواه الترمذي [وقال الألباني : حسن صحيح].
** (رَغِم) بكسر الغين المعجمة؛ أي: لصق بالرغام، وهو: التراب ذلاً وهواناً.
** وعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَلَمَّا رَقِيَ عَتَبَةً قَالَ: (آمِينَ) ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً أُخْرَى فقَالَ: (آمِينَ) ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً ثَالِثَةً فقَالَ: (آمِينَ) ثُمَّ قَالَ: (أَتَانِي جِبْرِيلُ فقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْتُ: آمِينَ قَالَ: وَمَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَدَخَلَ النَّارَ فأبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْتُ: آمِينَ فقَالَ: وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَأَبْعَدَهُ الله قل: آمين فقلت: آمين)
[رواه ابن حبان, وقال الألباني: صحيح لغيره].
** وفي كتاب: (الجواب الكافي) أيضا (ص: 84)
** وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عُمْرَ الْعَبْدِ هُوَ مادَّةُ حَيَاتِهِ، وَلَا حَيَاةَ لِمَنْ أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهِ، بَلْ حَيَاةُ الْبَهَائِمِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِهِ،
** فَإِنَّ حَيَاةَ الْإِنْسَانِ بِحَيَاةِ قَلْبِهِ وَرُوحِهِ، وَلَا حَيَاةَ لِقَلْبِهِ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ فَاطِرِهِ، وَمَحَبَّتِهِ، وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ، وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، وَالطُّمَأْنِينَةِ بِذِكْرِهِ، وَالْأُنْسِ بِقُرْبِهِ،
** وَمَنْ فَقَدَ هَذِهِ الْحَيَاةَ فَقَدَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَوْ تَعَوَّضَ عَنْهَا بِمَا تَعَوَّضَ مِمَّا فِي الدُّنْيَا، بَلْ لَيْسَتِ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا عِوَضًا عَنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ،
** فَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَفُوتُ الْعَبْدَ عِوَضٌ، وَإِذَا فَاتَهُ اللَّهُ لَمْ يُعَوِّضْ عَنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ. اهـ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الاثنين 18 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
39- مدح التمر, وترغيب الصائم في التسحر به والإفطار عليه
** التمر: ما جف من ثمر النخيل.
** وهو فاكهة، وغذاء، ودواء، وشراب، وحلوى.
** وهو من أهم أقوات العرب.
** عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ، بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ، يَا عَائِشَةُ، بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ» أَوْ «جَاعَ أَهْلُهُ» قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. رواه مسلم
** وقد رغب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصائم في أكل التمر سحورا وفطورا ليكون الابتداء به والانتهاء إليه.
** عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً» متفق عليه
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(نِعْمَ سحور المؤمن التمر) [رواه أبو داود وصححه الألباني].
** وفي كتاب: (شرح المشكاة), (5/ 1590) للطيبي:
** وَإِنَّمَا مَدَحَ التَّمْرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِأَنَّ فِي نَفْسِ السَّحُورِ بَرَكَةٌ،
وَتَخْصِيصُهُ بِالتَّمْرِ بَرَكَةً، عَلَى بَرَكَةِ.
** إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ، فَإِنَّهُ بَرَكَةٌ، لِيَكُونَ الْمَبْدُوءُ بِهِ
وَالْمُنْتَهَى إِلَيْهِ الْبَرَكَةَ. اهـ
** وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَتَمَرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ”
[رواه أحمد وغيره, وصححه الألباني]
** قال ابن القيم في كتاب: (زاد المعاد) , (2/ 48):
** وَكَانَ يَحُضُّ عَلَى الْفِطْرِ بِالتَّمْرِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى الْمَاءِ، هَذَا مِنْ كَمَالِ شَفَقَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ وَنُصْحِهِمْ، فَإِنَّ إِعْطَاءَ الطَّبِيعَةِ الشَّيْءَ الْحُلْوَ مَعَ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ أَدْعَى إِلَى قَبُولِهِ وَانْتِفَاعِ الْقُوَى بِهِ، وَلَا سِيَّمَا الْقُوَّةُ الْبَاصِرَةُ، فَإِنَّهَا تَقْوَى بِهِ، وَحَلَاوَةُ الْمَدِينَةِ التَّمْرُ، وَمُرَبَّاهُمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ قُوتٌ وَأُدْمٌ وَرُطَبُهُ فَاكِهَةٌ.
** وَأَمَّا الْمَاءُ فَإِنَّ الْكَبِدَ يَحْصُلُ لَهَا بِالصَّوْمِ نَوْعُ يُبْسٍ. فَإِذَا رُطِّبَتْ بِالْمَاءِ كَمُلَ انْتِفَاعُهَا بِالْغِذَاءِ بَعْدَهُ.
** وَلِهَذَا كَانَ الْأَوْلَى بِالظَّمْآنِ الْجَائِعِ أَنْ يَبْدَأَ قَبْلَ الْأَكْلِ بِشُرْبِ قَلِيلٍ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَأْكُلَ بَعْدَهُ،
** هَذَا مَعَ مَا فِي التَّمْرِ وَالْمَاءِ مِنَ الْخَاصِّيَّةِ الَّتِي لَهَا تَأْثِيرٌ فِي صَلَاحِ الْقَلْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا أَطِبَّاءُ الْقُلُوبِ.
** وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، وَكَانَ فِطْرُهُ عَلَى رُطَبَاتٍ إِنْ وَجَدَهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ. اهـ
** وفي (زاد المعاد) أيضا (4/ 287)
** وَفِي فِطْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّوْمِ عَلَيْهِ،[يعني الرطب] أَوْ عَلَى التَّمْرِ، أَوِ الْمَاءِ تَدْبِيرٌ لَطِيفٌ جِدًّا؛ فَإِنَّ الصَّوْمَ يُخَلِّي الْمَعِدَةَ مِنَ الْغِذَاءِ، فَلَا تَجِدُ الْكَبِدُ فِيهَا مَا تَجْذِبُهُ وَتُرْسِلُهُ إِلَى الْقُوَى وَالْأَعْضَاءِ،
** وَالْحُلْوُ أَسْرَعُ شَيْءٍ وُصُولًا إِلَى الْكَبِدِ، وَأَحَبُّهُ إِلَيْهَا، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ رُطَبًا، فَيَشْتَدُّ قَبُولُهَا لَهُ، فَتَنْتَفِعُ بِهِ هِيَ وَالْقُوَى،
** فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَالتَّمْرُ لِحَلَاوَتِهِ وَتَغْذِيَتِهِ،
** فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَحَسَوَاتُ الْمَاءِ تُطْفِئُ لَهِيبَ الْمَعِدَةِ، وَحَرَارَةَ الصَّوْمِ، فَتَتَنَبَّهُ بَعْدَهُ لِلطَّعَامِ، وَتَأْخُذُهُ بِشَهْوَةٍ. اهـ
** وقال الشوكاني في كتابه: (نيل الأوطار), (4/ 262):
** وَإِنَّمَا شُرِعَ الْإِفْطَارُ بِالتَّمْرِ لِأَنَّهُ حُلْوٌ، وَكُلُّ حُلْوٍ يُقَوِّي الْبَصَرَ الَّذِي يَضْعَفُ بِالصَّوْمِ، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الْمُنَاسِبَةِ وَبَيَانِ وَجْهِ الْحِكْمَةِ.
** وَقِيلَ: لِأَنَّ الْحُلْوَ يُوَافِقُ الْإِيمَانَ وَيَرِقُ الْقَلْبَ،
** وَإِذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ كَوْنَهُ حُلْوًا، وَالْحُلْو لَهُ ذَلِكَ التَّأْثِيرُ فَيُلْحَقُ بِهِ الْحَلَوِيَّاتُ كُلُّهَا،… الخ ). اهـ
** وفي كتاب: (موسوعة الفقه الإسلامي), (3/ 161):
** حكمة الفطر على التمر أو الماء:
1 – إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله وانتفاع الجسم به، والصائم يفقد كمية من السكر المخزون في جسمه أثناء الصيام،
** وأكل الرطب أو التمر يعيد إليه بإذن الله ما فقده من السكر والنشاط.
** وهبوط نسبة السكر عند الإنسان عن حدها المعتاد يسبب ما يشعر به الصائم من ضعف وكسل وروغان البصر،
** والفطر على التمر يعيد إليه بسرعة ما فقده من السكر.
2 – وأما الماء فالكبد يحصل لها بالصوم نوع يُبس، فإذا رُطِّبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده. اهـ
(فائدة وتنبيه):
** حديث “إِذَا أفْطَرَ أحَدُكُمْ، فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ؛ فإنه بركةٌ، فَإنْ لَمْ يَجِدْ، فَلْيُفْطِرْ عَلَى مَاءٍ؛ فإنَّهُ طَهُورٌ”.
** [رواه أحمد وغيره, عن سلمان بن عامر الضَّبِّيِّ – رضي الله عنه -، عن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم.
** وقال الشيخ الألباني: ضعيف, والصحيح من فعله صلى الله عليه وسلم]
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأحد 17 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
38- فضائل وخصائص العشر الأواخر من رمضان
** العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك لها فضائل كثيرة وخصائص عظيمة، نذكر منها ما تيسر:
(1) العشر الأواخر أفضل أيام رمضان ولياليه, بل أفضل ليالي السنة كلها.
(2) أن فيها ليلة القدر, وهي أفضلها, بل أفضل ليالي السنة على
الإطلاق.
(3) كل فضيلة ثبتت لليلة القدر فهي معدودة في فضائل العشر؛ لأنها
منها.
** قال ابن القيم في كتابه: (زاد المعاد), (1/ 57):
** وَمِنْ ذَلِكَ تَفْضِيلُ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى سَائِرِ الشُّهُورِ، وَتَفْضِيلُ عَشْرِهِ الْأَخِيرِ عَلَى سَائِرِ اللَّيَالِي، وَتَفْضِيلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلَى أَلْفِ شَهْرٍ.
** فَإِنْ قُلْتَ: أَيُّ الْعَشْرَيْنِ أَفْضَلُ؟ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، أَوِ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ مِنْ رَمَضَانَ؟
** قُلْتُ: الصَّوَابُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ لَيَالِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَيَّامُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ رَمَضَانَ،
** وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ يَزُولُ الِاشْتِبَاهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ لَيَالِيَ الْعَشْرِ مِنْ
رَمَضَانَ إِنَّمَا فُضِّلَتْ بِاعْتِبَارِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَهِيَ مِنَ اللَّيَالِي، وَعَشْرُ ذِي
الْحِجَّةِ إِنَّمَا فُضِّلَ بِاعْتِبَارِ أَيَّامِهِ، إِذْ فِيهِ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ
التَّرْوِيَةِ. اهـ بتصرف
(4) كان النبي صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَت عليه الْعَشْرُ الأواخر خصها بمزيد من العمل الصالح, من صلاة، وقيام, وتلاوةٍ، وذكرٍ، وصدقةٍ،
وغيرها.
** عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا, قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ». رواه مسلم
** وفي كتاب: (مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح), للمباركفوري
(7/ 132):
** قوله: (يجتهد في العشر الأواخر) قيل: أي يبالغ في طلب ليلة القدر
فيها.
** قال القاري: والأظهر أنه يجتهد في زيادة الطاعة والعبادة.
يعني يبالغ في أنواع الخيرات وأصناف المبرات والعبادات.
** (ما لا يجتهد في غيره) أي في غير العشر الأخير.
** فيه استحباب الاجتهاد في العبادة والحرص على مداومة القيام في العشر الأخير من رمضان، إشارة إلى تحسين الخاتمة وتجويدها. اهـ
(5) ومن اجتهاده -صلى الله عليه وسلم- فيها: أنه كان يحيي الليل كله
في طاعة الله سبحانه وتعالى.
(6) ومن اجتهاده -صلى الله عليه وسلم- فيها: أنه كان يوقظ زوجاته
رضي الله عنهن؛ ليشاركنه اغتنام الخير والذكر والعبادة في هذه الأوقات
المباركة.
(7) ومن اجتهاده -صلى الله عليه وسلم- فيها: أنه كان يعتزل نساءه فلا يقربهن.
** عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ»
متفق عليه
** قال الشوكاني في كتابه : ( نيل الأوطار ) , (4/ 319):
** قَوْلُهُ: (أَحْيَا اللَّيْلَ) فِيهِ اسْتِعَارَةُ الْإِحْيَاءِ لِلِاسْتِيقَاظِ: أَيْ سَهِرَهُ فَأَحْيَاهُ بِالطَّاعَةِ وَأَحْيَا نَفْسَهُ بِسَهَرِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ أَخُو الْمَوْتِ.
** وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْحِرْصِ عَلَى مُدَاوَمَةِ الْقِيَامِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَإِحْيَائِهَا بِالْعِبَادَةِ وَاعْتِزَالِ النِّسَاءِ، وَأَمْرِ الْأَهْلِ بِالِاسْتِكْثَارِ مِنْ الطَّاعَةِ فِيهَا.
** قَوْلُهُ: (وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ) أَيْ لِلصَّلَاةِ.
** وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «لَمْ يَكُنْ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إذَا بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ لم يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ يُطِيقُ الْقِيَامَ إلَّا أَقَامَهُ»
** قَوْلُهُ: (وَشَدَّ الْمِئْزَرَ) أَيْ اعْتَزَلَ النِّسَاءَ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ الثَّوْرِيِّ ,
قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرَهُمْ *
عَنِ النِّسَاءِ وَلَوْ بَاتَتْ بِأَطْهَارِ.
** وَذكر ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ نحوه .
** وَحُكِيَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجِدُّ فِي الْعِبَادَةِ كَمَا يُقَالُ: شَدَدْت لِهَذَا الْأَمْرِ مِئْزَرِي: أَيْ شَمَّرْتُ لَهُ،
** وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ التَّشْمِيرُ وَالِاعْتِزَالُ مَعًا.
** وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ حَقِيقَتُهُ، وَالْمَجَازُ كَمَنْ يَقُولَ: طَوِيلُ النِّجَادِ لِطَوِيلِ الْقَامَةِ، وَهُوَ طَوِيلُ النِّجَادِ حَقِيقَةً، يَعْنِي شَدَّ مِئْزَرَهُ حَقِيقَةً وَاعْتَزَلَ النِّسَاءَ وَشَمَّرَ لِلْعِبَادَةِ، يَعْنِي فَيَكُونُ كِنَايَةً وَهُوَ يَجُوزُ فِيهَا إرَادَةُ اللَّازِمِ وَالْمَلْزُومِ.
** وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ: ” شَدَّ مِئْزَرَهُ وَاعْتَزَلَ النِّسَاءَ ” فَالْعَطْفُ بِالْوَاوِ يُقَوِّي الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ. اهـ بزيادة يسيرة من:
(فتح الباري), لابن حجر (4/ 269)
** (تنبيه): حديث أم سلمة إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة.
(8) ومن اجتهاده -صلى الله عليه وسلم- فيها: أنه كان يعتكف هذه العشرة ليتفرغ لعبادة الله تعالى والأنس به، والتلذذ بمناجاته، والتماسا لليلة القدر.
** عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ». متفق عليه
** والخلاصة:
** أنه ينبغي لنا أن نشمر عن ساعد الجد في هذه العشر الأَوَاخِر المباركة ، اقتداء بنبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يجتهد في هذه العشر اجتهادا بالغا كما تقدم.
** وهكذا كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم, والتابعون لهم
بإحسان.
** فالهمة الهمة في الجد والاجتهاد في الاستكثار من الأعمال الصالحة؛ فإن الفرصة لا زالت سانحة, وإن الأيام والليالي القادمة خير من الماضية
** ونحن في آخر السباق, وإن الخيل إذا شارفت نهاية المضمار بذلت قصارى جهدها لتفوز بالسباق.
** فلا تكن الخيل أفطن منا, فإنما الأعمال بالخواتيم.
* فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم **
إن التشبه بالكرام فلاح
** (فائدة): آخر الشيء قد يكون أفضل من أوله.
** فالإسلام آخر الأديان السماوية, وهو أفضلها.
** والقرآن آخر الكتب السماوية وهو أفضلها.
** ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء والمرسلين وهو أفضلهم.
** وهذه الأمة المحمدية آخر الأمم وهي أفضلها.
** والعشر الأواخر من رمضان أفضل من العشرين الأول.
** وأواخر عشر ذي الحجة أفضل من أوائلها.
** وأخر ساعة من يوم الجمعة أفضل من بقية ساعاته.
** والثلث الأخير من الليل أفضل من الثلثين السابقين.
** وآخر يوم عرفة أفضل من أوله.
** قال ابن رجب في كتابه: (لطائف المعارف) , (ص: 176):
** فكل زمان فاضل من ليل أو نهار فإن آخره أفضل من أوله:
كيوم عرفة, ويوم الجمعة , وكذلك الليل والنهار عموما آخره أفضل من أوله, ولذلك كانت الصلاة الوسطى صلاة العصر كما دلت الأحاديث الصحيحة عليه وآثار السلف الكثيرة تدل عليه, وكذلك عشر ذي الحجة والمحرم آخرهما أفضل من أولهما. اهـ
** وقال العثيمين في (اللقاء الشهري) (71/ 4):
** فضل أيام رمضان:
** العشر الأواسط أفضل من العشر الأول, والعشر الأواخر أفضل من العشر الأواسط ، وتجدون هذا في الغالب مطرد,
** وأن الأوقات الفاضلة آخرها أفضل من أولها،
** ويوم الجمعة عصره أفضل من أوله، ويوم عرفة عصره أفضل من أوله،
** والحكمة من هذا والله أعلم: أن النفوس إذا بدأت بالعمل كلت وملت فرُغِّبت بفضل آخر الأوقات على أولها حتى تنشط فتعمل العمل الصالح. اهـ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الجمعة 15 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
37- احذروا سراق الأوقات في رمضان
** إن رمضان خير الشهور وأفضها وأعظها أجرا وأكثرها خيرا,
** فهو شهر مبارك بكل ما تعنيه هذه الكلمة,
** فكل أوقاته وساعاته وأيامه ولياليه فضائل وغنائم وأجور وفيرة, وخيرات وبركات وحسنات وعطايا وهبات كثيرة وكثيرة؛
** لذا ينبغي لكل عاقل لبيب أن يجد غاية الجد في استغلال كل ثانية منه في الطاعات والعبادات بشتى أنواعها؛ لأنه قد لا يبقى إلى رمضان آخر.
** كما قال بعض العرب عند انقضاء رمضان: “يا رب صائمه لن يصومه وقائمة لن يقومه”،
** يعني: أن كثيرا ممن صام رمضان وقامه هذا العام لن يعيش إلى رمضان قادم ,
** وهذا أمر واقع ؛ فكم ممن يصوم رمضان في عام لا يعيش إلى عام قابل.
** فالمؤمن العاقل يحرص كل الحرص على اغتنام حياته واستغلال أوقاته في كل ما يقربه إلى الله ,
** ويحذر غاية الحذر من كل ما يضيع عليه وقته.
** قال الله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}
** وقال الله تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}
** وقال الله تعالى: {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}
** وعن ابن عباسٍ رضي الله عنْهما قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِرَجلٍ وهو يَعِظُه: “اغْتَنِمْ خَمْساً قبلَ خَمْسٍ:
شبابَكَ قبلَ هَرمِكَ، وصِحَّتَك قبل سَقْمِكَ، وغِناكَ قبْلَ فقْرِكَ، وفَراغَك قَبْلَ شُغْلِكَ، وحياتَك قَبْلَ مَوْتِكَ”.
[رواه الحاكم وقال: “صحيح على شرطهما”, وصححه الألباني]
** وفي كتاب : ( الفوائد ) , لابن القيم (ص: 31)
** إضاعة الوقت أشد من الموت لأَن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.
** وفي كتاب : ( الجواب الكافي ) أيضا (ص: 84):
** وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عُمْرَ الْعَبْدِ هُوَ مادَّةُ حَيَاتِهِ، وَلَا حَيَاةَ لِمَنْ أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهِ، بَلْ حَيَاةُ الْبَهَائِمِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِهِ، فَإِنَّ حَيَاةَ الْإِنْسَانِ بِحَيَاةِ قَلْبِهِ وَرُوحِهِ، وَلَا حَيَاةَ لِقَلْبِهِ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ فَاطِرِهِ، وَمَحَبَّتِهِ، وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ، وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، وَالطُّمَأْنِينَةِ بِذِكْرِهِ، وَالْأُنْسِ بِقُرْبِهِ،
** وَمَنْ فَقَدَ هَذِهِ الْحَيَاةَ فَقَدَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَوْ تَعَوَّضَ عَنْهَا بِمَا تَعَوَّضَ مِمَّا فِي الدُّنْيَا، بَلْ لَيْسَتِ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا عِوَضًا عَنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ، فَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَفُوتُ الْعَبْدَ عِوَضٌ، وَإِذَا فَاتَهُ اللَّهُ لَمْ يُعَوِّضْ عَنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ. اهـ
** قال الشاعر :
إذا مر بي يومٌ ولم أقتبس هدىً *
ولم أستفد علماً فما ذاك من عمري.
** وفي كتاب (فتح الباري), لابن حجر (1/ 481):
** وَأخرج الْحَاكِم فِي تَارِيخه من شعره [يعني البخاري] قَوْله:
اغْتَنِمْ فِي الْفَرَاغِ فَضْلَ رُكُوعٍ *
فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مَوْتُكَ بَغْتَةْ
كَمْ صَحِيحٍ مَاتَ مِنْ غَيْرِ سُقْمٍ *
ذَهَبَتْ نَفْسُهُ الصَّحِيحَةُ فَلْتَةْ
** والأشياء التي تسرق الأوقات وتضيعها من غير فائدة كثيرة, بل في كثير منها إثم -عياذا بالله- وها أنا أذكر منها ما تيسر:
(1) مواقع التواصل الاجتماعي من: (وتساب وفيس بوك وتويتر ونحوها) لغير ما حاجة.
** فكثير من الناس ينشط لقراءة مئات الرسائل ولا ينشط لقراءة صفحة من القران ,
** وكثير منهم يسهر في قراءة هذه الرسائل إلى وقت متأخر من الليل حتى يغلبه النوم, وليس مستعدا أن يصلي لله ركعتين,
** وأول ما يقوم به عند استيقاظه فتح الجوال والنظر فيه.
(2) التلفزيونات والدشوشات وغيرها من الشاشات المرئية التي تبث المسلسلات والبرامج والقصص والأغاني الماجنة والساقطة والمدمرة للدين والأخلاق.
(3) الأسواق: فكثير من الناس الذين يرتادون هذه الأسواق ليس لهم غرض في البيع والشراء,
فبعضهم يريد أن يعرف كل جديد في السوق,
وبعضهم يريد مغازلة النساء,
وبعضهم …
وبعضهم …
فضيعوا أوقاتهم دون ما فائدة.
(4) مجالس اللهو واللعب والغفلة:, كمجالس السهر على القيل والقال, ومجالس القات, ومجالس اللعب المحرم, كلعب الورق, والنرد, والشطرنج, والكيرم, والضومنة, والبلياردو, ونحوها من ألعاب اللهو والغفلة المحرمة التي ضيعت أوقات الكثيرين.
(5) المطبخ: كثير من النساء تضيع وقتها في رمضان بالمبالغة في إعداد الأطعمة المختلفة والأشربة المتنوعة, فكأن رمضان شهر أكل وشرب فقط, فتبقى في المطبخ أكثر النهار, وبعد الإفطار والعشاء تحتاج إلى وقت غير يسير في تنظيف هذه الأواني التي أعدت بها الطعام والشراب, وتصير بعد ذلك مرهقة لا تجد للقيام وقراءة القران رغبة ولا لذة.
(6) النوم الكثير : فثير من الصائمين يقضي أكثر نهاره في النوم , فيرقد من بعد الفجر حتي الظهر, ثم يقوم لصلاة الظهر ثم ينام إلى العصر, ثم
يقوم لصلاة العصر ثم ينام إلى قبل المغرب … وهكذا.
وكأن رمضان شهر النوم.
(7) المسابقات الرمضانية: تقام في رمضان مسابقات كثيرة متنوعة, فبعضها مفيد وبعضها غير مفيد, وكثير من هذه المسابقات تكون في أثناء صلاة العشاء أو التراويح, مما يصرف كثيرا من الناس عن الصلاة.
(8) الأصدقاء الكسالى : كثير من الناس إذا دخل عليه رمضان أصابه الكسل والفتور فلا يرغب في قراءة القران ولا في القيام ولا في غير ذلك من أنواع الخير والبر , فمثل هذا الصنف لا تصحبه ولا تجلس معه خشية أن تتأثر به فـ( الصاحب ساحب ) , بل فر منه فرارك من الأسد .
** وخلاصة ما تقدم أن الله جل وعلا يريد أن يرحمنا ويغفر لنا ويتوب علينا, ويريد أعداؤنا أن يبعدونا عن رحمة الله ومغفرته ورضوانه ويضلونا ضلالا بعيدا, كما قال سبحانه وتعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا}.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 14 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
36- تعجيل الفطر في وقته من خصائص هذه الأمة
** عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» متفق عليه
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ، لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
يُؤَخِّرُونَ» [رواه أحمد وغيره, وحسنه الألباني]
** والكلام على حكم الإفطار ووقته وفضله في هذه المسائل الآتية:
(1) تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ مستحب باتفاق أهل العلم, كما نقله ابن دقيق العيد
وغيره.
(2) تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ من خصائص هذه الأمة؛ فإن الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
يُؤَخِّرُونَه.
(3) تَأخير الْإِفْطَارِ عن وقته صار في زماننا شعارا لبعض أهل البدع الذين تشبهوا باليهود والنصارى.
** فتعجيله فيه إحياء للسنة, ومخالفة لأهل البدعة.
** قال ابن دقيق العيد في كتابه: (إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام),
(2/ 26)
** تَعْجِيلُ الْفِطْرِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الْغُرُوبِ: مُسْتَحَبٌّ بِاتِّفَاقٍ, وَدَلِيلُهُ هَذَا الْحَدِيثُ.
** وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ إلَى ظُهُورِ النَّجْمِ.
** وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي كَوْنِ النَّاسِ لَا يَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا أَخَّرُوهُ كَانُوا دَاخِلِينَ فِي فِعْلٍ خِلَافِ السُّنَّةِ.
** وَلَا يَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا فَعَلُوا السُّنَّةَ . اهـ
** وقال شيخنا علامة اليمن أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى:
** ( … وكما أن التأخير تشبّه باليهود، فهو تنطّع أيضًا.
** قال الإمام مسلم رحمه الله (ج4 ص2055):
حدّثنا أبوبكر بن أبي شيبة، حدّثنا حفص بن غياث، ويحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن سليمان بن عتيق، عن طلق بن حبيب، عن الأحنف بن قيس، عن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: (هلك المتنطّعون) قالها ثلاثًا. اهـ
** وقال المناوي في كتابه (فيض القدير), (3/ 244):
** <تنبيه> عدوا من خصائص هذه الأمة :
** التسحر, وتعجيل الفطر, وإباحة الأكل والشرب والجماع ليلا إلى الفجر, وكان محرما على من قبلهم بعد النوم, وإباحة الكلام في الصوم وكان محرما على من قبلهم فيه, عكس الصلاة . ذكره في الأحوذي. اهـ
** وقال في (6/ 395):
** (وتعجيل الفطر وتأخير السحور من خصائص هذه الأمة).
(4) تعجيل الفطر يكون عند تَحَقَّق غُرُوب الشَّمْسِ إما بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ الثقة , ولا يضر وجود آثار الضوء والحمرة التي بعد غروب الشمس .
(5) إِذَا تحقق غروب الشَّمْس أفطر الصَّائِمُ وإن لم يأذن المؤذن؛ لأن العبرة بغروب الشمس لا بالأذان.
** عن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» متفق عليه
** وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ لِبَعْضِ القَوْمِ : « يَا فُلاَنُ قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا »، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ؟
قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَوْ أَمْسَيْتَ؟
قَالَ: «انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا»، قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا،
قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا»،
فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ:
«إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» متفق عليه
** قال القاضي عياض في كتابه: (إكمال المعلم بفوائد مسلم),(4/ 35):
** وقوله: “إذا أقبل الليل، وأدبر النهار، وغابت الشمس فقد أفطر الصائم”:
** أحد هذه الأشياء يتضمن بقيتها؛ إذ [لا يُقِبل الليل] إلا إذا أدبر النهار [ولا يُدبر النهار] إلا إذا غربت الشمس، ولكنه قد لا يتفق مشاهدة عين الغروب، ويشاهد هجوم الظلمة حتى يتيقن الغروب بذلك، فيحل الإفطار. اهـ
** ونحوه في شرح النووي على مسلم (7/ 209)
** وفي شرح النووي على مسلم (7/ 209)
** قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا فَنَزَلَ فَجَدَحَ), هُوَ بِجِيمٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَهُوَ خَلْطُ الشَّيْءِ بِغَيْرِهِ وَالْمُرَادُ هُنَا خلط السويق بالماء وتحريكه حتى يستوى.
** والمجدح: بِكَسْرِ الْمِيمِ عُودٌ مُجَنَّحُ الرَّأْسِ لِيُسَاطَ بِهِ الْأَشْرِبَةُ وَقَدْ
يَكُونُ له ثلاث شعب. اهـ
** وقال القاضي عياض في كتابه: (إكمال المعلم بفوائد مسلم),
(4/ 36):
** وقوله: “لو أمسيت”: أي أخرَّت إلى وقت المساء وتحقق، كقوله:
“عليك نهاراً” فى الرواية الأخرى؛ لأنه اعتقد أن بقية الضوء والحمرة بعد مغيب الشمس معتبرٌ فى الصوم،
** وقيل: إنما أنكر تعجيل الفطر،
** وليس فى قول الرجل هذا مخالفة لأمر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا معارضة، بل قصد التنبيه على بقية الوقت عنده وظهور الحمرة التى ظن أن النبى -عليه السلام- لم يرها أو التثبت والتعليم؛ ليبين له أن مثل هذا من بقايا شعاع الشمس، وما بعد مغيبها لا يلتفت إليه، ولا يستحقه أمد الصوم، وأن مغيب قرصها أوجب الفطر ودخل الليل، أو أن التعجيل بالإفطار أولى وأحق. اهـ
(6) يستحب الإفطار على رطب, فإن لم يتيسر فعلى تمر, فإن لم يتيسر فعلى ماء , فإن لم يتيسر فعلى أي شيء من الحلال الطيب.
** عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَتَمَرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ”
[رواه أحمد وغيره, وصححه الألباني]
(7) الحكمة من الفطر على التمر أو الماء:
** قال ابن القيم في كتاب: (زاد المعاد), (2/ 48) :
** وَكَانَ يَحُضُّ عَلَى الْفِطْرِ بِالتَّمْرِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى الْمَاءِ، هَذَا مِنْ كَمَالِ شَفَقَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ وَنُصْحِهِمْ، فَإِنَّ إِعْطَاءَ الطَّبِيعَةِ الشَّيْءَ الْحُلْوَ مَعَ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ أَدْعَى إِلَى قَبُولِهِ وَانْتِفَاعِ الْقُوَى بِهِ، وَلَا سِيَّمَا الْقُوَّةُ الْبَاصِرَةُ، فَإِنَّهَا تَقْوَى بِهِ، وَحَلَاوَةُ الْمَدِينَةِ التَّمْرُ، وَمُرَبَّاهُمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ قُوتٌ وَأُدْمٌ وَرُطَبُهُ فَاكِهَةٌ.
** وَأَمَّا الْمَاءُ فَإِنَّ الْكَبِدَ يَحْصُلُ لَهَا بِالصَّوْمِ نَوْعُ يُبْسٍ. فَإِذَا رُطِّبَتْ بِالْمَاءِ كَمُلَ انْتِفَاعُهَا بِالْغِذَاءِ بَعْدَهُ.
** وَلِهَذَا كَانَ الْأَوْلَى بِالظَّمْآنِ الْجَائِعِ أَنْ يَبْدَأَ قَبْلَ الْأَكْلِ بِشُرْبِ قَلِيلٍ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَأْكُلَ بَعْدَهُ،
** هَذَا مَعَ مَا فِي التَّمْرِ وَالْمَاءِ مِنَ الْخَاصِّيَّةِ الَّتِي لَهَا تَأْثِيرٌ فِي صَلَاحِ الْقَلْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا أَطِبَّاءُ الْقُلُوبِ.
** وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، وَكَانَ فِطْرُهُ عَلَى رُطَبَاتٍ إِنْ وَجَدَهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ. اهـ
** وفي كتاب: (موسوعة الفقه الإسلامي), (3/ 161):
** حكمة الفطر على التمر أو الماء:
1 – إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله وانتفاع الجسم به، والصائم يفقد كمية من السكر المخزون في جسمه أثناء الصيام،
** وأكل الرطب أو التمر يعيد إليه بإذن الله ما فقده من السكر والنشاط.
** وهبوط نسبة السكر عند الإنسان عن حدها المعتاد يسبب ما يشعر به الصائم من ضعف وكسل وروغان البصر،
** والفطر على التمر يعيد إليه بسرعة ما فقده من السكر.
2 – وأما الماء فالكبد يحصل لها بالصوم نوع يُبس، فإذا رُطِّبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده. اهـ
(8) يجوز -على الصحيح – الإفطار على غير التمر والماء مع وجودهما,
لكنه خلاف الأولى لما تقدم.
(9) ما يقوله الصائم عند الإفطار:
** يسن للصائم أن يسمي الله في أول طعامه, وأن يقول الدعاء الوارد في الحديث , وأن يحمد الله عند انتهائه.
** عَنْ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنْتُ غُلاماً فِي حَجْرِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَا غُلامُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ».
** فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ. متفق عليه.
** وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ الله».
[رَوَاهُ أَبُو دَاوُد, وحسنه الألباني]
** وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا». أخرجه مسلم
** قال الصنعاني في كتابه (التنوير شرح الجامع الصغير) (8/ 343):
** (كان إذا أفطر قال: ذهب الظمأ) مهموز مقصور العطش.
** (وابتلت العروق) خص ذهاب الظمأ مع أنه قد ذهب الجوع؛ لأن الالتذاذ بالماء في البلاد الحارة كالمدينة ومكة أشد؛ ولأنه أول ما يفطرون به والإخبار بذلك شكراً على النعمة بإنالة المستلذ بعد المنع عنه شرعاً.
** (وثبت الأجر) على الصوم , لا يقال : كان الأولى تقديم ثبوت الأجر , لأنا نقول : قدم ما قد تحقق حصوله من الأمرين وتيقن، وثبوت الأجر متوقف على مشيئة الله ولذا قال:
** (إن شاء الله) أو لأنه سلك طريقه الترقي وفيه أن العبد لا يثق ولا يقطع بحصول الأجر على فعل من أفعال البر ويحتمل أن التقييد للثبوت لا لنفس حصول الأجر فإنه قد يحصل ثم تعقبه ما يبطله. اهـ
(10) من لم يجد شيئا يفطر عليه من مأكول أو مشروب، فإنه ينوي الفطر بقلبه.
(11) استحباب تفطير الصائمين.
** عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شيئا). [رواه الترمذي وغيره, وصححه الألباني]
** وفي فتاوى الإسلام سؤال وجواب (ص: 890)
** قال شيخ الإسلام: والمراد بتفطيره أن يشبعه.
اهـ الاختيارات (ص: 194).
** وقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويرونه من أفضل العبادات.
** وقد قال بعض السلف: لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل … الخ .
اهـ ابن عثيمين.
** وفي مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (20/ 93)
** سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله تعالى-: ورد في الحديث: «من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً» ؟ فهل يكفي في ذلك تقديم الماء والتمر فقط؟
** فأجاب فضيلته بقوله: اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك.
** فقيل: المراد من فطره على أدنى ما يفطر به الصائم ولو بتمرة.
** وقال بعض العلماء: المراد أن يشبعه، لأن هذا هو الذي ينفع الصائم في ليلته، وربما يستغني به عن السحور.
** ولكن ظاهر الحديث أنه إذا فطر صائماً ولو بتمرة واحدة فإن له مثل أجره، ولهذا ينبغي للإنسان أن يحرص على تفطير الصوام بقدر المستطاع، لاسيما مع حاجتهم وفقرهم. اهـ
(12) الدعاء لمن فطرك بأي دعاء.
** عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ، فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ»
[أخرجه أبو داود وغيره وصححه الألباني].
(13) التحذير من الفطر قبل غروب الشمس.
** عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بضُبْعَيَّ فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْراً فَقَالَا لِي: اصْعَدْ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ شَدِيدٍ فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ؟ قَالَ: هَذَا عُواء أَهْلِ النَّارِ ثُمَّ انطُلق بِي فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ مُشَقَّقَةً أَشْدَاقُهُمْ تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفطرون قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ … الخ ).
[رواه ابن حبان وغيره, وصححه الألباني].
** قال الشيخ الألباني منبها على هذا الحديث من كتابه: (سلسلة
الأحاديث الصحيحة), (7/ 1671):
** (تنبيه):
** قلت في تعليقي على “صحيح موارد الظمآن” ما نصه:
** “أقول: هذه عقوبة من صام ثم أفطر عمداً قبل حلول وقت الإفطار، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلاً؟!
نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة”،
** وذكرت هناك ما مفاده أن من شؤم الاعتماد على المؤذنين الذين يؤذنون على التوقيت الفلكي المذكور في (الروزنامات) ؛ أن بعض الناس سيفطر قبل الوقت. اهـ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 14 / 9 / 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
35- الغيبة والنميمة والسب واللعن والكذب والغش ونحوها تنقص أجر الصوم ولا تبطله بالكلية
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
« مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رواه البخاري.
** وعَنْه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
« … وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ , وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ … » متفق عليه.
** قال الحافظ ابن حجر في كتابه:(فتح الباري), (6/ 129):
** ( … وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يُونُسَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (جُنَّةٌ وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ النَّارِ),
** وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ (الصِّيَامُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا), زَادَ الدَّارِمِيُّ (بِالْغِيبَةِ), وَبِذَلِكَ تَرْجَمَ لَهُ هُوَ وَأَبُو دَاوُدَ.
… وَفِي زِيَادَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْغِيبَةَ تَضُرُّ بِالصِّيَامِ,
وَقَدْ حُكِيَ عَنْ عَائِشَةَ, وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنَّ الْغِيبَةَ تُفْطِرُ الصَّائِمَ وَتُوجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءَ ذَلِكَ الْيَوْم.
** وأفرط بن حَزْمٍ فَقَالَ: يُبْطِلُهُ كُلُّ مَعْصِيَةٍ مِنْ مُتَعَمِّدٍ لَهَا ذَاكِرٍ لِصَوْمِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا لِعُمُومِ قَوْلِهِ: (فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ),
وَلِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ).
** وَالْجُمْهُورُ وَإِنْ حَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى التَّحْرِيمِ إِلَّا أَنَّهُمْ خَصُّوا الْفِطْرَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ. اهـ
** (فائدة):
** ذكر بعض الأحاديث الضعيفة التي يستدل بها من يقول: إن المعاصي تبطل الصيام.
** عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ, رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا»
[رواه النسائي وغيره, وضعفه الشيخ الألباني]
** وعنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «الصيام جنة ما لم يَخْرِقْهَا بِكَذِبٍ أَوْ غِيبَةٍ».
[رواه الطبراني في “الأوسط”, وقال الشيخ الألباني: ضعيف جدا]
** وعنْ أنس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «خَمْسُ خِصالٍ يُفَطِّرْنَ الصَّائِمَ وَيَنْقُضْنَ الوُضُوءِ: الكَذِبُ والغَيبَةُ والنَّمِيمَةُ والنَّظَرُ بِشَهْوَةٍ واليَمِينُ الكاذِبَةُ».
[رواه أبو القاسم الخرقي في “عشر مجالس من الأمالي”,
وقال الشيخ الألباني: موضوع]
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأربعاء 13 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
34- ما أسرع انقضاء الأيام والليالي
** ما أسرع مرور الأيام والليالي , فبالأمس القريب كان الناس ينتظرون شهر رمضان بكل شوق وحنين ورغبة ولهفة,
** وكانوا يدعون الله سبحانه وتعالى ليلهم ونهارهم أن يمن عليهم بتبليغهم هذا الشهر العظيم والضيف الكريم, وهم في أتم الصحة والعافية.
** وعقدوا في قلوبهم وعزموا في نفوسهم أنهم سيجتهدون في الطاعة والعبادة اجتهادا عظيما.
** فلما حقق الله مرادهم وأجاب دعاءهم رجع كثير منهم إلى الورى, فانحل عقده وضعف عزمه, وآثر الكسل والراحة, ومال إلى اللعب
والبطالة , ولا حول ولا قوة إلا بالله.
** أيها الأخوة الكرام: إن ضيفكم عجول لن ينتظر أحدا, فها هو قد مر ثلثه الأول مرا سريعا كأنه يوم أو بعض يوم.
** وهذا الأمر -وهو سرعة مرور الزمان- معدود في علامات الساعة.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ, فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ, وَيَكُونُ الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ, وَتَكُونُ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ, وَيَكُونُ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ, وَتَكُونُ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ ـ أو الخُوصَةِـ)
[رواه ابن حبان وغيره, وصححه الشيخان: الألباني والوادعي]
** وكما مر هذا الثلث الأول, سيمر بعده الثاني والثالث.
** وهكذا تمر أعمارنا وتنتهي آجالنا ونحن في غفلة, فلا نستفيق إلا عند الموت.
** فمن كان حافظا لوقته, ساعيا في مرضات ربه, مستغلا حياته وصحته في اغتنام مواسم الخيرات والبركات بالأعمال الصالحات, فليحمد الله الذي وفقه, وليسأله المزيد من فضله, {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76],{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17].
** ومن كان مضيعا لوقته, متكاسلا عن طاعة ربه, فليستيقظ من نومه,
وليستفق من غفلته, وليستعن بالله ربه في استدراك ما فاته؛ فإن سوق الخير ما زال قائما, والفرصة لا زالت سانحة.
** فبادر أخي الحبيب, وسابق ونافس في أن تأخذ نصيبك الكثير والكبير من هذا الخير الوفير.
** وإياك إياك أن تقنع بالشيء اليسر الذي لا يبلغك المنازل الرفيعة والدرجات العالية.
** وكما قيل:
فكن رجلا رجله في الثرى *
وهامة همته في الثريا
** وقال ابن رجب في كتاب: (لطائف المعارف), (ص: 183), وهو يحث على اغتنام النصف الثاني من رمضان:
** عباد الله :
شهر رمضان قد انتصف , فمن منكم حاسب نفسه فيه لله وانتصف.
** من منكم قام في هذا الشهر بحقه الذي عرف.
** من منكم عزم قبل غلق أبواب الجنة أن يبني له فيها غرفا من فوقها غرف.
** ألا إن شهركم قد أخذ في النقص فزيدوا أنتم في العمل فكأنكم به وقد انصرف.
** فكل شهر فعسى أن يكون منه خلف , وأما شهر رمضان فمن أين لكم منه خلف.
تنصف الشهر والهفاه وانهدما *
واختص بالفوز بالجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسرا *
مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البدار فما *
تراه يحصد إلا الهم و الندما
طوبى لمن كانت التقوى بضاعته *
في شهره وبحبل الله معتصما
** وفي كتاب: (الجواب الكافي), لابن القيم (ص: 156):
** (فَوَقْتُ الْإِنْسَانِ هُوَ عُمُرُهُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ مَادَّةُ حَيَاتِهِ الْأَبَدِيَّةِ فِي النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَمَادَّةُ الْمَعِيشَةِ الضَّنْكِ فِي الْعَذَابِ الْأَلِيمِ،
** وَهُوَ يَمُرُّ أَسْرَعَ مِنَ السَّحَابِ،
** فَمَا كَانَ مِنْ وَقْتِهِ لِلَّهِ وَبِاللَّهِ فَهُوَ حَيَاتُهُ وَعُمُرُهُ،
** وَغَيْرُ ذَلِكَ لَيْسَ مَحْسُوبًا مِنْ حَيَاتِهِ، وَإِنْ عَاشَ فِيهِ عَاشَ عَيْشَ الْبَهَائِمِ،
** فَإِذَا قَطَعَ وَقْتَهُ فِي الْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ وَالْأَمَانِيِّ الْبَاطِلَةِ، وَكَانَ خَيْرَ مَا قَطَعَهُ بِهِ النَّوْمُ وَالْبِطَالَةُ، فَمَوْتُ هَذَا خَيْرٌ لَهُ مِنْ حَيَاتِهِ. اهـ
** وفي كتاب (الزهد الكبير), للبيهقي (ص: 235):
** قال مَحْمُودُ بْنُ الْحَسَنِ [الورّاق]:
مَضَى أَمْسُكَ الْمَاضِي شَهِيدًا مُعَدَّلًا *
وَأَعْقَبَهُ يَوْمٌ عَلَيْكَ جَدِيدُ
فَإِنْ كُنْتَ بِالْأَمْسِ اقْتَرَفْتَ إِسَاءَةً *
فَثَنِّ بِإِحْسَانٍ وَأَنْتَ حَمِيدُ
فَيَوْمُكَ إِنْ أَعْتَبْتَهُ عَادَ نَفْعُهُ *
عَلَيْكَ وَمَاضِي الْأَمْسِ لَيْسَ يَعُودُ
وَلَا تُرْجِ فِعْلَ الْخَيْرِ يَوْمًا إِلَى غَدٍ *
لَعَلَّ غَدًا يَأْتِي وَأَنْتَ فَقِيدُ
** وفي كتاب (جامع العلوم والحكم) , (2/ 382)
** وَمِمَّا أَنْشَدَ بَعْضُ السَّلَفِ:
إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالْأَيَّامِ نَقْطَعُهَا *
وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ
فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ مُجْتَهِدًا * فَإِنَّمَا الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ فِي الْعَمَلِ
.
** أسأل الله الكريم المنان ذا الفضل والجود والإحسان أن يأخذ بأيدينا ونواصينا إلى البر والتقوى, وأن يوفقنا للعمل الذي يحب ويرضى.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأربعاء 13 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
32- السحور بركة, وهو من خصائص هذه الأمة
(1) تعريف السحور لغةً واصطلاحاً:
** السحور لغةً:
السَّحُور بالفتح: طعام السحر وشرابُه، وبالضم: أكل هذا الطعام.
** فهو بالفتح اسم لما يُتَسَحَّر به، وبالضم اسم للفعل نفسه .
** ومن اللطائف قول بعضهم : نحن في السُّحر نأكل السَّحور.
** وهَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ, كما نبه عليه ابن دقيق العيد في كتابه: (إحكام
الأحكام شرح عمدة الأحكام), (2/ 9)
** واصطلاحاً: كلُّ طعام أو شراب يتغذَّى به آخر الليل من أراد الصيام.
(2) حكمه:
** السحور مستحب في حق من يريد الصيام , وليس بواجب إجماعا.
** وفي ( صحيح البخاري ), (3/ 29):
** بَابُ بَرَكَةِ السَّحُورِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ «لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَصْحَابَهُ وَاصَلُوا وَلَمْ يُذْكَرِ السَّحُورُ». اهـ المراد
** وقال ابن المنذر في كتابه: (الإشراف على مذاهب العلماء),
(3/ 120): (باب السحور)
** ثبت أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم – قال: تسحروا فإن في السحور بركة.
** قال أبو بكر: هذا أمر ندب لا أمر فرض.
** وقد أجمعوا على أن ذلك مندوب إليه مستحب، ولا إثم على من تركه . اهـ
(3) الحكمة منه:
** من حكم السحور ومقاصده:
(أ)- أنه معين على العبادة، فإنه يعين الإنسان على مواصلة الصيام.
(ب)- أن فيه مخالفة لأهل الكتاب فإنهم لا يتسحرون.
** عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً» متفق عليه
** وعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ» رواه مسلم.
** وهذه بعض المسائل التي تتعلق بالسحور.
(4) جعل الله في السحور بركة, كما في حديث أَنَسٍ المتفق عليه, وقد تقدم.
** وعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّحُورِ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: «هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ»
[رواه أبو داود وغيره, وصححه الألباني]
** وعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الْبَرَكَةُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْجَمَاعَةِ، وَالثَّرِيدِ، وَالسَّحُورِ.
[رواه البيهقي وغيره, وصححه الألباني]
** و(البركة): هي نزول الخير الإلهي في الشيء، وثبوته فيه، والزيادةُ في الخير والأجر، وفي كل ما يحتاجه العبد من منافع الدنيا والآخرة.
** والبركةُ إنما تكون من الله، ولا تنال إلا بطاعته -عز وجل-.
** وهذه البركة المذكورة في الحديث قد تكون راجعة لأمر ديني أو لأمر دنيوي أو لهما معا, وهذا هو الأظهر.
** وفي كتاب: (فتح الباري), لابن حجر (4/ 139):
** قَوْله فِي حَدِيث أنس (تسحرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً)
** هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَبِضَمِّهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَرَكَةِ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ فَيُنَاسِبُ الضَّمُّ ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّسَحُّرِ.
** أَوِ الْبَرَكَةُ لِكَوْنِهِ يُقَوِّي عَلَى الصَّوْمِ وَيُنَشِّطُ لَهُ وَيُخَفِّفُ الْمَشَقَّةَ فِيهِ فَيُنَاسِبُ الْفَتْحَ ؛ لِأَنَّهُ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ.
** وَقِيلَ الْبَرَكَةُ مَا يُتَضَمَّنُ مِنَ الِاسْتِيقَاظِ وَالدُّعَاءِ فِي السَّحَرِ.
** وَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي السُّحُورِ تَحْصُلُ بِجِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهِيَ:
** اتِّبَاعُ السُّنَّةِ .
** وَمُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ.
** وَالتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالزِّيَادَةُ فِي النَّشَاطِ.
** وَمُدَافَعَةُ سُوءِ الْخُلُقِ الَّذِي يُثِيرُهُ الْجُوعُ .
** وَالتَّسَبُّبُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ إِذْ ذَاكَ أَوْ يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَلَى الْأَكْلِ .
** وَالتَّسَبُّبُ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَقْتَ مَظِنَّةِ الْإِجَابَةِ .
** وَتَدَارُكُ نِيَّةِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَغْفَلَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ .
** قَالَ ابن دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذِهِ الْبَرَكَةُ يَجُوزُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ فَإِنَّ إِقَامَةَ السُّنَّةِ يُوجِبُ الْأَجْرَ, وَزِيَادَتَهُ, وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَقُوَّةِ الْبَدَنِ عَلَى الصَّوْمِ, وَتَيْسِيرِهِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِالصَّائِمِ.
** قَالَ وَمِمَّا يُعَلَّلُ بِهِ اسْتِحْبَابُ السُّحُورِ الْمُخَالَفَةُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ عِنْدَهُمْ وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلزِّيَادَةِ فِي الْأُجُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ … الخ)
اهـ
** ومن بركة السحور: أداء صلاة الفجر مع الجماعة، وفي وقتها الفاضل , بخلاف من لم يتسحر.
** وهذا مشاهد؛ فإن عدد المصلين في صلاة الصبح مع الجماعة في رمضان أكثر من غيره من الشهور؛ لأنَّهم قاموا من أجل السحور.
** فينبغي للصائم أن يحرص على السحور، ولا يتركه لغلبة النوم أو غيره،
** وعليه أن يكون سهلاً ليناً عند إيقاظه من النوم.
** وأن يكون طيب النفس. مسروراً بامتثال أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حريصاً على الخير، لأن نبينا – صلى الله عليه وسلم – أكّد السحور، فأمر به وبين أنه شعار صيام المسلمين والفارق بين صيامهم وصيام أهل الكتاب، ونهى عن تركه.
(5) تحصل بركة السحور ولو بلقمة أو شربة.
(6) صلاة الله وملائكته على المتسحرين.
** عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ”
[رواه أحمد, وحسنه الألباني]
(7) أفضل السحور: التمر.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(نِعْمَ سحور المؤمن التمر) رواه أبو داود وصححه الألباني .
** وفي كتاب: (شرح المشكاة), (5/ 1590) للطيبي:
** وَإِنَّمَا مَدَحَ التَّمْرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِأَنَّ فِي نَفْسِ السَّحُورِ بَرَكَةٌ،
وَتَخْصِيصُهُ بِالتَّمْرِ بَرَكَةً، عَلَى بَرَكَةِ.
** إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ، فَإِنَّهُ بَرَكَةٌ، لِيَكُونَ الْمَبْدُوءُ بِهِ
وَالْمُنْتَهَى إِلَيْهِ الْبَرَكَةَ. اهـ
(8) يستحب تأخير السحور إلى قبيل الفجر, وكلما كان السحور قريبا من الفجر كان موافقا للسنة.
** عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلاَةِ، قَالَ: قُلْتُ: كَمْ كَانَ قَدْرُ ذَلِكَ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً. متفق عليه
** وفي كتاب: (فتح الباري) لابن حجر (4/ 138):
** قَوْلُهُ: (قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً) أَيْ مُتَوَسِّطَةً, لَا طَوِيلَةً وَلَا قَصِيرَةً, لَا سَرِيعَةً وَلَا بَطِيئَةً …
** قَالَ الْمُهَلَّبُ وَغَيْرُهُ : فِيهِ تَقْدِيرُ الْأَوْقَاتِ بِأَعْمَالِ الْبَدَنِ.
** وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُقَدِّرُ الْأَوْقَات بِالْأَعْمَالِ كَقَوْلِهِم: قَدْرَ حَلْبِ شَاةٍ, وَقَدْرَ نَحْرِ جَزُورٍ, فَعَدَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ ذَلِكَ إِلَى التَّقْدِيرِ بِالْقِرَاءَةِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ كَانَ وَقْتَ الْعِبَادَةِ بِالتِّلَاوَةِ.
** وَلَوْ كَانُوا يُقَدِّرُونَ بِغَيْرِ الْعَمَلِ لَقَالَ – مَثَلًا – : قَدْرَ دَرَجَةٍ أَوْ ثُلُثِ خمس سَاعَة.
** وَقَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ أَوْقَاتِهُمْ كَانَتْ مُسْتَغْرَقَةً بِالْعِبَادَةِ .
** وَفِيهِ تَأْخِيرُ السُّحُورِ لِكَوْنِهِ أبلغ فِي الْمَقْصُود.
** قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ : كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ مَا هُوَ الْأَرْفَقُ بِأُمَّتِهِ فَيَفْعَلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَسَحَّرْ لَاتَّبَعُوهُ فَيَشُقُّ عَلَى بَعْضِهِمْ وَلَوْ تَسَحَّرَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ لَشَقَّ أَيْضًا عَلَى بَعْضِهِمْ مِمَّنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ النَّوْمُ فَقَدْ يُفْضِي إِلَى تَرْكِ الصُّبْحِ أَوْ يَحْتَاجُ إِلَى الْمُجَاهَدَةِ بِالسَّهَرِ.
** وَقَالَ : فِيهِ أَيْضًا تَقْوِيَةٌ عَلَى الصِّيَامِ لِعُمُومِ الِاحْتِيَاجِ إِلَى الطَّعَامِ وَلَوْ تُرِكَ لَشَقَّ عَلَى بَعْضِهِمْ وَلَا سِيَّمَا مَنْ كَانَ صَفْرَاوِيًّا فَقَدْ يُغْشَى عَلَيْهِ فَيُفْضِي إِلَى الْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ.
** قَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ تَأْنِيسُ الْفَاضِلِ أَصْحَابَهُ بِالْمُؤَاكَلَةِ.
** … وَفِيهِ الِاجْتِمَاعُ عَلَى السُّحُورِ.
** وَفِيهِ حُسْنُ الْأَدَبِ فِي الْعِبَارَةِ لِقَوْلِهِ: تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَمْ يَقُلْ نَحْنُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا يُشْعِرُ لَفْظُ
الْمَعِيَّةِ بِالتَّبَعِيَّةِ … الخ .اهـ المراد
** وقال الشوكاني في كتاب: (في نيل الأوطار), (2/ 24):
** ( … وَالْمُدَّةُ الَّتِي بَيْنَ الْفَرَاغِ مِنْ السَّحَرِ وَالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْخَمْسِينَ آيَةً هِيَ مِقْدَارُ الْوُضُوءِ … الخ). اهـ
** وفي كتاب: (شرح كتاب الصيام من عمدة الأحكام), لابن باز
(ص: 3):
** (خمسون آية بتلاوة متأنية مرتلة نحو خمس أو سبع دقائق إلى عشر دقائق).
** وفي كتاب: (تنبيه الأفهام شرح عمدة الأحكام) , ( 419 ) للعثيمين:
** ( … لكني قرأتها فبلغت نحو ست دقائق). اهـ المراد
** وفي كتاب: (شرح رياض الصالحين) (5/ 285) للعثيمين:
** وقد بين زيد بن ثابت رضي الله عنه حينما ذكر أنه تسحر مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قاموا إلى الصلاة ولم يكن بينهما إلا قدر خمسين آية.
** (خمسون آية): من عشر دقائق إلى ربع الساعة, إذا قرأ الإنسان
قراءة مرتلة أو دون ذلك.
** وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم يؤخر السحور تأخيرا بالغا.
** وعلى أنه يقدم صلاة الفجر ولا يتأخر.
** ثم إنه ينبغي للإنسان حين تسحره أن يستحضر:
** أنه يتسحر امتثالا لأمر الله ورسوله.
** ويتسحر مخالفة لأهل الكتاب وكرها لما كانوا عليه.
** ويتسحر رجاء البركة في هذا السحور.
** ويتسحر استعانة به على طاعة الله حتى يكون هذا السحور الذي يأكله خيرا وبركة وطاعة. والله الموفق. اهـ
** (فائدة): سورة المرسلات هي السورة الوحيدة التي عدد آياتها خمسون آية.
(9) السحور فارق بين صيام هذه الأمة وصيام اليهود والنصارى.
** عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ»
رواه مسلم.
** قال القرطبيُّ في كتابه: (المفهم), (9/ 118):
** و((الفصل)): الفرق .
** و((أهل الكتاب)): اليهود والنصارى.
** وهذا الحديث يدل على أن السحور من خصائص هذه الأمة، ومما خفف به عنهم.
** وقال القاضي عياض في كتابه: (إكمال المعلم بفوائد مسلم),
(4/ 32):
** وقوله: “تسحروا فإن فى السحور بركة”
** أصل البركة الزيادة، …
** وهو مما اختصت به هذه الأمة فى عمومها, … ). اهـ المراد
** وقال ابن الملقن في كتابه:(الإعلام بفوائد عمدة الأحكام),(5/ 188):
** وهو من خصائص هذه الأمة.
(10) الحذر من الإفراط في السحور.
** عن المقدامِ بْنِ مَعْدِ يكرِبٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يقول: “ما مَلأ آدمِيٌّ وعاءً شرّاً مِنْ بطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدمَ أُكَيْلاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فإنْ كانَ لا مَحالَة؛ فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ، وثلُثٌ لِشرابِهِ، وثُلُثٌ لِنَفَسِهِ”.
[رواه الترمذي وغيره, وصححه الألباني].
** قال العلامة الصنعاني في كتابه: (سبل السلام), (2/ 651):
** وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى ذَمِّ التَّوَسُّعِ فِي الْمَأْكُولِ وَالشِّبَعِ وَالِامْتِلَاءِ،
** وَالْإِخْبَارُ عَنْهُ بِأَنَّهُ شَرٌّ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ الدِّينِيَّةِ، وَالْبَدَنِيَّةِ، فَإِنَّ فُضُولَ الطَّعَامِ مَجْلَبَةٌ لِلسَّقَامِ وَمُثَبِّطَةٌ عَنْ الْقِيَامِ بِالْأَحْكَامِ،
** وَهَذَا الْإِرْشَادُ إلَى جَعْلِ الْأَكْلِ ثُلُثَ مَا يَدْخُلُ الْمِعْدَةَ مِنْ أَفْضَلِ مَا أَرْشَدَ إلَيْهِ سَيِّدُ الْأَنَامِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَإِنَّهُ يُخَفِّفُ عَلَى الْمِعْدَةِ وَيَسْتَمِدُّ مِنْ الْبَدَنِ الْغِذَاءَ وَتَنْتَفِعُ بِهِ الْقُوَى وَلَا يَتَوَلَّدُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَدْوَاءِ.
اهـ المراد
** وقال الإمام ابن دقيق العيد في كتابه) :إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام), (2/ 10)
** وَلِلْمُتَصَوِّفَةِ وَأَرْبَابِ الْبَاطِنِ فِي هَذَا كَلَامٌ تَشَوَّفُوا فِيهِ إلَى اعْتِبَارِ مَعْنَى الصَّوْمِ وَحِكْمَتِهِ وَهُوَ كَسْرُ شَهْوَةِ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ،
** وَقَالُوا: إنَّ مَنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ عَلَيْهِ عَادَتُهُ فِي مِقْدَارِ أَكْلِهِ لَا يَحْصُلُ لَهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الصَّوْمِ، وَهُوَ كَسْرُ الشَّهْوَتَيْنِ.
** وَالصَّوَابُ -إنْ شَاءَ اللَّهُ- أَنَّ مَا زَادَ فِي الْمِقْدَارِ، حَتَّى تُعْدَمَ هَذِهِ الْحِكْمَةُ بِالْكُلِّيَّةِ لَا يُسْتَحَبُّ، كَعَادَةِ الْمُتْرَفِينَ فِي التَّأَنُّقِ فِي الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ. وَكَثْرَةِ الِاسْتِعْدَادِ فِيهَا،
** وَمَا لَا يَنْتَهِي إلَى ذَلِكَ، فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ.
** وَقَدْ تَخْتَلِفُ مَرَاتِبُ هَذَا الِاسْتِحْبَابِ بِاخْتِلَافِ مَقَاصِدِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِ مِقْدَارِ مَا يَسْتَعْمِلُونَ. اهـ
(11) من أسماء السحور أيضا: الفلاح , والغداء المبارك.
** عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَضَانَ، فَلَمْ يَقُمْ بِنَا مِنَ الشَّهْرِ شَيْئًا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ نَحْوٌ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا اللَّيْلَةَ الرَّابِعَةَ، وَقَامَ بِنَا اللَّيْلَةَ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى ذَهَبَ نَحْوٌ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ قَالَ: “إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ بَقِيَّةُ لَيْلَتِهِ ” ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا السَّادِسَةَ، وَقَامَ بِنَا السَّابِعَةَ، قَالَ: وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِهِ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: السُّحُورُ . [رواه أحمد وغيره, وصححه الألباني].
** وعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّحُورِ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: «هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ»
[رواه أبو داود وغيره, وصححه الألباني]
** وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ,
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَدْعُونِي إِلَى السَّحُورِ، وَقَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ الْغَدَاءَ الْمُبَارَكَ».
[رواه الطبراني في “المعجم الأوسط ” وصححه الألباني].
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الثلاثاء 12 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
31- الصلاة أفضل من الصيام
** قال الحافظ ابن حجر في كتابه: (فتح الباري), (4/ 104):
** ( … وَأَشَارَ بن عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى تَرْجِيحِ الصِّيَامِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ فَقَالَ: (حَسْبُكَ بِكَوْنِ الصِّيَامِ جُنَّةً مِنَ النَّارِ فَضْلًا),
** وَرَوَى النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ الله: مرني بِأَمْر آخُذْهُ عَنْكَ, قَالَ: (عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ ؛ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ), وَفِي رِوَايَةٍ: (لَا عَدْلَ لَهُ),
** وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ تَرْجِيحُ الصَّلَاةِ). اهـ
** قال أبو عبد الله الجعدي, وفقه الله:
** وما رجحه الجمهور هو الراجح, ويدل عليه حديث ثَوْبَانَ- رضي اللَّه عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَقِيمُوا، وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةَ، وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ» [رواه الإمام أحمد وغيره, وصححه الألباني].
** من المراجع:
** كتاب: (طرح التثريب في شرح التقريب), (4/ 92)
** وكتاب: (شرح الزرقاني على الموطأ), (2/ 291 , 292 ) لمحمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني المصري الأزهري.
** وكتاب: (فتح الباري لابن حجر), (4/ 108).
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الاثنين 11 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
30- ذكر بعض أحكام الصيام
** للصيام أحكام كثيرة نذكر منها ما تيسر:
(1) تبيت النية, وهي القصد، والإرادة للشيء.
** عن حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَلَا صِيَامَ لَهُ»
[رواه النسائي, وصححه الألباني]
** والنية محلها القلب, فلا يجوز التلفظ بها.
** وفي كتاب: (الاختيارات العلمية في اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية) ,(ص: 459):
** (ومَن خطر بقلبه أنه صائم غداً فقد نوى). اهـ
** وفي كتاب: (الفتاوى الكبرى) ,(1/ 213) لشيخ الإسلام ابن تيمية:
** ( … بَلْ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ:
** أَمَّا فِي الدِّينِ فَلِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، … الخ ) اهـ المراد.
(2) تناول وجبة السحور, ولو بلقمة أو شربة ماء.
** عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
« تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً » متفق عليه
** وعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ »
رواه مسلم.
** وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ”
[رواه أحمد, وحسنه الألباني]
(3) تأخير السحور إلى قبيل الفجر.
** عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلاَةِ، قَالَ: قُلْتُ: كَمْ كَانَ قَدْرُ ذَلِكَ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً. متفق عليه
** قال الشوكاني في كتاب: (في نيل الأوطار), (2/ 24):
( . . . وَالْمُدَّةُ الَّتِي بَيْنَ الْفَرَاغِ مِنْ السَّحَرِ وَالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْخَمْسِينَ آيَةً هِيَ مِقْدَارُ الْوُضُوءِ … الخ ). اهـ
(4) تعجيل الفطور عند غروب الشمس.
** عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» متفق عليه
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
« لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ، لِأَنَّ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ » [رواه أحمد وغيره, وحسنه الألباني].
** وفي (فتح الباري), لابن حجر (4/ 199):
** قَالَ ابن عَبْدِ الْبَرِّ: أَحَادِيثُ تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ صِحَاحٌ مُتَوَاتِرَةٌ.
** وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَ النَّاسِ إِفْطَارًا وَأَبْطَأَهُمْ سُحُورًا. اهـ
(5) الإفطار على رطب, فإن لم يتيسر فعلى تمر, فإن لم يتيسر فعلى ماء , فإن لم يتيسر فعلى أي شيء من الحلال الطيب.
** عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَتَمَرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ”
[رواه أحمد وغيره, وصححه الألباني]
** وفي كتاب : ( زاد المعاد ) , (2/ 48):
** وَكَانَ يَحُضُّ عَلَى الْفِطْرِ بِالتَّمْرِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى الْمَاءِ، هَذَا مِنْ كَمَالِ شَفَقَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ وَنُصْحِهِمْ، فَإِنَّ إِعْطَاءَ الطَّبِيعَةِ الشَّيْءَ الْحُلْوَ مَعَ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ أَدْعَى إِلَى قَبُولِهِ وَانْتِفَاعِ الْقُوَى بِهِ، وَلَا سِيَّمَا الْقُوَّةُ الْبَاصِرَةُ، فَإِنَّهَا تَقْوَى بِهِ، وَحَلَاوَةُ الْمَدِينَةِ التَّمْرُ، وَمُرَبَّاهُمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ قُوتٌ وَأُدْمٌ وَرُطَبُهُ فَاكِهَةٌ.
** وَأَمَّا الْمَاءُ فَإِنَّ الْكَبِدَ يَحْصُلُ لَهَا بِالصَّوْمِ نَوْعُ يُبْسٍ. فَإِذَا رُطِّبَتْ بِالْمَاءِ كَمُلَ انْتِفَاعُهَا بِالْغِذَاءِ بَعْدَهُ.
** وَلِهَذَا كَانَ الْأَوْلَى بِالظَّمْآنِ الْجَائِعِ أَنْ يَبْدَأَ قَبْلَ الْأَكْلِ بِشُرْبِ قَلِيلٍ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَأْكُلَ بَعْدَهُ،
** هَذَا مَعَ مَا فِي التَّمْرِ وَالْمَاءِ مِنَ الْخَاصِّيَّةِ الَّتِي لَهَا تَأْثِيرٌ فِي صَلَاحِ الْقَلْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا أَطِبَّاءُ الْقُلُوبِ.
** وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، وَكَانَ فِطْرُهُ عَلَى رُطَبَاتٍ إِنْ وَجَدَهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ. اهـ
(6) الإمساك عن كل قول محرم أو فعل محرم.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رواه البخاري
** وعَنْه، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
“إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ” متفق عليه
(7) عدم المبالغة في الاستنشاق.
** عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي، عَنِ الْوُضُوءِ، قَالَ: «أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»
[رواه أبو داود وغيره, وصححه الألباني]
(8) النهي عن الوصال إلا إلى السحر.
** عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ الْوِصَالِ، قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى» متفق عليه.
** وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا تُوَاصِلُوا فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ, قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: لَسْتُ (إِنِّي لَسْتُ) كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِ. رواه البخاري
** وفي كتاب : ( زاد المعاد ), (2/ 33) لابن القيم:
** ( … وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ: أَنَّ الْوِصَالَ يَجُوزُ مِنْ سَحَرٍ إِلَى سَحَرٍ، وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ أحمد وإسحاق، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ إِلَى السَّحَرِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
** وَهُوَ أَعْدَلُ الْوِصَالِ وَأَسْهَلُهُ عَلَى الصَّائِمِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ بِمَنْزِلَةِ عَشَائِهِ إِلَّا أَنَّهُ تَأَخَّرَ، فَالصَّائِمُ لَهُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَكْلَةٌ، فَإِذَا أَكَلَهَا فِي السَّحَرِ كَانَ قَدْ نَقَلَهَا مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ المراد
(9) من أكل أو شرب ناسيا فليكمل صومه ولا شيء عليه.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ» متفق عليه
(10) من احتلم في نهار رمضان فليتم صومه, ولا شيء عليه.
(11) من أدركه الفجر وهو جنب لم يغتسل بعدُ, فليغتسل ويصم ولا
شيء عليه.
** عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أَنَّهُمَا قَالَتَا : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، وَيَصُومُ » متفق عليه
(12) من طهرت قبيل الفجر من الحيض أو النفاس فلتغتسل وتصم.
(13) من حاضت أو نفست قبيل المغرب فلا تعتد بذلك اليوم, ولتقضي مكانه يوما آخر, وتحتسب أجرها عند الله.
(14) يجوز الفطر لأهل الأعذار, كالمسافر والمريض والحامل والمرض, وعليهم القضاء على تفصيل مذكور في كتب أهل العلم.
** قَالَ اللَّهِ تَعَالَى: { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ , وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ , فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }
** وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ إِخْوَةِ بَنِي قُشَيْرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَأْكُلُ، فَقَالَ: «اجْلِسْ فَأَصِبْ مِنْ طَعَامِنَا هَذَا»، فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ،
** قَالَ: «اجْلِسْ أُحَدِّثْكَ عَنِ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الصِّيَامِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ شَطْرَ الصَّلَاةِ، أَوْ نِصْفَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمَ عَنِ الْمُسَافِرِ، وَعَنِ الْمُرْضِعِ، أَوِ الْحُبْلَى»،
** وَاللَّهِ لَقَدْ قَالَهُمَا جَمِيعًا أَوْ أَحَدَهُمَا، قَالَ: فَتَلَهَّفَتْ نَفْسِي أَنْ لَا أَكُونَ أَكَلْتُ مِنْ طَعَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[رواه أبو داود وغيره, وحسنه الشيخان].
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الاثنين 11 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
29- ذكر بعض واجبات الصيام
** الواجب لغة: الساقط واللازم.
** واصطلاحاً: ما أمر به الشارع على وجه الإلزام؛ كالصلوات الخمس.
** فخرج بقولنا: “ما أمر به الشارع”؛ المحرم والمكروه والمباح.
** وخرج بقولنا: “على وجه الإلزام”؛ المندوب.
** والواجب يثاب فاعله امتثالاً، ويستحق العقاب تاركُه.
** ويُسمَّى: فرضاً وفريضة وحتماً ولازماً. اهـ من كتاب:
** (الأصول من علم الأصول), لابن عثيمين (ص: 11)
** وينقسم الواجب باعتبار ذاته إلى قسمين:
** القسم الأول: واجب عيني- المسمى فرض عين-، وهو الذي يلزم كل مكلف فعله ، كالصلوات الخمس والزكاة والصيام وغير ذلك.
** القسم الثاني: واجب كفائي -المسمى فرض كفاية-, وهو الذي إذا قام به البعض الكافي سقط الإثم عن الباقي كـ(تغسيل الميت, وتكفينه, والصلاة عليه, ودفنه).
(**) وواجبات الصيام كثيرة:
منها: وجوب تحري رؤية هلال رمضان, (وجوبا كفائيا)
** عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِينَ» متفق عليه
ومنها: وجوب الإمساك عن المفطرات إذا تبين طلوع الفجر الصادق, إما
بالمشاهدة أو بإخبار الثقة.
** لقوله تعالى: {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ}
** وعَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْها عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ بِلاَلًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ». متفق عليه
ومنها: وجوب استمرار الإمساك عن المفطرات حتى يتحقق غروب الشمس, إما بالمشاهدة أو بإخبار الثقة.
** لقوله تعالى: {… ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ}
** وفي كتاب (المجموع شرح المهذب) (6/ 304)
(يَنْقَضِي الصَّوْمُ وَيَتِمُّ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ). اهـ المراد
** وفي كتاب (فتح الباري) لابن حجر (4/ 199)
(وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ وَكَذَا عدل وَاحِد فِي الارجح).
ومنها: وجوب الاستمرار على نية الصيام حتى تغرب الشمس.
** وفي كتاب (المغني) لابن قدامة (3/ 133)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ نَوَى الْإِفْطَارَ فَقَدْ أَفْطَرَ). اهـ المراد
** وفي كتاب (الشرح الممتع على زاد المستقنع) (6/ 363)
** قوله: «ومن نوى الإفطار أفطر»
** والدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات» فما دام ناوياً الصوم فهو صائم، وإذا نوى الإفطار أفطر،
** ولأن الصوم نية وليس شيئاً يفعل، كما لو نوى قطع الصلاة فإنها تنقطع الصلاة. اهـ المراد
ومنها: وجوب إخراج ما في الفم لمن أفطر ناسيا ثم تذكر أو ذكر.
ومنها: وجوب ابتعاد الصائم عن زوجته إذا خشي الوقوع في الحرام.
ومنها: وجوب ترك الكذب والغيبة والنميمة والشتم والرفث والصياح والمضاربة, ونحوها من كل قول أو فعل محرم, في كل وقت، وفي
رمضان آكد.
** عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: « مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ » رواه البخاري
** وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: « … وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ” متفق عليه
ومنها: أن يكون محبا لصوم رمضان؛ لأنه مما أنزله الله, قال الله تعالى:
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}
** من المراجع:
** كتاب (أصول الفقه على منهج أهل الحديث) (ص: 108)
** وكتاب (شرح الورقات في أصول الفقه), آل الشيخ (ص: 19)
** وكتاب (المغني), لابن قدامة (3/ 181)
** وكتاب (موسوعة الفقه الإسلامي) (3/ 167)
** وكتاب (مذكرة في أحكام الصيام), لشيخنا أبي إبراهيم محمد بن عبد الوهاب الوصابي [ص: 10- 11]
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأحد 10 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
28- ذكر أركان الصيام
** الرُّكْن لُغَة: (جَانِب الشَيْء الْأَقْوَى الَّذِي يسْتَند إِلَيْهِ).
** وَاصْطِلَاحا: (مَا لا يتم الشَيْء إلا بِهِ, وَهُوَ دَاخل فِيهِ) كـ(الركوع) – مثلا -, فإنه ركن للصلاة لا تتم إلا بِهِ وَهُوَ دَاخل فِيها.
بِخِلَاف الشَرط فإنه مَا لا يتم الشَيْء إلا بِهِ, وَهُوَ خَارج عَنهُ.
** (إذن): يتفق الشرط والركن في أن كلا منهما لا تتم العبادة إلا بِهِ.
** ويفترقان في أن الشرط يكون خارج العبادة كـ(الطهارة) للصلاة, والركن يكون داخلها كـ(الركوع) للصلاة.
** وأَرْكَانُ الصِّيَامِ ثلاثة:
** الأول: الإمساك عن المفطرات من طعام وشراب وجماع ونحوها.
** والثاني: زمن الصوم, وهو من طلوع الفجر الثاني إلى غروب
الشمس.
** والثالث: النية.
** وزاد بعضهم رابعا, وهو: الصَّائِمُ.
** وبعضهم جعل (النية والصائم) شرطين؛ لأنهما خارجان عن مفهوم الصيام، ولكن لا بد منهما.
** وفي كتاب(بداية المجتهد ونهاية المقتصد), لابن رشد القرطبي
(2/ 46):
** وَالْأَرْكَانُ ثَلَاثَةٌ:
** اثْنَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا (وَهُمَا: الزَّمَانُ وَالْإِمْسَاكُ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ) .
** وَالثَّالِثُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ: النِّيَّةُ.
** فَأَمَّا الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ الزَّمَانُ، فَإِنَّهُ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
** أَحَدُهُمَا: زَمَانُ الْوُجُوبِ (وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ).
** وَالْآخَرُ: زَمَانُ الْإِمْسَاكِ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ (وَهُوَ أَيَّامُ هَذَا الشَّهْرِ دُونَ اللَّيَالِي). اهـ
** وفي كتاب: (تكملة فتاوى الموقع للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين)
** السؤال: ما هي أركان الصيام؟.
** الجواب: الحمد لله.
** اتفق الفقهاء على أن الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، ركن من أركان الصوم.
** واختلفوا في النية: فذهب الحنفية والحنابلة إلى أنها شرط في صحة الصوم.
** وذهب المالكية والشافعية إلى أنها ركن يضاف إلى الإمساك.
** وسواء اعتُبرت النية ركنا أو شرطا ، فلا يصح الصوم – كغيره من العبادات – إلا بنية ، مع الإمساك عن المفطرات.
[البحر الرائق 2/276، مواهب الجليل 2/378، نهاية المحتاج 3/149، نيل المآرب شرح دليل الطالب 1/274]. والله أعلم. اهـ
** وانظر:
** كتاب: (الفقه على المذاهب الأربعة), (1/ 865).
** وكتاب: (شرح البهجة الوردية), (7 / 11).
** وكتاب: (لقاء الباب المفتوح), (194/ 4) للشيخ ابن عثيمين.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الاثنين 4 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
27- ذكر شروط الصيام
** الصيام عبادة من العبادات العظيمة, ولها شروطها، وأركانها،
وواجباتها، ومستحباتها.
** والشَّرْطُ لُغَةً: الْعَلَامَةُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}, أَيْ عَلَامَاتُ السَّاعَةِ.
** وشرعاً: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود.
كـ(الطهارة) – مثلا -, فإنها شرط للصلاة, فيلزم من عدمها عدم الصلاة،
ولا يلزم من وجودها وجود الصلاة؛ لأن الإنسان قد يتطهر ولا يصلي, كما لو تطهر لقراءة القران أو لنوم أو نحو ذلك.
** وشروط الصيام سبعة, وهي:
** الأول: الإسلام, وضده الكفر،
فالكافر لا يُلزم بالصوم ولا يصح منه.
** والثاني: البلوغ ، وضده الصغر,
فالصغير لا يجب عليه الصيام حتى يبلغ, ولكن يأمره وليُّهُ بالصوم إذا أطاقه.
** والثالث: العقل، وضده الجنون،
فالمجنون مرفوع عنه القلم حتى يفيق.
** والرابع: القدرة، وضدها العجز،
فالعاجز عن الصوم لا يجب عليه الصوم أداء، ويجب عليه القضاء.
** والخامس: الإقامة، وضدها السفر,
فالمسافر لا يجب عليه الصيام أداءً، وعليه القضاء.
** والسادس: ألا يكون هناك مانع, كالحيض والنفاس، للمرأة،
فلا يجب عليها الصيام أداءً، بل يجب عليها الفطر والقضاء.
** وقد تقدم الكلام على هذه الستة مفصلا في:
(التبيان فيمن يجب عليه صيام رمضان) في الفائدة (22), فارجع إليه إن شئت.
** والسابع: تبيت النية, وهي القصد، والإدارة للشيء.
** ودليله حديث حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَلَا صِيَامَ لَهُ»
[رواه النسائي, وصححه الألباني]
** والنية محلها القلب, فلا يجوز التلفظ بها.
** وفي كتاب: (الاختيارات العلمية في اختيارات شيخ الإسلام ابن
تيمية), (ص: 459):
** (ومَن خطر بقلبه أنه صائم غداً فقد نوى). اهـ
** وفي كتاب: (الفتاوى الكبرى), (1/ 213) لشيخ الإسلام ابن تيمية:
** ( … بَلْ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ:
** أَمَّا فِي الدِّينِ فَلِأَنَّهُ بِدْعَةٌ،
** وَأَمَّا فِي الْعَقْلِ فَلِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُرِيدُ أَكْلَ الطَّعَامِ فَقَالَ: أَنْوِي بِوَضْعِ يَدِي فِي هَذَا الْإِنَاءِ أَنِّي آخُذُ مِنْهُ لُقْمَةً، فَأَضَعُهَا فِي فَمِي فَأَمْضُغُهَا، ثُمَّ أَبْلَعُهَا لِأَشْبَعَ فَهَذَا حُمْقٌ وَجَهْلٌ.
** وَذَلِكَ أَنَّ النِّيَّةَ تَتْبَعُ الْعِلْمَ، فَمَتَى عَلِمَ الْعَبْدُ مَا يَفْعَلُ كَانَ قَدْ نَوَاهُ ضَرُورَةً، فَلَا يُتَصَوَّرُ مَعَ وُجُودِ الْعِلْمِ بِهِ أَنْ لَا تَحْصُلَ نِيَّةٌ، … الخ). اهـ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأحد 3 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
26- ذكر بعض فضائل الصيام
** للصيام فضائل كثيرة ومزيا عديدة, نذكر منها ما تيسر:
(1) أنه سبب عظيم لتزكية النفوس وتهذيبها من الأخلاق الرديئة في الأقوال والأفعال, ولهذا علله الله بالتقوى, فقال جل من قائل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
« … وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ, وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ … » متفق عليه.
(2) أنه سبب عظيم لحفظ الفرج من الزنا واللواط والاستمناء ونحوها.
** عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»، متفق عليه.
** قوله: (فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ) أي أشدّ غضًا له، أي خفضًا للعين، فلا تنظرُ إلى ما لا يحلّ النظر إليه.
** وقوله: (وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ) أي أشدّ منعًا له من الوقوع في الفاحشة.
(3) أن الله اختصه لنفسه.
(4) أن الله أضاف جزاءه لنفسه.
(5) أن خلوف فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ.
(6) أن ثوابه غير محدود.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ”
** “لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ”
** «وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»
متفق عليه, وهذا لفظ مسلم.
(7) أنه اجتمع فيه أنواع الصبر الثلاثة:
وهي الصبر على طاعة الله، و الصبر عن معصية الله، والصبر على أقدار المؤلمة .
** فهو صبرٌ على طاعة الله؛ لأن الإنسان يصبر على هذه الطاعة ويفعلها.
** وعن معصية الله سبحانه؛ لأنه يتجنب ما يحرم على الصائم.
** وعلى أقدار الله تعالى؛ لأن الصائم يصيبه ألمٌ بالعطش والجوع
والكسل وضعف النفس؛ فلهذا كان الصوم من أعلى أنواع الصبر؛ لأنه جامعٌ بين الأنواع الثلاثة، وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ
أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
(8) أن الله خصه بباب, يقال له: (الريان) لا يدخله إلا الصائمون.
** عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ” متفق عليه.
(9) أنه جُنةٌ وحِصنٌ حصين لصاحبه من الآثام والنار:
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ» رواه مسلم.
** وعَنْ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقُولُ : “الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنْ النَّارِ، كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْقِتَالِ”.[رواه أحمد وغيره, وصححه الألباني].
** وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ : « مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، بَاعَدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا » متفق عليه .
** قال القاضي عياض في كتابه: (إكمال المعلم بفوائد مسلم), (4/ 110):
** وقوله: “الصيام جنة”: أى ستر ومانع من الرفث والآثام، أو مانع من النار وساتر منها، أو مانع من جميع ذلك. اهـ
** وفي فتح الباري لابن حجر (4/ 104):
** ( … وَقَالَ ابن الْعَرَبِيِّ إِنَّمَا كَانَ الصَّوْمُ جُنَّةً مِنَ النَّارِ لِأَنَّهُ إِمْسَاكٌ عَنِ الشَّهَوَاتِ, وَالنَّارُ مَحْفُوفَةٌ بِالشَّهَوَاتِ.
** فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إِذَا كَفَّ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ فِي الدُّنْيَا كَانَ ذَلِكَ سَاتِرًا لَهُ مِنَ النار في الْآخِرَةِ … الخ). اهـ المراد.
(10) أنه يشفع لصاحبه يوم القيامة:
** عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
“الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ”، قَالَ: “فَيُشَفَّعَانِ”
[أخرجه أحمد وغيره, وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح]
(11) أنه يزيل الأحقاد والضغائن:
** وعن النمر بن تولب رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “صوم شهر الصبر, وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن
وحر الصدر)
[رواه الطبراني وغيره, ورواه البزار عن علي وابن عباس رضي الله
عنهما وصححه الشيخان: الألباني والوادعي]
** قوله: (وَحَرَ الصَّدر) بالمهملة محركة, وهو غشه وحقده أو غيظه أو نفاقه أو أشد الغضب.
** وهذه من أجل فوائد الصوم فإن ذلك يستلزم شرح الصدر الذي سأله كليم الله عليه السلام وامتن به الرب تعالى على خاتم رسله وبه صلاح دين العبد ودنياه. اهـ من كتاب: (التنوير شرح الجامع الصغير) لابن الأمير الصنعاني (7/ 12)
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأحد 3 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
25- الصيام سبب عظيم لطهارة القلوب, وزكاة النفوس, وتهذيب الأخلاق, وصحة الأبدان
** إن الصيام عبادة عظيمة وطاعة جليلة, وهو من أعظم الأسباب في طهارة القلب وزكاة النفس وحسن الخلق وصحة البدن.
** قال الله جل جلاله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
** وفي (تفسير ابن كثير), ط العلمية (1/ 364):
** يقول تعالى مخاطبا للمؤمنين من هذه الآية، وَآمِرًا لَهُمْ بِالصِّيَامِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْوِقَاعِ، بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لما فيه من زكاة النفوس وَطَهَارَتِهَا وَتَنْقِيَتِهَا مِنَ الْأَخْلَاطِ الرَّدِيئَةِ وَالْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ. اهـ
** وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ، قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصِّيَامِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ»
[رواه النسائي وغيره, وصححه الشيخان].
** وفي كتاب :(فيض القدير), (4/ 330):
5489 – (عليك بالصوم) أي الزمه.
** (فإنه لا مثل له) وفي رواية أبي نعيم بدله: (فإنه لا عدل له)
إذ هو يقوي القلب والفطنة, ويزيد في الذكاء ومكارم الأخلاق,
** وإذا صام المرء اعتاد قلة الأكل والشرب, وانقمعت شهواته, وانقلعت مواد الذنوب من أصلها, ودخل في الخير من كل وجه, وأحاطت به
الحسنات من كل جهة.اهـ
** عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»، متفق عليه.
** قوله: (فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ) أي أشدّ غضًا له، أي خفضًا للعين، فلا تنظرُ إلى ما لا يحلّ النظر إليه.
** وقوله: (وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ) أي أشدّ منعًا له من الوقوع في الفاحشة.
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
« مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ » رواه البخاري.
** وعَنْه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
« … وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ , وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ … » متفق عليه.
** وعَنْه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم-: « لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشَّرْبِ فَقَطْ, إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ. فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ فَقَلْ : إِنِّى صَائِمٌ ».
رواه الحاكم وغيره [وصححه الألباني].
** وفي كتاب:(زاد المعاد ) – (2 / 27) :
** فصل : في هديه صلى الله عليه و سلم في الصيام
** ( … وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها.
** فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات فهو من أكبر العون على التقوى كما قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}
** وقال النبي صلى الله عليه و سلم [ الصوم جنة ]
** وأمر من اشتدت عليه شهوة النكاح ولا قدرة له عليه بالصيام وجعله وجاء هذه الشهوة.
** والمقصود: أن مصالح الصوم لما كانت مشهودة بالعقول السليمة والفطر المستقيمة شرعه الله لعباده رحمة بهم وإحسانا إليهم وحمية لهم وجنة … الخ ). اهـ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** السبت 2 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
24- شرح وجيز لقول الله العزيز:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
** قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} هذا نداء تشريف وتكريم من الرب الكريم لعباده المؤمنين الذين صدّقوا وأقروا به ربا وإلها , فامتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه ووقفوا عند حدوده.
** قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/ 200):
** قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ: إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فَأَوْعِهَا سَمْعَكَ فَإِنَّهُ خَيْرٌ مَا يُأْمَرُ بِهِ أَوْ شَرٌّ يُنْهَى عَنْهُ. اهـ
** وقد وقع نداء الرب الكريم لعباده المؤمنين في القران العظيم في تسعين موضعا تقريبا, أولها قوله تعالى – في سورة البقرة-: {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
** وآخرها قوله تعالى – في سورة التحريم -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
** وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} أي فرض الله عليكم الصيام فرضا لازما.
** عَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ”
متفق عليه.
** قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في كتابه (المغني), (6 / 30):
** وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ. اهـ
** وَالصَّوْمُ وَالصِّيَامُ فِي اللُّغَةِ: الإِمساك عن أي شيء مطلقا, من طعام , أو شراب، أو كلام، أو غيره.
** وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ مَرْيَمَ: {إنِّي نَذَرْت لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} أَيْ إمْسَاكًا وَسُكُوتًا عن الكلام.
** وشرعا: الْإِمْسَاكُ بنية عَنِ المفطرات من أَكْلِ وشُّرْبِ وجِمَاعِ ونحوها
, مِنِ طلوع الْفَجْرِ الصادق إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ.
** قال تعالى: { وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ}.
** وَفرض صَيامِ رَمَضَانَ فِي شهر شعبان في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ اتفاقا.
** قال ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم (زاد المعاد), (2 / 29):
** وَكَانَ فَرْضُهُ فِي السّنَةِ الثّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ, فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ صَامَ تِسْعَ رَمَضَانَاتٍ. اهـ
** ويجب الصيام على (كل مسلم، بالغ، عاقل، مقيم ، قادر على الصوم, ذكراً كان أو أنثى، خالٍ من الموانع, كالحيض والنفاس، وهذا خاص
بالنساء).
** وقوله تعالى: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ}أي أن الله فرض الصيام على هذه الأمة، وعلى غيرها من الأمم السابقة، لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان.
** فَلَكم أيها المؤمنون فِيمن سبقكم أُسْوَةٌ، فاجتهدوا فِي أَدَاءِ هَذَا الْفَرْضِ أَكْمَلَ مِمَّا فَعَلَهُ أُولَئِكَ.
** وقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي أن الحكمة من فرضية الصيام تحقيق التقوى.
** قال العلامة السعدي في تفسيره: (تيسير الكريم الرحمن),
(ص: 86):
** ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
** فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.
** فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها، التي تميل إليها نفسه، متقربا بذلك إلى الله، راجيا بتركها، ثوابه، فهذا من التقوى.
** ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه، مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه،
** ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام، يضعف نفوذه، وتقل منه المعاصي،
** ومنها: أن الصائم في الغالب، تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى،
** ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع، أوجب له ذلك، مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى. اهـ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** السبت 2 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
23- تذكير الصوام بالحكمة من فرضية الصيام
** إن من أسماء الله الحسنى (الحكيم), والحكيم مشتق من الحِكْمة.
والحكمة: إتقان الأمور ووضعها في مواضعها.
** ومقتضى هذا الاسم أن جميع أحكام الله جل وعلا في غاية الحكمة والكمال والإتقان.
** فلا يشرع أمراً إلا وفيه مصلحة للعباد، علم ذلك من علمه، وجهله من جهله،
** وإن مما شرع الله لعباده عبادة الصيام المشتملة على المصالح العظيمة التي أجملها الله سبحانه وتعالى في قوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
** فالوصول إلى التقوى هو الهدف الأسمى والغاية العظمى من فرضية
الصيام.
** والتقوى: هي امتثال أوامر الله طمعا في ثوابه واجتناب نواهيه خوفا من عقابه.
** وقد ذكر العلماء رحمهم الله بعض الحكم من مشروعية الصيام، وكلها أو جلها من خصال التقوى،
** ولكن لا بأس من ذكر بعضها ، ليتنبه الصائم لها، ويحرص على تحقيقها.
** فمن حكم الصوم:
1 أَنَّ الصَّوْمَ وَسِيلَةٌ إلَى شُكْرِ النِّعْم , فالصيام هُوَ كَفُّ النَّفْسِ عَنْ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ ,
** وهذه مِنْ أَجَلِّ النِّعَمِ وَأَعْلاهَا, وَالامْتِنَاعُ عَنْهَا زَمَانًا مُعينا يُعَرِّفُ قَدْرَهَا, إذْ النِّعَمُ مَجْهُولَةٌ,
** فَإِذَا فُقِدَتْ عُرِفَتْ, فَيَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى أداءِ حَقِّهَا بِالشُّكْرِ.
2 أَنَّ الصَّوْمَ وَسِيلَةٌ إلَى ترك المحرمات , لأَنَّهُ إذَا انْقَادَتْ النَفْسٌ لِلامْتِنَاعِ عَنْ الْحَلالِ طَمَعًا فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى , وَخَوْفًا مِنْ عِقَابِهِ , فَأَوْلَى أَنْ تَنْقَادَ لِلامْتِنَاعِ عَنْ الْحَرَامِ , فَكَانَ الصَّوْمُ سَبَبًا لاتِّقَاءِ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى.
3 أَنَّ فِي الصَّوْمِ التغلب على الشَّهْوَةِ, لأَنَّ النَّفْسَ إذَا شَبِعَتْ تَمَنَّتْ الشَّهَوَاتِ, وَإِذَا جَاعَتْ امْتَنَعَتْ عَمَّا تَهْوَى, وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ: مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ; فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ, وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ , وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ, فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ).
4 أَنَّ الصَّوْمَ مُوجِبٌ لِلرَّحْمَةِ وَالْعَطْفِ عَلَى الْمَسَاكِينِ, فَإِنَّ الصَّائِمَ إذَا ذَاقَ أَلَمَ الْجُوعِ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ, ذَكَرَ مَنْ هَذَا حَالُهُ فِي جَمِيعِ الأَوْقَاتِ, فَيُحمله ذلك على الرَّحْمَة بِهِ, والإِحْسَانِ إلَيْهِ, فكان الصوم سبباً للعطف على المساكين.
5 أَنَّ فِي الصَّوْمِ قَهْرا لِلشَّيْطَانِ، وإضعافا له, فتضعف وسوسته للإنسان، فتقل منه المعاصي، وذلك لأن (الشَّيْطَان يَجْرِيَ مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فبالصيام تضيق مجاري الشيطان فيضعف ، ويقل نفوذ.
** قال شيخ الإسلام كما في “مجموع الفتاوى” (25/246):
** (… ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ مَنْعُ الصَّائِمِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ}
** وَلَا رَيْبَ أَنَّ الدَّمَ يَتَوَلَّدُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ.
** وَإِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ اتَّسَعَتْ مَجَارِي الشَّيَاطِينِ.
** وَإِذَا صام ضَاقَتْ مَجَارِي الشَّيَاطِينِ الَّذِي هُوَ الدَّمُ.
** وَإِذَا ضَاقَتْ انْبَعَثَتْ الْقُلُوبُ إلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكِ الْمُنْكَرَاتِ. اهـ
بتصرف.
6 أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى ، فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه ، لعلمه باطلاع الله عليه.
7 أَنَّ في الصيام التزهيد في الدنيا وشهواتها، والترغيب فيما عند الله تعالى.
8 أَنَّ في الصيام تعويد المؤمن على الإكثار من الطاعات ، وذلك لأن الصائم في الغالب تكثر طاعته فيعتاد ذلك.
** انظر:
** (تفسير السعدي) (ص: 86).
** و(فصول في الصيام والتراويح والزكاة) لابن عثيمين (ص: 3).
** و(الموسوعة الفقهية) (28/9).
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** السبت 2 / 9 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
22- التبيان فيمن يجب عليه صيام رمضان
** يجب صيام رمضان على: ( كل مسلم، بالغ، عاقل، مقيم، قادر على الصوم, ذكراً كان أو أنثى، خالٍ من الموانع, كالحيض والنفاس، وهذا خاص بالنساء).
** فخرج بقيد (المسلم) الكافر, فلا يجب عليه الصوم, وإن صام لم يصح منه؛ لأن العبادة لا تقبل منه حال كفره، لقوله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} الآية.
** ويعذب على تركه في الآخرة.
** وخرج بقيد (البالغ): الصغير, فلا يجب عليه الصوم ؛ لرفع القلم عنه حتى يبلغ, وإن صام صح منه.
** (فائدة):
** ويعرف البلوغ عند الذكر والأنثى بواحد من ثلاثة أمور:
(1) الاحتلام، وهو: خروج المني في نوم أو يقظة، بجماع أو غيره.
** ودليله قوله تعالى: { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا }
** وحديث عَلِيٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ” [رواه الإمام أحمد وغيره, وصححه الألباني].
(2) إِنْبَاتِ الشَّعْرِ الخشن حول القبل أو العانة، لا الشعر الناعم، فَإِنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْأَطْفَالِ.
** ودليله حديث عَطِيَّةُ الْقُرَظِىُّ رضي الله عنه, قَالَ : كُنْتُ مِنْ سَبْىِ بَنِى قُرَيْظَةَ فَكَانُوا يَنْظُرُونَ فَمَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ لَمْ يُقْتَلْ فَكُنْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ. [رواه أبو داود, وصححه الشيخان].
(3) بلوغ تمام خمس عشرة سنة.
** ودليله حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، قَالَ: ” عَرَضَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْقِتَالِ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي،
** قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: « إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ كَانَ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَاجْعَلُوهُ فِي الْعِيَالِ » متفق عليه.
(4) وتزيد الأنثى على الذكر بأمر رابع , وهو الحيض , ولو من بنت تسع أو عشر.
** قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في كتابه ( المغني ), (4/ 346):
** وَأَمَّا الْحَيْضُ فَهُوَ عَلَمٌ عَلَى الْبُلُوغِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا،
** وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « لَا يَقْبَلُ اللَّه صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. اهـ
** قلت: وهذا الحديث الذي رواه الترمذي قد رواه غيره أيضا عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها, [وصححه الألباني] .
** وينبغي على ولي الصبي أن يحثه على الصيام (إن كان مطيقا له) وأن يعينه عليه , اقتداء بالصحابة الكرام رضي الله عنهم.
** قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه (3/ 37):
** (بَابُ صَوْمِ الصِّبْيَانِ)
** وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِنَشْوَانٍ فِي رَمَضَانَ: «وَيْلَكَ، وَصِبْيَانُنَا
صِيَامٌ، فَضَرَبَهُ»
** عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ: «مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَليَصُمْ»، قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ. وأخرجه مسلم .
** وخرج بقيد (العاقل): المجنون, فلا يجب عليه الصوم؛ لرفع القلم
عنه.
** وخرج بقيد (المقيم): المسافر, فلا يجب عليه الصوم حال سفره, بل هو مخير بين الفطر والصيام, والأفضل له فعل الأيسر عليه.
** وخرج بقيد (القادر): العاجز عن الصيام لمرض أو كبر، فلا يجب عليه الصوم.
** فإن كان المرض يرجى برؤه صبر حتى يصح بدنه ثم يقضي.
** وإن كان لا يرجى برؤه فيطعم عن كل يوم مسكيناً.
** وكذا الكبير الذي لا يطيق الصوم يطعم عن كل يوم مسكيناً.
** وخرج بقيد (خالٍ من الموانع … ): المرأة إذا وجد عندها المانع من حيض أو نفاس, فلا يجب عليها الصوم، بل يجب عليها الفطر.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** ليلة الجمعة, وهي أول ليلة من شهر رمضان المبارك // 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
21- تعريف الصيام, وبيان حكمه, وبداية فرضيته
** الصوم والصيام: مصدران لـ(صام)، يقال: (صام, يصوم, صوما, وصياما).
** وهو لغة: الإِمساك عن أي شيء مطلقا, من طعام, أو شراب، أو كلام، أو غيرها.
** يُقَالُ: (صَامَ النَّهَارُ), إذَا وَقَفَ سَيْرُ الشَّمْسِ,
** و(صام عن الكلام), إذا سكت, وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٌ عَنْ مَرْيَمَ:
{إنِّي نَذَرْت لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} أَيْ إمْسَاكًا وَسُكُوتًا عن الكلام.
** وتقول العرب: (فرس صائم), أي واقف، ممسك عن المشي.
** قال أحمد بن فارس في كتابه (مقاييس اللغة), (3/ 323):
(صَوَمَ), (الصَّادُ وَالْوَاوُ وَالْمِيمُ) أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى إِمْسَاكٍ وَرُكُودٍ فِي مَكَانٍ.
مِنْ ذَلِكَ صَوْمُ الصَّائِمِ، هُوَ إِمْسَاكُهُ عَنْ مَطْعَمِهِ وَمَشْرَبِهِ وَسَائِرِ مَا مُنِعَهُ. … الخ . اهـ المراد
** وشرعا: الْإِمْسَاكُ بنية عَنِ المفطرات من أَكْلِ وشُّرْبِ وجِمَاعِ
ونحوها, مِنِ طلوع الْفَجْرِ الصادق إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ.
** قال تعالى:{ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ } البقرة (187)
** والمراد بـ(الخيط الأبيض والخيط الأسود) بياض النهار وسواد الليل وهذا يحصل بطلوع الفجر.
** وانظر: كتاب [التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (2/ 37, 38)]
** وكتاب [عون المعبود وحاشية ابن القيم (2/ 139)]
** (حكم الصيام):
** حكم الصيام: أنه فرض من فرائض الإسلام وركن من أركانه العظام.
** دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع.
** أما الكتاب فقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا كتِبَ عليكم الصيام}, أي فرض.
** وأما السنة فأحاديث كثيرة, منها:
** عَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ”
متفق عليه.
** وأما الإجماع فقد اتفقت الأمة على فرضيته ، كما نقل ذلك غير واحد من أهل العلم.
** قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في كتابه (المغني), (6 / 30):
** وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ. اهـ
** (بداية فرضية صيام رمضان):
** فرض صَوْم رَمَضَانَ فِي شهر شعبان في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ.
** قال ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم (زاد المعاد), (2 / 29):
** وَكَانَ فَرْضُهُ فِي السّنَةِ الثّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ, فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ صَامَ تِسْعَ رَمَضَانَاتٍ. اهـ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** ليلة الجمعة, وهي أول ليلة من شهر رمضان المبارك // 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
20- النصائح والتوجيهات في اغتنام أوقات رمضان بالأعمال الصالحات
** إن من رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعل لعباده المؤمنين مواسم الخيرِ وميادين البرّ يتسابقون فيها بالأعمال الصالحات.
** وإن من أعظم هذه المواسم شهر رمضان المبارك الذي جعله الله مِضْمَارِا للمؤمنين الراغبين في فعل الخيرات التي تبلغهم أرفع الدرجات.
** فينبغي لكل عاقل لبيب أن يشمر عن ساعد الجد, ويبذل قصارى جهده في التزود من العمل الصالح الذي يوصله إلى الدرجات العلى والمنازل الرفيعة.
** ورمضان وقته قصير فلا يحتمل التقصير, وهو زمن عبور فلا يحتمل الفتور ؛ ولهذا قال الله: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} لينبه العباد على استغلال أوقاتهم بالأعمال الصالحات بشتى أنواعها.
** ومما يعين على اغتنام أوقات رمضان أن يجعل العبد لنفسه جدولا منسقا يوزع فيه الأعمال الصالحة على حسب الأوقات.
** ومن باب المشاركة في الخير أضع بين يدي القارئ الكريم هذه الجدول , فإن ناسبه فبها ونعمت , وإلا فلينظر لنفسه جدولا آخر يحفظ به أقاته من الضياع.
** ولنبدأ في هذا الجدول من صلاة الفجر.
(1) الحرص على الصف الأول , فإن لم يتيسر فالثاني أو الثالث.
(2) الترديد بعد المؤذن ثم ذكر الدعاء الوارد.
(3) أداء نافلة الفجر, ركعتين خفيفتين, والاقتصار عليهما.
(4) الدعاء بين الأذان والإقامة.
(5) أداء صلاة الفجر جماعة في المسجد.
(6) قراءة أذكار الصلاة, ثم أذكار الصباح.
(7) قراءة ما تيسر من القران حتى تطلع الشمس.
(8) صلاة ركعتين أو أربع.
(9) النوم إلى قبل الظهر بساعة أو ساعتين, ثم يقوم فيتوضأ ويصلي ركعتين أو أكثر صلاة الأوابين, وهي من صلاة الضحى.
(10) قراءة القران حتى أذان الظهر.
(11) يفعل في صلاة الظهر ما فعله في صلاة الفجر من:
** المسابقة إلى الصف الأول.
** وترديد الأذان.
** وصلاة نافلة الظهر القبلية والبعدية.
** والدعاء بين الأذان والإقامة.
(12) حضور درس علمي في أحكام الصيام, أو في غيره من الدروس النافعة التي لا تأخذ وقتا كثيرا.
** وطلب العلم من أعظم العبادات وأجل القربات التي ترفع العبد درجات.
(13) قراءة القران قدر ساعة.
(14) النوم إلى قبيل العصر, للاستعانة به على قيام الليل.
(15) يفعل في صلاة العصر ما فعله في صلاة الفجر والظهر كما تقدم.
(16) حضور درس علمي نافع بعد العصر, كما تقدم الكلام عليه.
(17) قراءة القران قدر ساعة أو أكثر.
(18) قراءة أذكار المساء.
(19) الإفطار – وقت المغرب -على رطب وماء, فإن لم يجد فعلى تمر وماء, فإن لم يجد فعلى ما تيسر من الحلال الطيب.
(20) يفعل في صلاة المغرب ما فعله في صلاة الفجر والظهر كما تقدم .
(21) عشاء خفيف ترجع به النفس ولا يثفل عن العبادة .
(22) التبكير لصلاة العشاء, ويفعل فيها ما فعله في صلاة الفجر
والظهر كما تقدم.
(23) صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف.
(24) مجاهدة النفس في تدبر القران عند سماعه.
(25) الإتيان بالذكر المأثور بعد صلاة التراويح.
** عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى رضي اللَّه عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ،
** وَكَانَ يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ» ثَلَاثًا، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالثَّالِثَةِ. [رواه النسائي, وصححه الألباني].
(26) الرجوع إلى البيت لتناول وجبة العشاء.
(27) الجلوس مع الأهل والأولاد للمؤانسة والنصح والإرشاد.
(28) قراءة القران قدر ساعة أو أكثر.
(29) النوم؛ لإعطاء البدن راحته, إلى وقت السحور.
(30) تناول وجبة السحور, ولو بشربة ماء.
(31) اغتنام وقت السحر بالدعاء والاستغفار.
(32) الحرص -في أثناء هذه الأوقات من ليل أو نهار – على:
** كثرة الاستغفار.
** كثرة التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير.
** كثرة قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله).
** كثرة قول: (لا إله إلا الله).
** كثرة قول: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر).
** كثرة قول: (سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم).
** كثرة الصدقة على المحتاجين .
** كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
** البشاشة والطلاقة والابتسامة في وجوه الآخرين.
** مساعدة الآخرين, من أقارب وجيران وأصدقاء في قضاء حوائجهم.
** استعمال السواك, خاصة عند قراءة القران.
(تنبيه):
** من لم يستطع فعل هذه الأمور كلها لعذر أو لآخر فليأت منها بما يستطيع؛ فإن الغرض هو صرف الوقت في طاعة الله سبحانه وتعالى.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 30 / 8 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
19- هل صيام شهر رمضان من خصائص هذه الأمة؟
** ذهب بعض أهل العلم إلى أن صوم رمضان من خصائص هذه الأمة.
** قال العلامة الشوكاني في تفسيره (فتح القدير), (1/ 207)
عند قول الله جل وعلا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)}:
** (… وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي وَجْهِ التَّشْبِيهِ مَا هُوَ؟
** فَقِيلَ: هُوَ قَدْرُ الصَّوْمِ وَوَقْتُهُ، فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى صَوْمَ رَمَضَانَ فَغَيَّرُوا.
** وَقِيلَ: هُوَ الْوُجُوبُ، فَإِنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى الْأُمَمِ الصِّيَامَ.
** وَقِيلَ: هُوَ الصِّفَةُ، أَيْ: تَرْكُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهِمَا فِي وَقْتٍ.
** فَعَلَى الْأَوَّلِ مَعْنَاهُ: أَنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ صَوْمَ رَمَضَانَ كَمَا كَتَبَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ.
** وَعَلَى الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الصِّيَامَ كَمَا أَوْجَبَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ.
** وَعَلَى الثَّالِثِ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَوْجَبَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الْإِمْسَاكَ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ كَمَا أَوْجَبَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. اهـ
** وفي كتاب (الحاوي للفتاوي), للسيوطي (2/ 150):
** وَصَوْمُ رَمَضَانَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عطاء. اهـ المراد
** وفي كتاب ( فيض القدير ) , للمناوي (4/ 40) :
** (قال القونوي في شرح التعرف: ورمضان من خصائص هذه الأمة). اهـ
** وفي كتاب (دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين), لابن علان الشافعي (7/ 22):
** ( . . . وأن رمضان من خصائص هذه الأمة تشريفاً لنبيها محمد – صلى الله عليه وسلم – ) اهـ المراد
** وانظر:
** (شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية), (7/ 450)
** و(شرح القسطلاني) = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (3/ 344)
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 30 / 8 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
18- ذكر أسماء رمضان الثابتة وغير الثابتة
** لا أعلم لـ(رمضان) من الأسماء الثابتة – في الكتاب والسنة – إلا اثنين:
** أحدهما: (رمضان), وهو الأشهر, وبه جاء القران والسنة,
** قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» متفق عليه
** الثاني : شهر الصبر , وهو الاسم الذي جاءت به السنة فقط .
** عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، صَوْمُ الدَّهْرِ”
[رواه أحمد والنسائي, وصححه الشيخان: الألباني والوادعي]
** وقد ذكر بعض أهل العلم لـ(رمضان) أسماء كثيرة ليست بثابتة فيما أعلم.
** ففي كتاب: (فتح الباري), للحافظ ابن حجر (6/ 127):
** وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْخَيْر الطَّالِقَانِيّ فِي كِتَابه: “حَظَائِر الْقُدُس” لِرَمَضَان سِتِّينَ اِسْمًا. اهـ المراد
** وفي كتاب: (إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري), لأبي العباس
القسطلاني (3/ 349):
** ( . . . وله أسماء غير هذا أنهوها إلى ستين, ذكرها الطالقاني في كتابه : “حَظَائِر الْقُدُس” منها : شهر الله , وشهر الآلاء , وشهر القرآن , وشهر النجاة ). اهـ المراد
** قال أبو عبد الله الجعدي -وفقه الله-:
** ولعل أكثر هذه الأسماء – إن لم تكن كلها – مأخوذة من الأمور الخيرية التي تكون فيه, فيقال- مثلا -:
** شهر الصيام, شهر القيام, شهر تلاوة القران, شهر الجود , شهر الرحمة, شهر التوبة, شهر العتق من النار, شهر الاعتكاف, شهر فتح أبواب الجنان, شهر غلق أبواب النيران, ونحو ذلك. والله أعلم.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأربعاء 29/ 8 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
17- من بلغه الله شهر رمضان فعمره بطاعة الله فقد وفق للخير الكثير والأجر الكبير
** إن شهر رمضان المبارك من أعظم المواسم الإيمانية والنفحات الربانية التي يتسابق إليها المتسابقون ويتنافس فيها المتنافسون.
** فهو شهر الخيرات والبركات والنفحات والرحمات.
** شهر الحسنات والصدقات والأعمال الصالحات.
** شهر العطايا والمنح والهبات.
** شهر مضاعفة الأجور ورفعة الدرجات.
** شهر تكفير الذنوب والخطايا والزلات.
** شهر الصيام والقيام وتلاوة الآيات البينات.
** شهر الاعتكاف وإخراج الزكوات.
** شهر تغلق فيه أبواب النيران وتفتح فيه أبواب الجنان وأبواب السماوات.
** شهر تنزلت فيه الكتب السماوية المشتملة على كلام رب البريات.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
وَمَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
** وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ دَخَلَ رَمَضَانُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ»
[رواه ابن ماجه, وقال الألباني: حسن صحيح]
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَجُلَانِ مِنْ بَلِيٍّ حَيٌّ مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الْآخَرُ سَنَةً،
قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ: فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا، أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَأَصْبَحْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ السَّنَةِ؟”
[رواه أحمد, وقال الألباني: حسن صحيح]
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الثلاثاء 28/ 8 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
16- التبشير بقدوم رمضان سنة نبوية
** كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم يفرح بقدوم شهر رمضان فرحا عظيما , ويبشر أصحابه بذلك , ويذكر لهم بعضا من فضائله .
** فقد ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ: «قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ »
[رواه أحمد وغيره, وصححه العلامة الألباني ومحقّقو المسند]
** وفي كتاب (لطائف المعارف) لابن رجب (ص: 148):
** قال بعض العلماء : هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان
* كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان.
** كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران.
** كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين.
** من أين يشبه هذا الزمان زمان. اهـ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الاثنين 27/ 8 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
15- القول الصحيح المرتضى في أن لفظ: (رمضان) ليس من أسماء الله الحسنى
** لم يثبت أن لفظ: (رمضان) اسم من أسماء الله تبارك وتعالى.
** قال الحافظ المفسر ابن كثير في تفسيره (1/ 368):
** وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ إِلَّا شَهْرَ رَمَضَانَ، وَلَا يُقَالُ رَمَضَانُ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَسَعِيدٍ هُوَ الْمُقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَا تَقُولُوا رَمَضَانَ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضَانَ-
** قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ نَحْوَ ذَلِكَ،
** وَرَخَّصَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ.
** (قُلْتُ) أَبُو مَعْشَرٍ هُوَ نَجِيحُ بْنُ عَبْدِ الرحمن المدني إمام الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ، وَلَكِنْ فِيهِ ضَعْفٌ،
** وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ عَنْهُ فَجَعَلَهُ مَرْفُوعًا عَنْ أَبِي هريرة،
** وقد أنكره عليه الحافظ بن عَدِيٍّ، وَهُوَ جَدِيرٌ بِالْإِنْكَارِ، فَإِنَّهُ مَتْرُوكٌ، وَقَدْ وَهِمَ فِي رَفْعِ هَذَا الْحَدِيثِ،
** وَقَدِ انْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ لِهَذَا فَقَالَ: (بَابٌ يُقَالُ رَمَضَانُ) وَسَاقَ أَحَادِيثَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَنَحْوَ ذَلِكَ. اهـ
** وفي كتاب ( شرح النووي على مسلم ) , (7/ 187):
** قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ … ), وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (إِذَا كَانَ رَمَضَانُ … ), وفي رواية (إذا دَخَلَ رَمَضَانُ)
** فِيهِ دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: رَمَضَانُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الشَّهْرِ بِلَا كَرَاهَةٍ
** وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ:
** قَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يُقَالُ: رَمَضَانُ عَلَى انْفِرَادِهِ بِحَالٍ, وَإِنَّمَا يُقَالُ: شَهْرُ رَمَضَانَ هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَزَعَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُطْلَقُ عَلَى غيره الا بقيد.
** وقال أكثر أصحابنا وابن الْبَاقِلَّانِيِّ إِنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إِلَى الشَّهْرِ فَلَا كَرَاهَةَ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ, قَالُوا: فَيُقَالُ : (صُمْنَا رَمَضَانَ), (قُمْنَا رَمَضَانَ) , (وَرَمَضَانُ أَفْضَلُ الْأَشْهُرِ) , (وَيُنْدَبُ طَلَبُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ) , وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ, وَلَا كَرَاهَةَ فِي هَذَا كُلِّهِ, وَإِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ: (جَاءَ رَمَضَانُ, وَدَخَلَ, وَحَضَرَ رَمَضَانُ, وَأُحِبُّ رَمَضَانَ), وَنَحْوُ ذَلِكَ
** وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ : مَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ وَالْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي إِطْلَاقِ رَمَضَانَ بِقَرِينَةٍ وَبِغَيْرِ قَرِينَةٍ.
** وَهَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ الصَّوَابُ.
** وَالْمَذْهَبَانِ الْأَوَّلَانِ فَاسِدَانِ ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِنَهْيِ الشَّرْعِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ.
** وَقَوْلُهُمْ: إِنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بصحيح, ولم يصح في شَيْءٌ, وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ فِيهِ أَثَرٌ ضَعِيفٌ
** وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ لَا تُطْلَقُ إِلَّا بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ
** وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ اسْمٌ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ كَرَاهَةٌ , وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ صَرِيحٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ.
** وَلِهَذَا الْحَدِيثِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الصَّحِيحِ فِي إِطْلَاقِ رَمَضَانَ عَلَى الشَّهْرِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الشَّهْرِ, وَقَدْ سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْهَا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَغَيْرِهِ, وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ
** وانظر كتاب: (فتح الباري), لابن حجر (4/ 113).
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأحد 26/ 8 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
14- لا يجوز صيام يوم قبل رمضان على سبيل الاحتياط
** ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يجوز لأحدٍ أن يصوم يوم الشك,
وهو يوم الثلاثين من شعبان، احتياطاً لرمضان، إلا إن وافق صوماً كان يصومه.
** وذلك أنه لَا يُصَام رَمَضَانُ إِلَّا بِيَقِينٍ مِنْ خُرُوجِ شهر شَعْبَانَ.
** وَالْيَقِينُ فِي ذَلِكَ أحد أمرين: إما رُؤْيَة الْهِلَالِ, أَوْ إِكْمَال شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا .
** والدليل على ذلك الكتاب السنة:
** أما الكتاب فعموم قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}
** وهذا لم يشهد الشهر, فلا يجوز له صيامه.
** وأما السنة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: « صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ » متفق عليه, وهذا لفظ البخاري.
** فهذا أمر بإكمال العدة،
والأصل في الأمر الوجوب،
فإذا وجب إكمال شعبان ثلاثين يوماً، حرم صوم يوم الشك.
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ» متفق عليه.
** فهذا نهي عن تقدم رمضان بصيام يوم أو يومين ,
والأصل في النهي التحريم.
** قال الإمام الترمذي في سننه الترمذي(2/ 61) بعد أن ذكر حديث أبي هريرة المتقدم:
** وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ: كَرِهُوا أَنْ يَتَعَجَّلَ الرَّجُلُ بِصِيَامٍ قَبْلَ دُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ لِمَعْنَى رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يَصُومُ صَوْمًا فَوَافَقَ صِيَامُهُ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَهُمْ”. اهـ
** وعَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَأُتِيَ بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ، فَقَالَ: كُلُوا، فَتَنَحَّى بَعْضُ القَوْمِ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ عَمَّارٌ: مَنْ صَامَ اليَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[رواه الترمذي, وصححه الألباني].
** قال الترمذي بعد أن ذكر حديث عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ المتقدم:
** وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٍ.
** حَدِيثُ عَمَّارٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ,
** وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، كَرِهُوا أَنْ يَصُومَ الرَّجُلُ اليَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، وَرَأَى أَكْثَرُهُمْ إِنْ صَامَهُ فَكَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَنْ يَقْضِيَ يَوْمًا مَكَانَهُ. اهـ
** فإن كان الشخص له صوم معتاد كالاثنين والخميس, أو كان عليه قضاء أو نذر أو نحو ذلك جاز له أن يصوم, كما دل عليه الحديث السابق , وهو قوله: «إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ».
** وفي كتاب : ( فتح الباري ), (4/ 120) لابن حجر:
** اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ لَا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ رَأْيِهِ فَيَكُونُ مِنْ قبيل الْمَرْفُوع.
** قَالَ ابن عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ مُسْنَدٌ عِنْدَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ, وَخَالَفَهُمْ الْجَوْهَرِيُّ الْمَالِكِيُّ فَقَالَ: هُوَ مَوْقُوفٌ.
** وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ لَفْظًا مَرْفُوعٌ حُكْمًا. اهـ
** وفي كتاب: (المغني), (3/ 108) لابن قدامة:
** ( … وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: لَا يَجِبُ صَوْمُهُ، وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ رَمَضَانَ إنْ صَامَهُ.
** وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ … ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ شَعْبَانَ، فَلَا يُنْتَقَلُ عَنْهُ بِالشَّكِّ. اهـ
** وفي كتاب: (المحلى بالآثار) ,(4/ 444) لابن حزم:
** مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ الَّذِي مِنْ آخِرِ شَعْبَانَ، وَلَا صِيَامُ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَ يَوْمِ الشَّكِّ الْمَذْكُورِ إلَّا مَنْ صَادَفَ يَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ فَيَصُومُهُمَا حِينَئِذٍ لِلْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَصُومُهُمَا لَهُ لَا لِأَنَّهُ يَوْمُ شَكٍّ وَلَا خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ رَمَضَانَ. اهـ المراد
** وفي كتاب: (الشرح الممتع), (6/ 479) لابن عثيمين:
(والصحيح أن صومه محرم إذا قصد به الاحتياط لرمضان). اهـ المراد
** وانظر: (التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد), (14/339)
** و(الموسوعة الفقهية) – الدرر السنية (1/ 340)
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأحد 26/ 8 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
13- رمضان شهر التغييرات, فاغتنمه في تغيير حالك مع ربك إلى أحسن الحالات
** إن شهر رمضان المبارك شهر عظيم , كثير الخيرات , والبركات , والرحمات , والعطايا والهبات, شهر إقالة العثرات ومغفرة الذنوب والسيئات فهو بحق شهر التغيرات والتحولات.
** فمن هذه التغيرات التي تحصل في رمضان خاصة:
(1) فْتَح أَبْوَاب الجنان.
(2) غلق أَبْوَاب النيران.
(3) تصفيد الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ.
(4) فْتَح أَبْوَاب السَّمَاءِ.
(5) صلاة التراويح جماعة.
(6) يُنَادِي ملك كُلُّ لَيْلَةٍ : يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَ يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ.
(7) لله – كُلُّ لَيْلَةٍ – عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ.
** إلى غير ذلك.
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَ يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ.
** [رواه الترمذي وغيره, وصححه الألباني]
** وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ »
** [رواه الإمام أحمد وغيره, وصححه الألباني]
** فإذا كانت هذه التغييرات وغيرها تحصل في هذا الشهر المبارك فحري بنا جميعا أن نسعى جاهدين لإصلاح قلوبنا وتهذيب نفوسنا وتغيير أحوالنا :
** من السيء إلى الحسن.
** ومن الحسن إلى الأحسن .
** من المعصية إلى الطاعة.
** من عبادة النفس والهوى والشيطان إلى عبادة الله الرحيم الرحمن.
** من البعد والقسوة والوحشة إلى القرب والرقة والأنس بالله جل جلاله وتباركت أسماؤه .
** من الإهمال والتفريط والجهل إلى الجد والالتزام وتحصيل العلم
النافع.
** قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ}
** وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}
** وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو – رضي الله عنهما – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: ” إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ، فَاسْأَلُوا اللهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ”
** (رواه الطبراني وصححه الألباني )
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه القيم :(لطائف المعارف), (ص: 148):
** يا من طالت غيبته عنا قد قربت أيام المصالحة.
** يا من دامت خسارته قد أقبلت أيام التجارة الرابحة.
** من لم يربح في هذا الشهر ففي أي وقت يربح.
** من لم يقرب فيه من مولاه فهو على بعده لا يربح.
أناس أعرضوا عنا *
بلا جرم ولا معنى
أساؤا ظنهم فينا *
فهلا أحسنوا الظنا
فإن عادوا لنا عدنا *
وإن خانوا فما خنا
فإن كانوا قد استغنوا *
فإنا عنهم أغنا
** كم ينادي حي على الفلاح وأنت خاسر
** كم تدعى إلى الصلاح وأنت على الفساد مثابر.
إذا رمضان أتى مقبلا *
فاقبل فبالخير يستقبل
لعلك تخطئه قابلا *
وتأتي بعذر فلا يقبل
** كم ممن أمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار قبله إلى ظلمة القبر .
** كم من مستقبل يوما لا يستكمله.
** ومؤمل غدا لا يدركه.
** إنكم لو أبصرتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره. اهـ
** أسأل الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه وفضله وإحسانه أن يهدي قلوبنا, ويصلح أحوالنا ظاهرها وباطنها, إنه على كل شيء قدير, وبالإجابة جدير.
** والحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** السبت 25/ 8 / 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
12- إذا سألت الله بلوغ رمضان, فاسأله أيضا التوفيق فيه لصالح الأعمال
** ليست العبرة ببلوغك شهر رمضان ولكن العبرة بتوفيق الله لك فيه,
فإن من دخل عليه شهر رمضان المبارك فشمر عن ساعد الجد وأقبل على الله بقلبه وقالبه, وظاهره وباطنه, وشغل نفسه, وعمر وقته بالطاعات والعبادات من صلاة وصيام وتلاوة القران وغير ذلك من أعمال البر والإحسان فقد وفقه الله توفيقا عظيما.
** ومن دخل عليه شهر رمضان المبارك فلم يبال به ولم يلتفت إليه, فضيع فيه الصلاة والصيام وتلاوة والقران – كما هو حال بعض الناس -, أو صام وصلى على غير ما شرع الله سبحانه وتعالى فقد خسر وخاب واستحق العقاب, وخذل خذلانا عظيما, ولا حول ولا قوة إلا بالله.
** عنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَىَّ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلاَهُ الْجَنَّةَ ». رواه الترمذي, وصححه الشيخان.
** وفي كتاب (التنوير شرح الجامع الصغير ) لمحمد بن إسماعيل المعروف كأسلافه بالأمير الصنعاني (6/ 259)
** ( . . . (ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان فانسلخ قبل أن يغفر له)
** فإنه لشهر تغفر فيه الخطيئات وتضاعف فيه الطاعات فما ينسلخ إلا وقد غفر الله لمن أقبل على طاعته وتجاوز عن سيئاته ,
** فمن لم يغفر له فقد أتى من قبل نفسه ولا يهلك على الله إلا هالك
** وصار حقيقا بالدعاء بأن يرغم الله أنفه لتفريطه في جنب الله وإقباله على خلاف مراضيه. . . . الخ). اهـ
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رواه البخاري.
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ” [رواه الإمام أحمد, وصححه الألباني]
** قال الشاعر:
إذا لم يكن في السمع مني تصاون
وفي بصري غض وفي منطقي صمت
فحظي إذن من صومي الجوع والظما
فإن قلت: إني صمت يومي فما صمت
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** السبت 25/ 8 / 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
11- حب رمضان من الإيمان, وكراهيتة من النفاق والعصيان
** قال تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}
** وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}
** المؤمن الطائع الموفق هو الذي يفرح بالعبادات ويأنس لها, ويستكثر منها لأنها:
تزيد إيمانه, وتجدد نشاطه, وتضاعف حسناته، وترفع درجاته وتكفير عنه خطاياه وسيئاته.
** والعاصي الفاجر المخذول على العكس من ذلك تماما, فلا يفرح بالعبادات ولا يأنس لها, بل تنقبض منها نفسه، وتنفر منها روحه ويعتبرها قيدا وسجناً وعذابا، والعياذ بالله.
** فيكره رمضان – على سبيل المثال – لأنه في نظره حرمه من حظوظ نفسه، وشهوات جسده، ولهذا يراه كجبل سقط عليه, يعد ساعاته وأيامه ولياليه، منتظرا رحيله بفارغ الصبر, نسأل الله السلامة والعافية.
** قال الحافظ ابن رجب في كتابه: (لطائف المعارف), (ص:145):
** وربما كره كثير منهم صيام رمضان.
** حتى إن بعض السفهاء من الشعراء كان يسبه.
** وكان للرشيد ابن سفيه فقال مرة:
دعاني شهر الصوم لا كان من شهر *
ولا صمت شهرا بعده آخر الدهر
فلو كان يعديني الأنام بقدرة*
على الشهر لاستعديت جهدي على الشهر
** فأخذه داء الصرع فكان يصرع في كل يوم مرات متعددة , ومات قبل أن يدركه رمضان آخر.
** وهؤلاء السفهاء يستثقلون رمضان لاستثقالهم العبادات فيه من الصلاة والصيام.
** فكثير من هؤلاء الجهال لا يصلي إلا في رمضان إذا صام.
** وكثير منهم لا يجتنب كبائر الذنوب إلا في رمضان, فيطول عليه, ويشق على نفسه مفارقتها لمألوفها , فهو يعد الأيام والليالي ليعودوا إلى المعصية.
وهؤلاء مصرون على ما فعلوا وهم يعلمون , فهم هلكى.
** ومنهم من لا يصبر على المعاصي , فهو يواقعها في رمضان.
** وحكاية محمد بن هارون البلخي مشهورة, وقد رويت من وجوه.
** وهو أنه كان مصرا على شرب الخمر, فجاء في آخر يوم من شعبان وهو سكران فعاتبته أمه وهي تسجر تنورا, فحملها فألقاها في التنور فاحترقت.
** وكان بعد ذلك قد تاب وتعبد.
فرؤي له في النوم أن الله قد غفر للحاج كلهم سواه.
** فمن أراد الله به خيرا حبب إليه الإيمان وزينه في قلبه وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان فصار من الراشدين.
** ومن أراد به شرا خلى بينه وبين نفسه فاتبعه الشيطان فحبب إليه الكفر والفسوق والعصيان فكان من الغاوين. اهـ المراد
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** السبت 25/ 8 / 1441 هـ.
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
10- إتحاف الإخوان بذكر بعض خصائص وفضائل شهر رمضان
** إن من أسماء الله الحسنى العليم الحكيم .
وإن من كمال علمه وحكمته أنه فاضل بين الأشياء , فجعل بعضها أفضل من بعض ؛ وذلك لما اشتملت عليه من الخصائص والفضائل دون غيرها ,
** وَمِنْ ذَلِكَ تَفْضِيلُ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى سَائِرِ الشُّهُورِ لما فيه من الخصائص الكثيرة التي لا توجد في غيره ،
** وَتَفْضِيلُ العَشْرِ الْأَواخِرِ منه عَلَى سَائِرِ اللَّيَالِي،
** وَتَفْضِيلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلَى أَلْفِ شَهْرٍ .
** قال الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}
** وإليك بعضا من هذه الخصائص والفضائل:
(1) تخصيصه بنزول القرآن الكريم فيه.
(2) تخصيص ذكر اسمه في القران دون غيره من الشهور.
(3) تخصيصه بوجوب صومه .
(4) تخصيصه بجعل صيامه أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام.
(5) تخصيصه بجعل صيامه سببا لمغفرة الذنوب.
(6) تخصيصه بصلاة التراويح جماعة.
(7) تخصيصه بجعل القيام مع الإمام حتى ينصرف يعدل قيام ليلة كاملة.
(8) تخصيصه بجعل قيامه سببا لمغفرة الذنوب.
(9) تخصيصه بجعل قيام ليلة القدر فيه سببا لمغفرة الذنوب.
(10) تخصيصه بجعل البركة فيه.
(11) تخصيصه بفْتَح أَبْوَاب السَّمَاءِ.
(12) تخصيصه بفْتَح أَبْوَاب الجنان.
(13) تخصيصه بغلق أَبْوَاب النيران.
(14) تخصيصه بتصفيد الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ.
(15) تخصيصه بالليلة المباركة , وهي ليلة القدر التي هي خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.
(16) تخصيصه بمناد ينادي قائلا: (يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ).
(17) تخصيصه بعتقاء من النار في كل ليلة من لياليه.
(18) تخصيصه بجعل العمرة فيه تعدل أجر حجة مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(19) تخصيصه بنزول الكتب السماوية فيه.
(20) تخصيصه بالإكثار فيه من الأعمال الصالحة, من صيام, وقيام, وقراءة للقران, وجود وإحسان, وغير ذلك, لا سيما عشره
الأخيرة التي كان يزداد فيها اجتهاده عليه الصلاة والسلام,
فيعتكف فيها كل عام حتى قبضه الله عز وجل.
(21) تخصيصه بزكاة الفطر.
** (تبيه): تركت ذكر أدلة هذه الخصائص طلبا للاختصار.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** ليلة السبت 25/ 8 / 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
9- التعريف الوجيز بشهر رمضان المبارك
(1) رمضان هو الشهر التاسع من شهور السنة الهجرية, يأتي بعد شعبان وقبل شوال.
(2) وهو شهر معظم في الدين الإسلامي, فصومه أحد أركان
الإسلام الخمسة.
(3) خصه الله ببعض العبادات, كـ(الصيام, والقيام, وزكاة الفطر التابعة له), ونحو ذلك.
(4) فرض صيام رمضان في السنة الثانية للهجرة.
(5) صام النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم – تسع رمضانات.
(6) ذهب بعض أهل العلم إلى أن صوم رمضان من خصائص هذه الأمة.
(7) يجوز أن يقال: (شهر رمضان) أو يقال: (رمضان) بدون إضافة كلمة (شهر).
(8) لم يثبت أن لفظ: (رمضان) اسم من أسماء الله تبارك وتعالى.
(9) لفظ: (رمضان) اسم ممنوع من الصرف؛ لأجل العلمية,
وزيادة الألف والنون .
(10) يجمع لفظ: (رمضان) على:
(رَمَضَانَاتٌ)، نَقَلَه الجَوْهَريّ
و(رَمَضَانُونَ)، و(أَرْمِضَةٌ)، الأَخيرُ فِي اللِّسَان.
وفَاتَه (أَرْمِضَاءُ)، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ،
وَ(رماضِينُ)، نَقَلَه الصَّاغَانيّ وصَاحبُ اللّسَان.
** قَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: زَعَمُوا أَنّ بَعْضَ أهل اللُّغة قَالَ: (أَرْمُضٌ)، وَهُوَ شَاذٌّ ولَيْس بالثَّبت وَلَا المَأْخوذ بِهِ. اهـ من كتاب: (تاج العروس).
(11) (أسماء رمضان), لا أعلم لـ(رمضان) من الأسماء – في الكتاب والسنة – إلا اثنين:
** أحدهما: (رمضان), وهو الأشهر, وبه جاء القران والسنة,
** قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» متفق عليه
** الثاني : شهر الصبر , وهو الاسم الذي جاءت به السنة فقط .
** عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، صَوْمُ الدَّهْرِ”
[رواه أحمد والنسائي, وصححه الشيخان: الألباني والوادعي]
(12) سبب التسمية بـ(رمضان), و(شَهْرِ الصَّبْرِ).
** أما سبب تسميته بـ(رمضان) فقال الحافظ ابن حجر في كتابه
(فتح الباري), (4/ 113):
** وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَةِ هَذَا الشَّهْرِ رَمَضَانَ فَقِيلَ : لِأَنَّهُ تُرْمَضُ فِيهِ الذُّنُوبُ أَيْ تُحْرَقُ لِأَنَّ الرَّمْضَاءَ شِدَّةُ الْحَرِّ.
** وَقِيلَ : وَافَقَ ابْتِدَاءُ الصَّوْمِ فِيهِ زَمَنًا حَارًّا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ
** قال أبو عبد الله الجعدي -وفقه الله-:
** والقول الثاني هو الراجح؛ لأن هذه التسمية كانت قبل الإسلام.
** وأما سبب تسميته بـ (شَهْرِ الصَّبْرِ) فلأنه اجتمع فيه أنواعُ الصبر الثلاثة, وهي:
** الصَبْرُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
** وَالصَبْرُ عَنْ مَعصية اللَّهِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ يَتْرُكُ شَهَوَاتِهِ لِلَّهِ وَنَفْسُهُ قَدْ تُنَازِعُهُ إِلَيْهَا.
** والصَبْرُ عَلَى أَقْدَارِ الله الْمُؤْلِمَةِ مِنْ جُوعٍ وَعَطَشٍ وحَرٍ، ونحو ذلك.
(13) لم يذكر في القران الكريم شهر باسمه إلا رمضان.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الجمعة 24/ 8 / 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
8- الموفق من ختم شعبان بالأعمال الصالحات لا بالإكثار من المحرمات أو المباحات من مأكولات ومشروبات وملهيات
** وفي كتاب: (لطائف المعارف) لابن رجب, (ص: 134):
** (… ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن .
** وقال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القراء .
** وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء
.
** وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن .
** يا من فرط في الأوقات الشريفة وضيعها وأودعها الأعمال السيئة وبئس ما استودعها.
مضى رجب وما أحسنت فيه *
وهذا شهر شعبان المبارك
فيا من ضيع الأوقات جهلا *
بحرمتها أفق واحذر بوارك
فسوف تفارق اللذات قسرا *
ويخلي الموت كرها منك دارك
تدارك ما استطعت من الخطايا*
بتوبة مخلص واجعل مدارك
على طلب السلامة من جحيم *
فخير ذوي الجرائم من تدارك
. اهـ بتصرف
** وقال أيضا – رحمه الله – في (ص: 145):
** ولربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل لتأخذ النفوس حظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام؛
** ولهذا يقولون: هي أيام توديع للأكل, وتسمى تنحيسا واشتقاقه من الأيام النحسات, ومن قال: هو تنهيس بالهاء فهو خطأ منه ذكره ابن درستويه النحوي,
** وذكر أن أصل ذلك متلقى من النصارى؛ فإنهم يفعلونه عند قرب صيامهم.
** وهذا كله خطأ وجهل ممن ظنه.
** وربما لم يقتصر كثير منهم على اغتنام الشهوات المباحة بل يتعدى إلى المحرمات, وهذا هو الخسران المبين.
** وأنشد لبعضهم:
إذا العشرون من شعبان ولت *
فواصل شرب ليلك بالنهار
ولا تشرب بأقداح صغار *
فإن الوقت ضاق على الصغار
** وقال آخر:
جاء شعبان منذرا بالصيام *
فاسقياني راحا بماء الغمام
** ومن كانت هذه حاله فالبهائم أعقل منه وله نصيب من قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} الآية. اهـ المراد
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 23/ 8 / 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
7- الحذر الحذر من سوء استقبال رمضان
** احذر أخي المسلم الكريم غاية الحذر من سوء استقبال رمضان, كما يفعله كثير من ذوي الجهل والغفلة.
** فكثير منهم من يستقبل رمضان بإعداد الأطعمة المتنوعة والأشربة المختلفة , ويتفننون في هذا الأمر تفننا عظيما .
** وهذا ليس بالأمر الطيب ؛ لأن الإكثار من المآكل والمشارب يورث الكسل عن الطاعة والعبادة ،
** والمطلوب من المسلم فِي هذا الموسم التجاري الرابح أن يقلل من الطعام والشراب كي ينشط للطاعة ويستكثر منها ؛ ليحصل على الأرباح الكثيرة والكبيرة.
** وكثير منهم من يستقبل رمضان بإعداد مجالس السهر على القيل والقال , ومضغ القات , واللعب المحرم , كلعب الورق , والنرد , والشطرنج , والكيرم , والضومنة , والبلياردو, ونحوها من ألعاب اللهو والغفلة المحرمة .
** وإذا كان اللعب بعوض كان التحريم أشد .
** وكثير منهم من يستقبل رمضان بإعداد مجالس الغفلة لمشاهدة المسلسلات والتمثيليات الآثمة والخبيثة في تلك الآلات المدمرة للدين والأخلاق , كالدشوشات والتلفزيونات والفديوهات وغيرها من آلات الشر والهدم والفساد .
** وكثير منهم من يستقبل رمضان بإعداد السلع المختلفة والمبيعات المتنوعة , فيصرفون جل أوقاتهم في البيع والشراء , فبعضهم لا يصلون الفرائض أصلا , وبعضهم لا يصلونها جماعة في المساجد , وبعضهم لا يصلون التراويح .
** هم الواحد منهم كم يربح في هذا الشهر من الأموال ولو كان على حساب دينه , ولا حول ولا قوة إلا بالله .
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ” [رواه الإمام أحمد, وصححه الألباني]
** وعنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَىَّ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلاَهُ الْجَنَّةَ».
[رواه الترمذي, وصححه الشيخان].
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الثلاثاء 21/ 8 / 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
6- ومما يستقبل به شهر رمضان حمد الله على بلوغه, والعزيمة الصادقة على اغتنام أوقاته
** وإن مما يستقبل به شهر رمضان المبارك حمد العبد ربه جل وعلا على بلوغه هذا الشهر العظيم؛ فإن تبليغه إياه نعمة عظيمة ومنة جسيمة, تستحق الشكر الكثير.
** قال الله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَجُلَانِ مِنْ بَلِيٍّ حَيٌّ مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الْآخَرُ سَنَةً، قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ: فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا، أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَأَصْبَحْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ السَّنَةِ؟ ” (رواه أحمد وحسنه الألباني).
** قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه (الأذكار),(ص:482):
** اعلم أنهُ يُستحبُ لمن تجدّدتْ لهُ نعمةٌ ظاهرةٌ، أو اندفعتْ عنه نقمةٌ ظاهرةٌ أن يسجد شكراً لله تعالى، وأن يحمدَ الله تعالى، أو يثني عليه بما هو أهلهُ، والأحاديث والآثارُ في هذا كثيرةٌ مشهورةٌ . اهـ
** وإن من أعظم نعم الله المتجددة على العبد نعمة توفيقه للطاعة والعبادة .
** ومما يستقبل به شهر رمضان المبارك العزيمة الصادقة على اغتنام أوقاته وعمارتها بالأعمال الصالحة.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الثلاثاء 21/ 8 / 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
5- ومما يستقبل به شهر رمضان التوبة الصادقة
** إن من أحسن ما يستقبل به رمضان المبارك التوبة الصادقة من جميع الذنوب الظاهرة والباطنة , وذلك بتركها والندم على فعلها والعزم الأكيد على عدم العودة إليها ؛ حتى يوفقه الله جل وعلا للعمل الصالح في رمضان شهر التوبة والغفران .
** قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
** وقال: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}.
** وقال الشاعر:
يا ذَا الذِي ما كَفَاهُ الذَّنْبُ في رَجَبٍ *
حتَّى عَصَى رَبَّهُ في شَهْرِ شَعْبَانِ
لَقَدْ أَظَلَّكَ شَهْرُ الصَّوْمِ بَعْدَهُما *
فَلا تُصَيِّرْهُ أَيْضاً شَهْرَ عِصْيَانِ
وَاتْلُ القُرَانَ وَسَبِّحْ فيهِ مُجْتَهِداً *
فإنَّهُ شَهْرُ تَسْبيحٍ وَقُرْآنِ
فاحْمِلْ علَى جَسَدٍ تَرْجُو النَّجاةَ لَهُ *
فَسوْفَ تُضرَمُ أجْسَادٌ بِنيرانِ
كَمْ كُنْتَ تَعْرِفُ مِمَّنْ صامَ في سَلَفٍ *
مِنْ بَيْنِ أهلٍ وَجيرانٍ وإِخْوَانِ
أَفْناهُمُ الموْتُ وَاسْتَبْقاكَ بَعْدَهُمُ *
حَيّاً فَما أقْرَبَ القاصِي مِنَ الدَّانِي
وَمُعْجَبٌ بِثيابِ العِيدِ يَقْطَعُها *
فأَصْبَحَتْ في غَدٍ أثْوابَ أَكْفانِ
حتَّى متَى يَعْمُرُ الإنسانُ مَسْكَنَهُ *
مَصِيرُ مَسْكَنِهِ قَبْرٌ لإنْسانِ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الثلاثاء 21/ 8 / 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
4- ومما يستقبل به شهر رمضان تعلم أحكامه وآدابه
** فيجب على كل مسلم ومسلمة أن يتعلم من أحكام الشريعة ما تصح به عقيدته وعبادته .
** كمعرفة التوحيد وضده الشرك، ومعرفة أصول الإيمان .
** ومعرفة أركان الإسلام ، وأحكام الصلاة , وكيفية الوضوء , والطهارة من الجنابة.
** ومعرفة أحكام الصيام, وأحكام الزكاة, ونحو ذلك من الواجبات التي لا يعذر العبد بجهلها.
** وعن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:”طلب العلمِ فريضةٌ على كل مسلمٍ”.
[رواه ابن ماجه وغيره, وصححه العلامة الألباني]
** ومن آداب الصيام : التصبر والتجلد أثناء الصيام:
** وألا يقضي نهاره بكثرة النوم من أجل إضاعة الوقت .
** وألا يمتنع من الكلام مع الناس بحجة أنه صائم (ضبحان) كما يقال.
** وألا يتضجر ولا يكثر من التشكي إلى الغير, كأن يقول:
(أنا عطشان),
(أنا جوعان),
(اليوم طويل, أو طال اليوم),
(كم بقي للمغرب؟),
(متى يأتي وقت الأذان؟),
ونحو ذلك من الألفاظ التي تدل على التأفف والتضجر واستثقال العبادة.
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الثلاثاء 21/ 8 / 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
3- ومما يستقبل به شهر رمضان الفرح به والتبشير بقدومه
** ومما يستقبل به شهر رمضان المبارك الفرح به والتبشير بقدومه؛ فإن قدومه نعمة عظيمة ومنحة ربانية:
** وقد كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم يفرح بقدوم شهر رمضان فرحا عظيما , ويبشر أصحابه بذلك , ويذكر لهم بعضا من فضائله .
** فقد ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ »
[رواه النسائي وغيره, وصححه العلامة الألباني]
** وفي كتاب ( لطائف المعارف ) لابن رجب (ص: 148):
** قال بعض العلماء : هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان.
** كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان!
** كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران!
** كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين!
** من أين يشبه هذا الزمان زمان ؟. اهـ
** وهذا الفرح فرح محمود يحبه الله سبحانه وتعالى ؛ لأنه فرح بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ وعبادته وطاعته, كما قال تعالى:{ قُلْ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } ,
** وأي فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضان موسم الخيرات وتنزل الرحمات. اهـ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الاثنين 20/ 8 / 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
2- ومما يستقبل به شهر رمضان التهيئة النفسية والروحية قبل قدوم رمضان
** ويكون ذلك بمباشرة بعض الأعمال التي تفعل في رمضان كالصيام والقيام وقراءة القران ونحوها , ليكون ذلك كالتمرين للنفس على فعل هذه العبادات وغيرها في رمضان , كما كان يفعل ذلك السلف الصالح بدأ بالنبي صلى الله عليه وسلم , فإنه كان يكثر الصيام في شعبان .
** وفي كتاب: (لطائف المعارف) لابن رجب, (ص: 134):
** وقد قيل: في صوم شعبان معنى آخر: أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة بل قد تمرن على الصيام واعتاده ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط .
** ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن .
** روينا بإسناد ضعيف عن أنس قال: كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبوا على المصاحف فقرؤها وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان .
** وقال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القراء .
** وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء .
** وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن . اهـ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الاثنين 20/ 8 / 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد الرمضانية المختارة لعام 1441 هـ:
1- مما يستقبل به شهر رمضان دعاء العبد ربه أن يبلغه إياه
** إن من رحمة الله تبارك وتعالى بعباده المؤمنين أن جعل لهم مواسم إيمانية عظيمة , ونفحات ربانية كريمة ، يمن عليهم فيها بالخيرات والبركات والأعمال الصالحات التي تكون سببا في مضاعفة الحسنات ورفع الدرجات وإقالة العثرات وتكفير الذنوب والسيئات ,
** فالمؤمنون الصادقون يستغلون مثل هذه الفرص العظيمة والغنائم الثمينة , فيشمرون عن ساعد الجد في الاستكثار من الأعمال الصالحة من صلاة وصيام وصدقة وبر وإحسان وقراءة للقران وتسبيح وتحميد واستغفار وغير ذلك من أنواع الطاعات وسائر القربات .
** هذا , وإن من أعظم هذه المواسم الإيمانية والنفحات الربانية شهر رمضان المبارك الذي دنت أيامه وقربت ساعاته وأوقاته , فهو شهر عظيم وضيف كريم جاءت بفضائله الأحبار وتواترت بها الأثار .
** فاحرص أخي الكريم – وفقني الله إياك لطاعته – على حسن استقبال شهر رمضان المبارك , وذلك بالطرق الصحيحة التي تنفعك بإذن الله سبحانه وتعالى , وإليك بعضا منها :
1- الدعاء بأن يبلغك الله شهر رمضان وأنت في صحة وعافية, حتى تنشط في عبادة الله تعالى: من الصيام والقيام والذكر ونحوها .
** فقد ذكر الحافظ ابن رجب في كتابه القيم: (لطائف المعارف), (ص: 148):
** قال معلى بن المفضل : كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم .
** وقال يحيى بن أبي كثير كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا . اهـ
** فإذا أهل هلال رمضان فادع الله بالدعاء المعروف الذي رواه الإمام أحمد وغيره من حديث طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى الهِلاَلَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَهْلِلْهُ عَلَيْنَا بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلاَمَةِ وَالإِسْلاَمِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ.
[وصححه العلامة الألباني]
** وفي كتاب: (لطائف المعارف), لابن رجب (ص: 148):
** قال الشاعر:
جاء شهرُ الصيامِ بالبركاتِ *
فأكرِمْ به مِنْ زائرٍ هُوَ آتِ
** وقال الشاعر:
أَتَى رَمَضَانُ مَزْرَعَةُ العِبَادِ *
لِتَطْهِيرِ القُلُوبِ مِنَ الفَسَادِ
فَأَدِّ حُقُوقَهُ قَوْلاً وَفِعْلاً *
وَزَادَكَ فَاتَّخِذْهُ لِلْمَعَادِ
فَمَنْ زَرَعَ الحُبُوبَ وَمَا سَقَاهَا *
تَأَوَّهَ نَادِمًا يَوْمَ الحَصَادِ
** وقال الشاعر:
إِذَا رَمَضَانُ أَتَى مُقْبِلاً *
فَأَقْبِلْ فَبِالْخَيْرِ يُسْتَقْبَلُ
لَعَلَّكَ تُخْطِئُهُ قَابَلاً *
وَتَأْتِي بِعُذْرٍ فَلاَ يُقْبَلُ
** والله الموفق.
** كتبها: أبوعبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الاثنين 20/ 8 / 1441 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
** https://binthabt.al3ilm.net/fr1441
==============
سلسلة الفوائد اليومية:
181- النهي عن صيام النصف الأخير من شعبان خاص بمن لم يصم النصف الأول أو لم يكن له عادة صيام
** عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها, قالت: ” كَانَ أَحَبَّ الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصُومَهُ: شَعْبَانُ، ثُمَّ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ ”
[رواه أبو داو وغيره, وصححه الألباني]
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَلْيَصُمْهُ» متفق عليه
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ، فَلَا تَصُومُوا»،
[رواه أبو داو وغيره, وصححه الألباني]
** وهذا الحديث الأخير قد اختلف أهل العلم في تصحيحه وتضعيفه.
** فممن صححه الترمذي، وابن حبان، والحاكم، والطحاوي، وابن عبد البر، والشيخ عبد العزيز بن باز، وقال: (لا أعلم وجهاً قادحاً لاستنكار الإمام أحمد لهذا الحديث)
** وممن ضعفه الإمام أحمد وعبد الرحمن بن مهدي وأبو زرعة الرازي.
** وقد ذكره الحافظ ابن رجب ضمن الأحاديث التي أُجمع على ترك العمل بها، وعزا هذا الإجماع إلى الطحاوي.
** قال شيخنا أبو عبد الرحمن الوادعي رحمه الله في كتابه (أحاديث معلة ظاهرها الصحة) (ص: 425):
** هذا الحديث إذا نظرت إلى سنده حكمت عليه بالحسن، ولكن في “فيض القدير” بعد عزوه لأحمد وأصحاب السنن بلفظ (إذا انتصف شعبان) أن الإمام أحمد قال: هو غير محفوظ.
** وفي “سنن البيهقي” عن أبي داود عن أحمد: منكر،
** وقال ابن حجر: وكان بن مهدي يتوقاه. اهـ
** والجمع بينه -على القول بصحته- وبين الأحاديث المعارضة له في الظاهر كالحديثين الذين قبله ما قاله أهل العلم, بما حاصله:
** أن النهي يكون في حق من ابتدأ الصيام بعد النصف الأخير من شعبان.
** وأما من صام بعد النصف وكان قد وَصَلَهُ بِمَا قَبْلَهُ, أو له عادة بصوم يوم وإفطار يوم، أو صوم الاثنين والخميس، أو عليه قضاء، أو نذر فكل ذلك لا ينهى عنه.
** من المراجع:
** شرح النووي على مسلم (7/ 194)
** وفتح الباري لابن حجر (4/ 129)
** والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (13/ 67)
** وفيض القدير (1/ 304)
** والتنوير شرح الجامع الصغير (1/ 603)
** ومجموع فتاوى ابن باز (15/ 385)
** ومنحة العلام شرح بلوغ المرام لعبدالله الفوزان (ص: 80)
** والله الموفق .
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 16 / 8 / 1441 هـ
** من أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
انقر هنا: https://binthabt.al3ilm.net/11613
==============
سلسة فوائد رمضانية جديدة لعام 1439 هـ:
5 احذروا سُرّاق الأوقات في رمضان
** إن رمضان خير الشهور وأفضها وأعظها أجرا وأكثرها خيرا , فهو شهر مبارك بكل ما تعنيه هذه الكلمة ,
** فكل أوقاته وساعاته وأيامه ولياليه فضائل وغنائم وأجور وفيرة , وخيرات وبركات وحسنات وعطايا وهبات كثيرة وكثيرة ؛
** لذا ينبغي لكل عاقل لبيب أن يجد غاية الجد في استغلال كل ثانية منه في الطاعات والعبادات بشتى أنواعها ؛ لأنه قد لا يبقى إلى رمضان آخر كما قال بعض العرب عند انقضاء رمضان: “يا رب صائمه لن يصومه وقائمة لن يقومه”، يعني أن كثيرا ممن صام رمضان وقامه هذا العام لن يعيش إلى رمضان قادم ,
** وهذا أمر واقع ؛ فكم ممن يصوم رمضان في عام لا يعيش إلى عام قابل.
** فالمؤمن العاقل يحرص كل الحرص على اغتنام حياته واستغلال أوقاته في كل ما يقربه إلى الله ,
** ويحذر غاية الحذر من كل ما يضيع عليه وقته.
** قال الله تعالى : { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ }
** وقال الله تعالى : { أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ }
** وقال الله تعالى : { يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي }
** وعن ابن عباسٍ رضي الله عنْهما قال: قال رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِرَجلٍ وهو يَعِظُه :
” اغْتَنِمْ خَمْساً قبلَ خَمْسٍ :
شبابَكَ قبلَ هَرمِكَ،
وصِحَّتَك قبل سَقْمِكَ،
وغِناكَ قبْلَ فقْرِكَ،
وفَراغَك قَبْلَ شُغْلِكَ،
وحياتَك قَبْلَ مَوْتِكَ”.
رواه الحاكم وقال: “صحيح على شرطهما”. ( وصححه الألباني )
** وفي كتاب : ( الفوائد ) , لابن القيم (ص: 31):
إضاعة الوقت أشد من الموت لأَن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها .
** وفي كتاب : ( الجواب الكافي ) أيضا (ص: 84):
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عُمْرَ الْعَبْدِ هُوَ مادَّةُ حَيَاتِهِ،
وَلَا حَيَاةَ لِمَنْ أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهِ،
بَلْ حَيَاةُ الْبَهَائِمِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِهِ، فَإِنَّ حَيَاةَ الْإِنْسَانِ بِحَيَاةِ قَلْبِهِ وَرُوحِهِ، وَلَا حَيَاةَ لِقَلْبِهِ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ فَاطِرِهِ، وَمَحَبَّتِهِ، وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ، وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، وَالطُّمَأْنِينَةِ بِذِكْرِهِ، وَالْأُنْسِ بِقُرْبِهِ،
وَمَنْ فَقَدَ هَذِهِ الْحَيَاةَ فَقَدَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَوْ تَعَوَّضَ عَنْهَا بِمَا تَعَوَّضَ مِمَّا فِي الدُّنْيَا،
بَلْ لَيْسَتِ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا عِوَضًا عَنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ،
فَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَفُوتُ الْعَبْدَ عِوَضٌ، وَإِذَا فَاتَهُ اللَّهُ لَمْ يُعَوِّضْ عَنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ. اهـ
** قال الشاعر :
إذا مر بي يومٌ ولم أقتبس هدىً
ولم أستفد علماً فما ذاك من عمري.
** وفي كتاب ( فتح الباري ) , لابن حجر (1/ 481) :
وَأخرج الْحَاكِم فِي تَارِيخه من شعره [ يعني البخاري ] قَوْله :
اغْتَنِمْ فِي الْفَرَاغِ فَضْلَ رُكُوعٍ
فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مَوْتُكَ بَغْتَةْ
كَمْ صَحِيحٍ مَاتَ مِنْ غَيْرِ سُقْمٍ
ذَهَبَتْ نَفْسُهُ الصَّحِيحَةُ فَلْتَةْ
** والأشياء التي تسرق الأوقات وتضيعها من غير فائدة كثيرة , بل في كثير منها إثم – عياذا بالله –
وها أنا أذكر منها ما تيسر :
(1) مواقع التواصل الإجتماعي من :(وتساب وفيسبوك وتويتر ونحوها) لغير ما حاجة .
** فكثير من الناس ينشط لقراءة مئات الرسائل ولا ينشط لقراءة صفحة من القران ,
** وكثير منهم يسهر في قراءة هذه الرسائل إلى وقت متأخر من الليل حتى يغلبه النوم , وليس مستعدا أن يصلي لله ركعتين ,
** وأول ما يقوم به عند استيقاظه فتح الجوال والنظر فيه .
(2) التلفزيونات والدشوشات وغيرها من الشاشات المرئية التي تبث المسلسلات والبرامج والقصص والأغاني الماجنة والساقطة والمدمرة للدين والأخلاق .
(3) الأسواق : فكثير من الناس الذين يرتادون هذه الأسواق ليس لهم غرض في البيع والشراء ,
** فبعضهم يريد أن يعرف كل جديد في السوق ,
** وبعضهم يريد مغازلة النساء ,
** وبعضهم . . . .
وبعضهم . . . .
** فضيعوا أوقاتهم دون ما فائدة .
(4) مجالس اللهو واللعب والغفلة :
** كمجالس السهر على القيل والقال ,
** ومجالس القات,
ومجالس اللعب المحرم , كلعب الورق , والنرد , والشطرنج , والكيرم , والضومنة , والبلياردو, ونحوها من ألعاب اللهو والغفلة المحرمة التي ضيعت أوقات الكثيرين .
(5) المطبخ : فكثير من النساء تضيع وقتها في رمضان بالمبالغة في إعداد الأطعمة المختلفة والأشربة المتنوعة , فكأن رمضان شهر أكل وشرب فقط ,
فتبقى في المطبخ أكثر النهار , وبعد الإفطار والعشاء تحتاج إلى وقت غير يسير في تنظيف هذه الأواني التي أعدت بها الطعام والشراب , وتصير بعد ذلك مرهقة لا تجد للقيام وقراءة القران رغبة ولا لذة .
(6) النوم الكثير : فكثير من الصائمين يقضي نهاره في النوم ، فيرقد من بعد صلاة الفجر حتى الظهر ، ثم يقوم لصلاة الظهر ، ثم ينام إلى العصر ، ثم يقوم لصلاة العصر ، ثم ينام إلى قبيل المغرب . . . وهكذا.
وكأن رمضان شهر النوم .
(7) المسابقات الرمضانية : تقام في رمضان مسابقات كثيرة متنوعة , فبعضها مفيد وبعضها غير مفيد ,
وكثير من هذه المسابقات تكون في أثناء صلاة العشاء أو التراويح , مما يصرف كثيرا من الناس عن الصلاة .
(8) الأصدقاء الكسالى : كثير من الناس إذا دخل عليه رمضان أصابه الكسل والفتور فلا يرغب في قراءة القران ولا في القيام ولا في غير ذلك من أنواع الخير والبر ,
فمثل هذا الصنف لا تصحبه ولا تجلس معه خشية أن تتأثر به فـ( الصاحب ساحب ) , بل فر منه فرارك من الأسد .
وخلاصة ما تقدم أن الله جل وعلا يريد أن يرحمنا ويغفر لنا ويتوب علينا ، ويريد أعداؤنا أن يبعدونا عن رحمة الله ومغفرته ورضوانه ويضلونا ضلالا بعيدا .
كما قال سبحانه وتعالى :{والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما }.
** والله الموفق .
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأحد 11 / 9 / 1439 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
https://binthabt.al3ilm.net/11907
====================
سلسة فوائد رمضانية جديدة لعام 1439 هـ:
4 الصيام سبب عظيم لطهارة القلوب , وزكاة النفوس , وتهذيب الأخلاق , وصحة الأبدان
** إن الصيام عبادة عظيمة وطاعة جليلة , وهو من أعظم الأسباب في طهارة القلب وزكاة النفس وحسن الخلق وصحة البدن .
** قال الله جل جلاله:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }.
** وفي (تفسير ابن كثير), ط العلمية (1/ 364):
** يقول تعالى مخاطبا للمؤمنين من هذه الآية، وَآمِرًا لَهُمْ بِالصِّيَامِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْوِقَاعِ، بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
لما فيه من زكاة النفوس وَطَهَارَتِهَا وَتَنْقِيَتِهَا مِنَ الْأَخْلَاطِ الرَّدِيئَةِ وَالْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ. اهـ
** وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ،
قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصِّيَامِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ»
رواه النسائي وغيره , وصححه الشيخان .
وفي كتاب :(فيض القدير), (4/ 330):
5489 – (عليك بالصوم) أي الزمه .
** (فإنه لا مثل له) وفي رواية أبي نعيم بدله :(فإنه لا عدل له )
إذ هو يقوي القلب والفطنة , ويزيد في الذكاء ومكارم الأخلاق ,
** وإذا صام المرء اعتاد قلة الأكل والشرب , وانقمعت شهواته ,
وانقلعت مواد الذنوب من أصلها ,
ودخل في الخير من كل وجه ,
وأحاطت به الحسنات من كل جهة .اهـ
** عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ،
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»، متفق عليه .
** قوله : (فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ) أي أشدّ غضًا له ، أي خفضًا للعين، فلا تنظرُ إلى ما لا يحلّ النظر إليه.
** وقوله : (وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ) أي أشدّ منعًا له من الوقوع في الفاحشة .
** وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
« مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ » رواه البخاري .
** وعَنْه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
« . . . وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ , وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ . . . » متفق عليه .
** وعَنْه رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- : « لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشَّرْبِ فَقَطْ. إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ. فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ فَقَلْ : إِنِّى صَائِمٌ ».
رواه الحاكم وغيره [ وصححه الألباني ] .
وفي كتاب:(زاد المعاد ) – (2 / 27) :
فصل : في هديه صلى الله عليه و سلم في الصيام
( . . . وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها .
** فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات
فهو من أكبر العون على التقوى كما قال تعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون }
** وقال النبي صلى الله عليه و سلم [ الصوم جنة ]
** وأمر من اشتدت عليه شهوة النكاح ولا قدرة له عليه بالصيام وجعله وجاء هذه الشهوة .
** والمقصود : أن مصالح الصوم لما كانت مشهودة بالعقول السليمة والفطر المستقيمة شرعه الله لعباده رحمة بهم وإحسانا إليهم وحمية لهم وجنة . . . الخ ). اهـ
** والله الموفق .
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الأربعاء 7 / 9 / 1439 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
https://binthabt.al3ilm.net/11907
====================
سلسة فوائد رمضانية جديدة لعام 1439 هـ:
رمضان شهر التغييرات , فاغتنمه في تغيير حالك مع ربك إلى الأحسن
** إن شهر رمضان المبارك شهر عظيم , كثير الخيرات , والبركات , والرحمات , والعطايا والهبات ,
شهر إقالة العثرات ومغفرة الذنوب والسيئات فهو بحق شهر التغيرات والتحولات .
** فمن هذه التغيرات التي تحصل في رمضان خاصة :
(1) فْتَح أَبْوَاب الجنان .
(2) غلق أَبْوَاب النيران .
(3) تصفيد الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ .
(4) فْتَح أَبْوَاب السَّمَاءِ .
(5) صلاة التراويح جماعة.
(6) يُنَادِي ملك كُلُّ لَيْلَةٍ : يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ.
(7) لله – كُلُّ لَيْلَةٍ – عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ.
** إلى غير ذلك .
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ .
رواه الترمذي وغيره [وصححه الألباني]
** وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ » رواه الإمام أحمد وغيره , [وصححه الألباني]
** فإذا كانت هذه التغييرات وغيرها تحصل في هذا الشهر المبارك فحري بنا جميعا أن نسعى جاهدين لإصلاح قلوبنا وتهذيب نفوسنا وتغيير أحوالنا :
** من السيء إلى الحسن .
** ومن الحسن إلى الأحسن .
** من المعصية إلى الطاعة.
** من عبادة النفس والهوى والشيطان إلى عبادة الله الرحيم الرحمن.
** من البعد والقسوة والوحشة إلى القرب والرقة والأنس بالله جل جلاله وتباركت أسماؤه .
** من الإهمال والتفريط والجهل إلى الجد والإلتزام وتحصيل العلم النافع.
** قال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)
** قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}
** وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو – رضي الله عنهما – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: ” إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ، فَاسْأَلُوا اللهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ”
** (رواه الطبراني وصححه الألباني )
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه القيم :(لطائف المعارف), (ص: 148):
** يا من طالت غيبته عنا قد قربت أيام المصالحة
** يا من دامت خسارته قد أقبلت أيام التجارة الرابحة .
** من لم يربح في هذا الشهر ففي أي وقت يربح .
** من لم يقرب فيه من مولاه فهو على بعده لا يربح.
أناس أعرضوا عنا
بلا جرم ولا معنى
أساؤا ظنهم فينا
فهلا أحسنوا الظنا
فإن عادوا لنا عدنا
وإن خانوا فما خنا
فإن كانوا قد استغنوا
فإنا عنهم أغنا
** كم ينادي حي على الفلاح وأنت خاسر
** كم تدعى إلى الصلاح وأنت على الفساد مثابر.
إذا رمضان أتى مقبلا
فاقبل فبالخير يستقبل
لعلك تخطئه قابلا
وتأتي بعذر فلا يقبل
** كم ممن أمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار قبله إلى ظلمة القبر .
** كم من مستقبل يوما لا يستكمله
** ومؤمل غدا لا يدركه .
** إنكم لو أبصرتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره. اهـ
** أسأل الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه وفضله وإحسانه أن يهدي قلوبنا ويصلح أحوالنا ظاهرها وباطنها ,
إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير .
** والحمد لله رب العالمين ,
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
** والله الموفق .
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 1 / 9 / 1439 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
https://binthabt.al3ilm.net/11907
====================
سلسة فوائد رمضانية جديدة لعام 1439 هـ:
رمضان شهر التغييرات , فاغتنمه في تغيير حالك مع ربك إلى الأحسن
** إن شهر رمضان المبارك شهر عظيم , كثير الخيرات , والبركات , والرحمات , والعطايا والهبات ,
شهر إقالة العثرات ومغفرة الذنوب والسيئات فهو بحق شهر التغيرات والتحولات .
** فمن هذه التغيرات التي تحصل في رمضان خاصة :
(1) فْتَح أَبْوَاب الجنان .
(2) غلق أَبْوَاب النيران .
(3) تصفيد الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ .
(4) فْتَح أَبْوَاب السَّمَاءِ .
(5) صلاة التراويح جماعة.
(6) يُنَادِي ملك كُلُّ لَيْلَةٍ : يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ.
(7) لله – كُلُّ لَيْلَةٍ – عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ.
** إلى غير ذلك .
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ .
رواه الترمذي وغيره [وصححه الألباني]
** وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ » رواه الإمام أحمد وغيره , [وصححه الألباني]
** فإذا كانت هذه التغييرات وغيرها تحصل في هذا الشهر المبارك فحري بنا جميعا أن نسعى جاهدين لإصلاح قلوبنا وتهذيب نفوسنا وتغيير أحوالنا :
** من السيء إلى الحسن .
** ومن الحسن إلى الأحسن .
** من المعصية إلى الطاعة.
** من عبادة النفس والهوى والشيطان إلى عبادة الله الرحيم الرحمن.
** من البعد والقسوة والوحشة إلى القرب والرقة والأنس بالله جل جلاله وتباركت أسماؤه .
** من الإهمال والتفريط والجهل إلى الجد والإلتزام وتحصيل العلم النافع.
** قال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)
** قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}
** وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو – رضي الله عنهما – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: ” إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ، فَاسْأَلُوا اللهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ”
** (رواه الطبراني وصححه الألباني )
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه القيم :(لطائف المعارف), (ص: 148):
** يا من طالت غيبته عنا قد قربت أيام المصالحة
** يا من دامت خسارته قد أقبلت أيام التجارة الرابحة .
** من لم يربح في هذا الشهر ففي أي وقت يربح .
** من لم يقرب فيه من مولاه فهو على بعده لا يربح.
أناس أعرضوا عنا
بلا جرم ولا معنى
أساؤا ظنهم فينا
فهلا أحسنوا الظنا
فإن عادوا لنا عدنا
وإن خانوا فما خنا
فإن كانوا قد استغنوا
فإنا عنهم أغنا
** كم ينادي حي على الفلاح وأنت خاسر
** كم تدعى إلى الصلاح وأنت على الفساد مثابر.
إذا رمضان أتى مقبلا
فاقبل فبالخير يستقبل
لعلك تخطئه قابلا
وتأتي بعذر فلا يقبل
** كم ممن أمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار قبله إلى ظلمة القبر .
** كم من مستقبل يوما لا يستكمله
** ومؤمل غدا لا يدركه .
** إنكم لو أبصرتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره. اهـ
** أسأل الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه وفضله وإحسانه أن يهدي قلوبنا ويصلح أحوالنا ظاهرها وباطنها ,
إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير .
** والحمد لله رب العالمين ,
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
** والله الموفق .
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 1 / 9 / 1439 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
https://binthabt.al3ilm.net/11907
====================
سلسة فوائد رمضانية جديدة لعام 1439 هـ:
رمضان شهر التغييرات , فاغتنمه في تغيير حالك مع ربك إلى الأحسن
** إن شهر رمضان المبارك شهر عظيم , كثير الخيرات , والبركات , والرحمات , والعطايا والهبات ,
شهر إقالة العثرات ومغفرة الذنوب والسيئات فهو بحق شهر التغيرات والتحولات .
** فمن هذه التغيرات التي تحصل في رمضان خاصة :
(1) فْتَح أَبْوَاب الجنان .
(2) غلق أَبْوَاب النيران .
(3) تصفيد الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ .
(4) فْتَح أَبْوَاب السَّمَاءِ .
(5) صلاة التراويح جماعة.
(6) يُنَادِي ملك كُلُّ لَيْلَةٍ : يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ.
(7) لله – كُلُّ لَيْلَةٍ – عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ.
** إلى غير ذلك .
** عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ .
رواه الترمذي وغيره [وصححه الألباني]
** وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ » رواه الإمام أحمد وغيره , [وصححه الألباني]
** فإذا كانت هذه التغييرات وغيرها تحصل في هذا الشهر المبارك فحري بنا جميعا أن نسعى جاهدين لإصلاح قلوبنا وتهذيب نفوسنا وتغيير أحوالنا :
** من السيء إلى الحسن .
** ومن الحسن إلى الأحسن .
** من المعصية إلى الطاعة.
** من عبادة النفس والهوى والشيطان إلى عبادة الله الرحيم الرحمن.
** من البعد والقسوة والوحشة إلى القرب والرقة والأنس بالله جل جلاله وتباركت أسماؤه .
** من الإهمال والتفريط والجهل إلى الجد والإلتزام وتحصيل العلم النافع.
** قال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)
** قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}
** وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو – رضي الله عنهما – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: ” إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ، فَاسْأَلُوا اللهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ”
** (رواه الطبراني وصححه الألباني )
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه القيم :(لطائف المعارف), (ص: 148):
** يا من طالت غيبته عنا قد قربت أيام المصالحة
** يا من دامت خسارته قد أقبلت أيام التجارة الرابحة .
** من لم يربح في هذا الشهر ففي أي وقت يربح .
** من لم يقرب فيه من مولاه فهو على بعده لا يربح.
أناس أعرضوا عنا
بلا جرم ولا معنى
أساؤا ظنهم فينا
فهلا أحسنوا الظنا
فإن عادوا لنا عدنا
وإن خانوا فما خنا
فإن كانوا قد استغنوا
فإنا عنهم أغنا
** كم ينادي حي على الفلاح وأنت خاسر
** كم تدعى إلى الصلاح وأنت على الفساد مثابر.
إذا رمضان أتى مقبلا
فاقبل فبالخير يستقبل
لعلك تخطئه قابلا
وتأتي بعذر فلا يقبل
** كم ممن أمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار قبله إلى ظلمة القبر .
** كم من مستقبل يوما لا يستكمله
** ومؤمل غدا لا يدركه .
** إنكم لو أبصرتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره. اهـ
** أسأل الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه وفضله وإحسانه أن يهدي قلوبنا ويصلح أحوالنا ظاهرها وباطنها ,
إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير .
** والحمد لله رب العالمين ,
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
** والله الموفق .
** كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
** الخميس 1 / 9 / 1439 هـ
** ومن أحب الاطلاع على الفوائد السابقة فمن الموقع الرسمي على الرابط :
https://binthabt.al3ilm.net/11907
====================
استقبال شهر رمضان
خطبة جمعة لشيخنا المبارك أبي عبدالله أحمد بن ثابت الوصابي .
في دار الحديث العلمي للعلوم الشرعية بجباح وصاب .
في محافظة ذمار ـ اليمن .
يوم 18 شعبان 1432هـ
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: ( لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ )، متفق عليه.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: ( لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ، لِأَنَّ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ )، رواه أحمد وغيره، [وحسنه الألباني].
والكلام على حكم الإفطار ووقته وفضله في هذه المسائل الآتية :
تَعْجِيل الْإِفْطَارِ مستحب باتفاق أهل العلم، كما نقله ابن دقيق العيد وغيره.
تَعْجِيل الْإِفْطَارِ من خصائص هذه الأمة؛ فإن الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَه.
فتعجيله فيه إحياء للسنة، ومخالفة لأهل البدعة.
قال ابن دقيق العيد في كتابه: ( إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام )، (2/ 26):
تَعْجِيلُ الْفِطْرِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الْغُرُوبِ: مُسْتَحَبٌّ بِاتِّفَاقٍ. وَدَلِيلُهُ هَذَا الْحَدِيثُ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْمُتَشَيِّعَةِ، الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ إلَى ظُهُورِ النَّجْمِ.
وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي كَوْنِ النَّاسِ لَا يَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا أَخَّرُوهُ كَانُوا دَاخِلِينَ فِي فِعْلٍ خِلَافِ السُّنَّةِ . وَلَا يَزَالُونَ بِخَيْرٍ مَا فَعَلُوا السُّنَّةَ. اهـ
وقال شيخنا علامة اليمن أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي في كتابه: ( الإلحاد الخميني في أرض الحرمين )، (ص: 219):
( … وكما أن التأخير تشبّه باليهود، فهو تنطّع أيضًا.
قال الإمام مسلم ـ رحمه الله (ج4 ص2055) ـ :
حدّثنا أبوبكر بن أبي شيبة، حدّثنا حفص بن غياث، ويحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن سليمان بن عتيق، عن طلق بن حبيب، عن الأحنف بن قيس، عن عبد الله قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : ( هلك المتنطّعون )، قالها ثلاثًا. اهـ
وقال المناوي في كتابه: ( فيض القدير )، (3/ 244) :
(تنبيه) عدوا من خصائص هذه الأمة :
التسحر، وتعجيل الفطر، وإباحة الأكل والشرب، والجماع ليلًا إلى الفجر، وكان محرمًا على من قبلهم بعد النوم، وإباحة الكلام في الصوم، وكان محرمًا على من قبلهم فيه، عكس الصلاة. ذكره في الأحوذي .اهـ
وقال في (6/ 395) :
( وتعجيل الفطر وتأخير السحور من خصائص هذه الأمة ).
تعجيل الفطر يكون عند تَحَقَّق غُرُوب الشَّمْسِ، إما بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ الثقة، ولا يضر وجود آثار الضوء والحمرة التي بعد غروب الشمس.
إِذَا تحقق غروب الشَّمْس أفطر الصَّائِمُ وإن لم يأذن المؤذن ؛ لأن العبرة بغروب الشمس لا بالأذان .
عن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: ( إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ )، متفق عليه.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ لِبَعْضِ القَوْمِ :
( يَا فُلاَنُ قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا )، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْسَيْتَ؟
قَالَ: ( انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا )، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَوْ أَمْسَيْتَ؟
قَالَ: ( انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا )، قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا،
قَالَ: ( انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا )،
فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، ثُمَّ قَالَ:
( إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ )، متفق عليه.
قال القاضي عياض في كتابه :(إكمال المعلم بفوائد مسلم)،(4/ 35):
وقوله: ( إذا أقبل الليل، وأدبر النهار، وغابت الشمس فقد أفطر الصائم ) :
أحد هذه الأشياء يتضمن بقيتها؛ إذ [لا يُقِبل الليل] إلا إذا أدبر النهار [ولا يُدبر النهار] إلا إذا غربت الشمس، ولكنه قد لا يتفق مشاهدة عين الغروب، ويشاهد هجوم الظلمة حتى يتيقن الغروب بذلك، فيحل الإفطار. اهـ
ونحوه في شرح النووي على مسلم (7/ 209).
وفي شرح النووي على مسلم (7/ 209) :
قَوْلُهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: (انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا فَنَزَلَ فَجَدَحَ)، هُوَ بِجِيمٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَهُوَ خَلْطُ الشَّيْءِ بِغَيْرِهِ وَالْمُرَادُ هُنَا خلط السويق بالماء وتحريكه حتى يستوى،
والمجدح : بِكَسْرِ الْمِيمِ عُودٌ مُجَنَّحُ الرَّأْسِ لِيُسَاطَ بِهِ الْأَشْرِبَةُ وَقَدْ يَكُونُ له ثلاث شعب. اهـ
وقال القاضي عياض في كتابه :(إكمال المعلم بفوائد مسلم)، (4/ 36):
وقوله: ( لو أمسيت ): أي أخزت إلى وقت المساء وتحقق، كقوله: ( عليك نهارًا ) فى الرواية الأخرى؛ لأنه اعتقد أن بقية الضوء والحمرة بعد مغيب الشمس معتبرٌ فى الصوم،
وقيل: إنما أنكر تعجيل الفطر،
وليس فى قول الرجل هذا مخالفة لأمر النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ، ولا معارضة، بل قصد التنبيه على بقية الوقت عنده وظهور الحمرة التي ظن أن النبي ـ عليه السلام ـ لم يرها أو التثبت والتعليم؛ ليبين له أن مثل هذا من بقايا شعاع الشمس، وما بعد مغيبها لا يلتفت إليه، ولا يستحقه أمد الصوم، وأن مغيب قرصها أوجب الفطر ودخل الليل، أو أن التعجيل بالإفطار أولى وأحق. اهـ
يستحب الإفطار على رطب، فإن لم يتيسر فعلى تمر، فإن لم يتيسر فعلى ماء، فإن لم يتيسر فعلى أي شيء من الحلال الطيب:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: ( كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَتَمَرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ )، رواه أحمد وغيره، [وصححه الألباني].
الحكمة من الفطر على التمر أو الماء:
قال ابن القيم في كتابه : ( زاد المعاد ) ، (2/ 48) :
وَكَانَ يَحُضُّ عَلَى الْفِطْرِ بِالتَّمْرِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى الْمَاءِ، هَذَا مِنْ كَمَالِ شَفَقَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ وَنُصْحِهِمْ، فَإِنَّ إِعْطَاءَ الطَّبِيعَةِ الشَّيْءَ الْحُلْوَ مَعَ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ أَدْعَى إِلَى قَبُولِهِ وَانْتِفَاعِ الْقُوَى بِهِ، وَلَا سِيَّمَا الْقُوَّةُ الْبَاصِرَةُ، فَإِنَّهَا تَقْوَى بِهِ، وَحَلَاوَةُ الْمَدِينَةِ التَّمْرُ، وَمُرَبَّاهُمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ قُوتٌ وَأُدْمٌ وَرُطَبُهُ فَاكِهَةٌ.
وَأَمَّا الْمَاءُ فَإِنَّ الْكَبِدَ يَحْصُلُ لَهَا بِالصَّوْمِ نَوْعُ يُبْسٍ. فَإِذَا رُطِّبَتْ بِالْمَاءِ كَمُلَ انْتِفَاعُهَا بِالْغِذَاءِ بَعْدَهُ.
وَلِهَذَا كَانَ الْأَوْلَى بِالظَّمْآنِ الْجَائِعِ أَنْ يَبْدَأَ قَبْلَ الْأَكْلِ بِشُرْبِ قَلِيلٍ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَأْكُلَ بَعْدَهُ،
هَذَا مَعَ مَا فِي التَّمْرِ وَالْمَاءِ مِنَ الْخَاصِّيَّةِ الَّتِي لَهَا تَأْثِيرٌ فِي صَلَاحِ الْقَلْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا أَطِبَّاءُ الْقُلُوبِ.
وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، وَكَانَ فِطْرُهُ عَلَى رُطَبَاتٍ إِنْ وَجَدَهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ. اهـ
وقال الشوكاني في كتابه: ( نيل الأوطار )، (4/ 262) :
وَإِنَّمَا شُرِعَ الْإِفْطَارُ بِالتَّمْرِ لِأَنَّهُ حُلْوٌ، وَكُلُّ حُلْوٍ يُقَوِّي الْبَصَرَ الَّذِي يَضْعَفُ بِالصَّوْمِ، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الْمُنَاسِبَةِ وَبَيَانِ وَجْهِ الْحِكْمَةِ. وَقِيلَ: لِأَنَّ الْحُلْوَ يُوَافِقُ الْإِيمَانَ وَيَرِقُ الْقَلْبَ، وَإِذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ كَوْنَهُ حُلْوًا، وَالْحُلْو لَهُ ذَلِكَ التَّأْثِيرُ فَيُلْحَقُ بِهِ الْحَلَوِيَّاتُ كُلُّهَا، … الخ ). اهـ
وقال المباركفورى في كتابه: ( تحفة الأحوذي )، (3/ 311) بعد أن ذكر كلام الشوكاني المتقدم :
( … وقال ابن الْمَلَكِ: الْأَوَّلى أَنْ تُحَالَ عِلَّتُهُ إِلَى الشَّارِعِ. انْتَهَى
قُلْتُ : لَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ أَوْلَى . اهـ
وفي كتاب: ( موسوعة الفقه الإسلامي )، (3/ 161):
حكمة الفطر على التمر أو الماء:
إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلو المعدة أدعى إلى قبوله وانتفاع الجسم به، والصائم يفقد كمية من السكر المخزون في جسمه أثناء الصيام،
وأكل الرطب أو التمر يعيد إليه بإذن الله ما فقده من السكر والنشاط.
وهبوط نسبة السكر عند الإنسان عن حدها المعتاد يسبب ما يشعر به الصائم من ضعف وكسل وروغان البصر،
والفطر على التمر يعيد إليه بسرعة ما فقده من السكر.
وأما الماء فالكبد يحصل لها بالصوم نوع يُبس، فإذا رُطِّبت بالماء كمل انتفاعها بالغذاء بعده. اهـ
يجوز ـ على الصحيح ـ الإفطار على غير التمر والماء مع وجودهما، لكنه خلاف الأولى لما تقدم.
ما يقوله الصائم عند الإفطار:
يسن للصائم أن يسمي الله في أول طعامه، وأن يقول الدعاء الوارد في الحديث، وأن يحمد الله عند انتهائه.
عَنْ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قالَ: كُنْتُ غُلامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( يَا غُلامُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ ).
فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ. متفق عليه.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: ( ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ الله). رَوَاهُ أَبُو دَاوُد [ وحسنه الألباني ].
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ). أخرجه مسلم.
قال الصنعاني في كتابه: ( التنوير شرح الجامع الصغير ) (8/ 343):
(كان إذا أفطر قال: ذهب الظمأ) مهموز مقصور العطش.
(وابتلت العروق) خص ذهاب الظمأ مع أنه قد ذهب الجوع؛ لأن الالتذاذ بالماء في البلاد الحارة كالمدينة ومكة أشد؛ ولأنه أول ما يفطرون به والإخبار بذلك شكرًا على النعمة بإنالة المستلذ بعد المنع عنه شرعًا.
(وثبت الأجر) على الصوم، لا يقال : كان الأولى تقديم ثبوت الأجر، لأنا نقول: قدم ما قد تحقق حصوله من الأمرين وتيقن، وثبوت الأجر متوقف على مشيئة الله ولذا قال:
(إن شاء الله) أو لأنه سلك طريقه الترقي وفيه أن العبد لا يثق ولا يقطع بحصول الأجر على فعل من أفعال البر ويحتمل أن التقييد للثبوت لا لنفس حصول الأجر فإنه قد يحصل ثم تعقبه ما يبطله. اهـ
من لم يجد شيئًا يفطر عليه من مأكول أو مشروب، فإنه ينوي الفطر بقلبه.
استحباب تفطير الصائمين .
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: ( مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شيئا ). رواه الترمذي وغيره، [وصححه الألباني]
وفي فتاوى الإسلام سؤال وجواب (ص: 890):
قال شيخ الإسلام : والمراد بتفطيره أن يشبعه. ا.هـ الاختيارات ص 94.
وقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويرونه من أفضل العبادات.
وقد قال بعض السلف : لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعامًا يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل … الخ . اهـ من كلام ابن عثيمين.
وفي مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (20/ 93) :
سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ورد في الحديث: (من فطر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا )، فهل يكفي في ذلك تقديم الماء والتمر فقط؟
فأجاب فضيلته بقوله: اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ في ذلك. فقيل: المراد من فطره على أدنى ما يفطر به الصائم ولو بتمرة.
وقال بعض العلماء: المراد أن يشبعه؛ لأن هذا هو الذي ينفع الصائم في ليلته، وربما يستغني به عن السحور.
ولكن ظاهر الحديث أنه إذا فطر صائمًا ولو بتمرة واحدة فإن له مثل أجره، ولهذا ينبغي للإنسان أن يحرص على تفطير الصوام بقدر المستطاع، لاسيما مع حاجتهم وفقرهم. اهـ
الدعاء لمن فطرك بأي دعاء :
عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ جَاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ، فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : ( أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ )، [أخرجه أبو داود وغيره وصححه الألباني].
التحذير من الفطر قبل وقته :
عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ:
( بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بضُبْعَيَّ فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا فَقَالَا لِي: اصْعَدْ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ شَدِيدٍ فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ؟ قَالَ: هَذَا عُواء أَهْلِ النَّارِ ثُمَّ انطُلق بِي فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ مُشَقَّقَةً أَشْدَاقُهُمْ تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفطرون قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ … الخ ). [ رواه ابن حبان وغيره ، وصححه الألباني].
والله الموفق .
كتبها : أبو عبد الله أحمد بن ثابت الوصابي
السبت 15 / 9 / 1438 هـ